▪︎ مجلس نيوز
القيادي الواعي يعرف جيدا أن المناصب لا تدوم، لأنه باختصار لو دامت لغيره لم تصل إليه. وهنا تتفاوت مسألة الوعي بين القيادات. منهم من يأتي في اليوم الأول ويخبر فريق عمله أنه في مهمة وراحل، ومنهم من يأتي ليقول أنا الباقي وأنتم الراحلون!
إن أسوأ ما يدمر شخصية وأسلوب القائد حتى إن كان ناجحا، هو ممارسة عبادة الكرسي بشتى الوسائل. وهنا أقترح على منظمة الصحة العالمية إضافة مرض “متلازمة الكرسي” ضمن قائمة الأمراض حالها حال المتلازمات الأخرى، حتى يتمكن العلماء من تشخيص الحالة ثم البدء بمراحل العلاج.
أعجبتني عبارة قالها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، “إذا أحببت الكرسي، لن تملك الشجاعة لاتخاذ قرارات ترفعك وتوصلك إلى الكرسي الذي يليه. وإذا أحببت الكرسي قدمته على قيمك ومبادئك والغاية التي جئت من أجلها، وهي خدمة الناس”. هذه العبارة لها بعد فلسفي إداري عميق، تصلح لأن تكون في كل قرار إداري لأصحاب المناصب، لأنها تضع العمل المؤسسي في مسار الأولوية، والإبداع في طريق المنظمة.
وبما أن الحديث عن الكرسي، تمنيت من المخترعين العباقرة أن يتم تزويد الكراسي بأجهزة تسجيل مخفية ترصد كل الحوارات والحكايات دون أن يعلم بها صاحبها.. ستكون سيرة الكراسي مثيرة وإيجابية لمن سعى لخدمة البشر، بينما مؤلمة لمن أمضى جل وقته بتلميع الكرسي.
لا يحتاج القيادي إلا أن يدرك أن المهمة مؤقتة وقصيرة جدا وأن الإنجازات والبصمات ستبقى حديث الناس، علاوة على أن سيرة القائد ذاته لن تمر مرور الكرام إلا وقد حصدت بساتين من الثناء والدعاء.
بالمختصر، الكرسي وسيلة عابرة لكي يمارس القائد مهامه وواجباته لا أن يمرر غاياته!