▪︎ مجلس نيوز
من الأولويات ذات الصلة لضمان احتفاظ الاقتصادات التي تعاني قيودا مالية بإمكانية الوصول إلى السيولة الدولية. فينبغي للبنوك المركزية الكبرى الإفصاح بوضوح عن توقعاتها للسياسة النقدية وضمان ألا تتسبب المخاوف من التضخم في سرعة تشديد الأوضاع المالية. وينبغي التعجيل بتنفيذ توزيع عام لمخصصات من حقوق السحب الخاصة تعادل 650 مليار دولار “منها 250 مليار دولار لاقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية”، كما اقترح الصندوق، لإتاحة هوامش سيولة للدول الأعضاء ومساعدتها على معالجة احتياجات الإنفاق الضرورية. ويمكن تعزيز هذا الأثر الداعم إذا تطوعت الدول الثرية بتوجيه مخصصاتها من حقوق السحب الخاصة لاقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية. وأخيرا، هناك حاجة إلى تحرك أقوى يضمن نجاح الإطار المشترك الذي وضعته مجموعة العشرين في تحقيق إعادة هيكلة الديون للدول التي تجاوزت ديونها بالفعل الحدود المستدامة.
أما التحدي المشترك الآخر، فهو تخفيض انبعاثات الكربون وإبطاء وتيرة الارتفاع في درجات الحرارة العالمية لتجنب نتائج صحية واقتصادية كارثية. وسيتطلب الأمر استراتيجية متعددة الأبعاد تتمحور حول تسعير الكربون. فينبغي استخدام الإيرادات التي تحققها آليات تسعير الكربون في تمويل تحويلات تعويضية للمتضررين من التحول في مصادر الطاقة. وبالتوازي مع ذلك، هناك حاجة إلى إعطاء دفعة للبنية التحتية الخضراء وتوجيه الدعم المالي للبحوث المتعلقة بالتكنولوجيات الخضراء بغية التعجيل بخفض الاعتماد على الكربون. حتى الآن شكل التمويل المقدم للأنشطة منخفضة الكربون 18 في المائة فقط من الإنفاق المخصص للتعافي.
وحول السياسات المطلوبة على المستوى الوطني لتعزيز الجهود متعددة الأطراف الرامية إلى تأمين التعافي فينبغي مواصلة وضع الجهود المبذولة على مستوى السياسات الوطنية في الصيغة الملائمة لمرحلة الجائحة التي يمر بها كل بلد:
– أولا: الإفلات من الأزمة الحادة بإعطاء أولوية للإنفاق الصحي، بما في ذلك عمليات التطعيم، والدعم الموجه للأسر والشركات المتضررة.
– ثانيا: تأمين التعافي بزيادة التركيز على توسيع نطاق الدعم المالي والنقدي حسب الإمكانات المتاحة، بما في ذلك اتخاذ تدابير علاجية لتعويض الخسارة في مجال التعليم، ومساندة جهود إعادة توزيع العمالة ورأس المال على القطاعات المتنامية عن طريق دعم التشغيل بصورة موجهة واعتماد آليات تتسم بالكفاءة في تسوية حالات الإفلاس.
– أخيرا: الاستثمار في المستقبل بالتقدم في تحقيق أهداف المدى الطويل التي تتمثل في رفع الطاقة الإنتاجية، وتسريع التحول إلى درجة أقل من الاعتماد على الكربون، والاستفادة من مزايا الرقمنة، وضمان التوزيع العادل للمكاسب المحقة.
وينبغي أن ترتكز إجراءات المالية العامة على إطار معقول للمالية العامة في المدى المتوسط لضمان بقاء الدين في حدود مستدامة. وبالنسبة لكثير من الدول سينطوي هذا على تحسين الطاقة الضريبية، وزيادة تصاعدية الضرائب، وإلغاء النفقات المهدرة للموارد. وفي هذا السياق، ستحتاج الدول النامية منخفضة الدخل أيضا إلى دعم دولي قوي.
وينبغي أن تتجنب البنوك المركزية تشديد السياسات على نحو سابق لأوانه عند مواجهة ضغوط تضخمية عابرة، وأن تستعد للتحرك السريع إذا بدا أن توقعات التضخم خرجت من دائرة الثبات. وينبغي للأسواق الصاعدة أيضا أن تستعد لاحتمالات تشديد الأوضاع المالية الخارجية، وذلك بإطالة آجال استحقاق الديون حيثما أمكن ذلك، والحد من تراكم الدين المقوم بالعملات الأجنبية غير المغطى من المخاطر.
وسيظل التعافي غير مضمون إلى أن يتم دحر الجائحة على مستوى العالم. والإجراءات المتضافرة والموجهة بدقة على المستويين متعدد الأطراف والوطني يمكن أن تكون الخط الفاصل بين مستقبل ينعم فيه كل الاقتصادات بتعاف دائم ومستقبل تتكثف فيه التفاوتات، فيصبح الفقراء أكثر فقرا وتتزايد القلاقل الاجتماعية والتوترات الجغرافية – السياسية.