▪︎ مجلس نيوز
مالت أسعار النفط الخام إلى التراجع مجددا بعد بيانات عن زيادة مفاجئة في مخزونات البنزين في الولايات المتحدة، ما فاقم من المخاوف على الطلب العالمي على الوقود خاصة في ضوء استمرار ارتفاع الإصابات بمتغير دلتا من فيروس كورونا على المستوى الدولي.
وسجلت الأسعار أطول موجة خسائر منذ شباط (فبراير) من العام الماضي، بعد تراجع لليوم السادس على التوالي، فيما تتأهب مجموعة “أوبك+” لاجتماع شهري حاسم مطلع سبتمبر يراجع مستجدات السوق، ويذهب بعض التوقعات إلى احتمالية تثبيت الإنتاج بسبب التعثر الملحوظ للطلب في ظل تجدد الوضع الوبائي.
ويقول لـ”الاقتصادية” مختصون ومحللون نفطيون “إن المستجدات الحالية للسوق أثبتت سلامة رؤية “أوبك+” بقيادة السعودية وروسيا بضرورة الحذر وانتظار تعاف مستدام ومستقر للطلب”، متوقعين ألا يشهد الاجتماع المقبل أي رغبة من المنتجين في زيادة الإنتاج، خاصة أن الوضع الوبائي شديد التعقيد ومتفاوت في التقييمات.
وفي هذا الإطار، ذكر مفيد ماندرا نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة، أن الشكوك الواسعة المحيطة بالطلب وراء تسجيل أطول موجة خسائر منذ شباط (فبراير) من العام الماضي، معتبرا الخروج منها مرهونا بإحراز تقدم ملموس في السيطرة على استفحال العدوي بمتغير دلتا.
وأضاف أن “ضعف الطلب جاء بالتزامن مع اقتراب نهاية ذروة موسم القيادة في الولايات المتحدة”، مشيرا إلى التأثير السلبي لارتفاع مخزونات البنزين، على الرغم من وجود بيانات مقابلة عن تقلص مخزونات النفط الخام، حيث أشارت التقارير إلى سحب 3.23 مليون برميل من مخزونات الخام التجارية الأمريكية، لكنها لم تفعل الكثير لتعويض تشاؤم المستثمرين.
بدوره، يرى فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة سنام الإيطالية للطاقة أن معنويات السوق ليست في أفضل حالاتها ويغلب عليها الاتجاه الهبوطي، وأن تعثر الطلب مقابل استمرار تعزيز العرض يعزز القلق من استمرار تدهور الأسعار، لافتا إلى أن السوق تركز حاليا بشكل أكبر على توقعات الطلب العالمي خلال الأشهر القليلة المقبلة وتأثيرها في أسعار النفط الخام.
وأشار إلى أن الوضع الوبائي العالمي شديد التعقيد ومتفاوت في التقييمات من جهة إلى أخرى، لكن استمرار انتشار متغير دلتا ينبئ ببقاء منظومة العمل المرتبطة بالوباء ومنها اللقاءات الافتراضية والعمل عن بعد، كما من المرجح أن يؤدي التأخير في الموافقة على اللقاحات للأطفال الأصغر سنا – قبل بدء العام الدراسي – إلى استمرار معاناة الطلب.
من جانبه، قال الكسندر بوجل المستشار في شركة جي بي سي إنرجي الدولية، “إن الطلب الأمريكي تحديدا يواجه ضغوطا واسعة بعدما ظلت أعداد حالات الإصابة بمتغير دلتا مرتفعة بعناد، على الرغم من حملات التطعيم المكثفة والمستمرة في البلاد”.
ولفت إلى أنه في المقابل تظل الزيادات في الإمدادات من مجموعة “أوبك+” محدودة وحذرة وتحت السيطرة والمراجعة المستمرة مع احتمال تعديلها في كل اجتماع شهري للمجموعة، التي تستعد لاجتماع حاسم في مطلع سبتمبر المقبل، بينما تظل إحدى النقاط المضيئة في آفاق الإمدادات النفطية تتمثل في العودة غير المحتملة بشكل متزايد للنفط الإيراني على المدى القريب، نظرا لعدم إحراز تقدم في المحادثات النووية.
بدورها، أوضحت ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة “أفريكان إنجنيرينج” الدولية أن ارتفاع الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى في تسعة أشهر يمثل ضغوطا هائلة على أسعار النفط الخام وفق العلاقة العكسية بينهما، كما أن تحذير منظمة الصحة من انتشار أوسع للوباء في الدول التي تشهد معدلات تطعيم منخفضة أدى إلى آثار سلبية واسعة في الطلب وفي معنويات وتوقعات السوق في الفترة المقبلة، وقاد إلى استمرار نزيف خسائر أسعار النفط.
ولفتت إلى أن اجتماع “أوبك+” المقبل قد يكون مغايرا تماما للاجتماع السابق، وقد لا يشهد ضغوطا من المنتجين والاندفاع نحو تحقيق الرغبة في زيادة الإنتاج، وذلك بعدما أثبتت المستجدات سلامة رؤية “أوبك+” بقيادة السعودية وروسيا بضرورة الحذر وانتظار تعاف مستدام ومستقر للطلب العالمي على النفط الخام.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، انخفض النفط إلى 66 دولارا للبرميل أمس، وهو أدنى مستوى منذ أيار (مايو)، تحت وطأة المخاوف من ضعف الطلب مع زيادة الإصابات بكوفيد – 19 وارتفاع الدولار الأمريكي وقفزة مفاجئة في مخزونات البنزين الأمريكية.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من انتشار سلالة دلتا المتحورة من فيروس كورونا في المناطق التي تتراجع فيها معدلات التطعيم. وارتفعت الوفيات المرتبطة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي.
وكان خام برنت منخفضا 2.10 دولار، بما يعادل 3.1 في المائة إلى 66.13 دولار للبرميل بعدما لامس أدنى مستوياته منذ 21 أيار (مايو).
ونزل خام غرب تكساس الأمريكي الوسيط 2.28 دولار، بما يعادل 3.5 في المائة إلى 63.18 دولار للبرميل بعدما تراجع وصولا إلى 62.96 دولار، وهو أيضا المستوى الأدنى منذ 21 أيار (مايو).
ويتراجع كل من خام برنت والخام الأمريكي منذ ستة أيام متتالية، في أطول سلسلة خسائر منذ هبوط استمر ستة أيام أيضا لعقود الخامين، انتهى في 28 شباط (فبراير) 2020.
وقال نعيم أسلم من شركة أفا تريد للسمسرة “المخاوف من ضعف توقعات الطلب نتيجة لزيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا في مختلف أنحاء العالم أسهمت في الانخفاض”.
وأدى ارتفاع مفاجئ في مخزونات البنزين الأمريكية الأسبوع الماضي أيضا إلى زيادة المخاوف حيال بطء الطلب، خاصة أن صيف نصف الكرة الشمالي هو الوقت الذي يشهد عادة ذروة الطلب على الوقود.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأربعاء “إن مخزونات البنزين ارتفعت 696 ألف برميل إلى 228.2 مليون برميل”، بينما توقع المحللون انخفاضا قدره 1.7 مليون برميل. لكن الإدارة قالت أيضا “إن مخزونات الخام الأمريكية انخفضت 3.2 مليون برميل الأسبوع الماضي إلى 435.5 مليون، وهو المستوى الأدنى منذ كانون الثاني (يناير) 2020.
ويعزز ارتفاع الدولار الضغوط، إذ صعد وسط توقعات بأن يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في تقليص برنامج التحفيز هذا العام. ويجعل ارتفاع الدولار النفط أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى ويؤثر عادة في الأسعار.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 69.42 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 69.40 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق رابع انخفاض له على التوالي، وإن السلة خسرت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 70.52 دولار للبرميل”.