▪︎ مجلس نيوز
قدم خبراء الصندوق أخيرا اقتراحا بشأن توفير لقاح فيروس كورونا لدول العالم كافة، وأيدته منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، يحددون فيه نسبة التطعيم المستهدفة بما لا يقل عن 40 في المائة من سكان كل بلد بنهاية عام 2021، وما لا يقل عن 60 في المائة منهم بحلول منتصف 2022، مع ضمان توافر ما يكفي من أدوات التشخيص والعلاج. وهناك تقدم تم تحقيقه بالفعل على عدة أصعدة، وإن كان ينبغي إعطاؤه دفعة أكبر. كذلك قامت فرقة العمل المعنية بتوفير لقاحات كوفيد – 19 بإطلاق لوحة بيانات مشتركة تهدف إلى التحديد الواضح للثغرات في إتاحة أدوات التصدي لفيروس كوفيد – 19 ومعالجتها على وجه السرعة.
وسيكون على البلدان أيضا أن تبحث كيف يمكن تعبئة الموارد المحلية وتعزيز جودة الإنفاق. فقد فاقمت جائحة كوفيد – 19 حالة التجاذب بين الاحتياجات التنموية الكبيرة والموارد العامة الشحيحة. ولزيادة الإيرادات المطلوبة بشدة، ستحتاج الحكومات إلى تقوية النظم الضريبية. وينطوي ذلك على تحديات خاصة بسبب الضغوط المفروضة على ضرائب الدخل من جراء التنافس الضريبي، ومشكلات تحديد القاعدة الضريبية، وأساليب التخطيط الضريبي المتعسف.
غير أن زيادة الإيرادات أمر ممكن، وسيتعين تحقيقه بصورة تدعم النمو وتولي اهتماما لاعتبارات الشمول. وينبغي للحكومات النظر في تحسين الكفاءة، وتبسيط القوانين الضريبية، والحد من التهرب الضريبي، وزيادة تصاعدية الضريبة. وسيكون من المهم أيضا تعزيز قدرة الدول على تحصيل الضرائب والاستفادة من دور القطاع الخاص. وما دامت الجائحة مستمرة، ينبغي أن تظل سياسة المالية العامة متيقظة وسريعة الاستجابة للظروف دائمة التغير.
ويمكن أن تساعد التحركات الجماعية على تضييق الفجوات. والصندوق الذي أنشأته “خطة الجيل القادم للاتحاد الأوروبي” (NGEU)، الذي تصل نسبة المنح فيه إلى 50 في المائة، كان مصدرا مهما لتمويل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ذات الحيز المالي المحدود. وتمثل إتاحة الدعم من خلال هذه الخطة وانخفاض تكاليف الاقتراض عاملين حاسمين في تفسير انعدام التباعد المتوقع بين مسارات الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة في الاتحاد الأوروبي.
وبالتالي، سيكون على المجتمع الدولي القيام بدور رئيس في تأمين التمويل للبلدان الأشد ضعفا. وسيتيح التوزيع العام المقرر أن يجريه الصندوق لما يعادل 650 مليار دولار من مخصصات حقوق السحب الخاصة الذي تمت الموافقة عليه أخيرا مصدرا تستمد منه البلدان هوامش سيولة إضافية ويساعدها على التعامل مع ما يواجهها من مفاضلات صعبة بين السياسات. وسيكون تحويل جانب من مخصصات حقوق السحب الخاصة من البلدان الثرية إلى البلدان النامية وسيلة أخرى لتعزيز هذا الدعم. ويتواصل الصندوق حاليا مع بلدانه الأعضاء بشأن تسهيل تمويلي جديد – هو “الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة” – يهدف إلى مساعدة الاقتصادات الصاعدة والنامية على التصدي لتحديات تغير المناخ وبناء اقتصادات تتسم بالصلابة. غير أن هذه المساعدات لا تكفي وحدها، بل إن الأمر سيتطلب مصادر دعم أخرى من المانحين.
وإحدى الدلائل المشجعة في هذا الصدد ذلك الاتفاق التاريخي بشأن ضرائب الشركات الدولية الذي أيده عدد يتجاوز 130 بلدا عضوا. ويشمل الاتفاق حدا أدنى لضرائب دخل الشركات لا يقل عن 15 في المائة. وسيؤدي هذا الاتفاق إلى وقف التسابق إلى تطبيق أدنى المعدلات الضريبية على الشركات الدولية. ومن الضروري الانتهاء من وضع التفاصيل حتى يساعد الاتفاق على توفير الموارد للاستثمارات الحيوية في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية والإنفاق الاجتماعي في البلدان النامية.
إن هذه الدلالة الواعدة تشير إلى وجود فرصة سانحة. والإلحاح الذي تتسم به التحديات العالمية – كوفيد – 19، وتغير المناخ، والتنمية الاحتوائية – يتطلب تحركا عالميا. وتمثل هذه لحظة تاريخية حاسمة. وينبغي أن يكون 2021 هو عام تضافر الهمم.