▪︎ مجلس نيوز
عندما تعثرت سيدة الأعمال الأكثر شهرة في البرازيل وسقطت أمام الكاميرات أثناء حمل الشعلة الأولمبية عبر بلدتها قبيل أولمبياد ريو 2016، كان لدى المتسوقين في جميع أنحاء البلاد سبب للابتهاج.
“سقطت دونا لويزا، لكنها بخير”، هكذا غردت فيما بعد سلسلة متاجر التجزئة “لويزا” التابعة لها، حيث أعلنت تخفيضات جديدة: “الآن انخفضت الأسعار أيضا!”.
في هذه الأثناء، تعاملت لويزا تراجانو مع الانتكاسة تماما كما واجهتها مع عدد لا يحصى من العقبات الأخرى في حياتها: لملمت جماع نفسها واستمرت وكأن شيئا لم يحدث.
هذا العزم والتصميم ساعد تراجانو، وهي طفلة وحيدة من مدينة مشهورة بصناعة الأحذية في أعماق ولاية ساو باولو، على الصعود من مساعدة مبيعات بدوام جزئي في متجر العائلة، لتصبح رئيسا للشركة القوية للبيع بالتجزئة، ثم رئيسة لمجلس إدارتها، في الشركة التي تقدر قيمتها بأكثر من 23 مليار دولار، بما لديها من 1310 متاجر و47 ألف موظف.
على طول الطريق، أصبحت مدافعة قوية عن حقوق المرأة والمساواة العرقية، فضلا عن كونها واحدة من أغنى نساء أمريكا اللاتينية. تقول تراجانو: “أنا ممتنة جدا لأنني ترعرعت على أيدي نساء حازمات. لأنني ولدت في مهد سيدات صاحبات مشاريع، شعرت بأن لدي مهمة لمساعدة النساء الأخريات على تعلم الفوز”.
تراجانو (69 عاما) تنسب الفضل في نجاحها في العمل إلى قدرتها على وضع نفسها في مكان الآخرين والمساعدة على حل مشكلاتهم. تقول: “أنشأتني والدتي على التفكير في الحلول. عندما اعتدت على العودة إلى المنزل من المدرسة قائلة إن المعلم قد فعل شيئا معي، كانت تجيب: “ماذا ستفعلين حتى يقبلك المعلم؟”.
في الـ17 من عمرها، بدأت العمل في متجر العائلة في مدينة فرانكا، وهي مدينة صناعية مزدهرة على بعد 300 كيلومتر تقريبا شمال ساو باولو، خلال العطلات المدرسية، لكسب المال لشراء هدايا عيد الميلاد.
تقول: “اكتشفت أنني أمتلك موهبة في التعامل مع الناس. هذا ما تدور حوله المبيعات… تعلمت أنه لكي أبيع أن أدخل عالم الناس الآخرين لأفهم كيف يعيشون، ومقدار دخلهم”.
ابتداء من السبعينيات، بدأت متاجر لويزا توسعا مطردا ونمت مسيرة تراجانو المهنية معها. في عام 1991، عندما تولت المنصب الأعلى، كانت الشركة لا تزال سلسلة مملوكة لعائلة تحمل اسم خالتها مع بضعة عشرات من المتاجر في المناطق الداخلية من ولايتي ساو باولو وميناس جيرايس. انتقلت بسرعة إلى الإدارة المهنية وإدخال أفكار جديدة.
كانت التسعينيات صعبة على شركات التجزئة البرازيلية. الركود والتضخم المرتفع كان يقضم من الأرباح وأغلقت كثير من المتاجر. تم الاتصال بتراجانو من قبل رؤساء بلديات المدن الصغيرة الذين فقدوا متجرهم الكبير الوحيد، وطالبوها بفتح فرع لماجالو، كما تعرف سلسلتها. كيف يمكنها أن تفعل ذلك بشكل مربح؟
كان الحل الذي توصلت إليه هو “المتجر الإلكتروني” – وهو نموذج أولي للبيع عبر وسائل الاتصال قبل الإنترنت. متاجر لويزا افتتحت متاجر صغيرة في مدن أقل ربحية مع عدد قليل فقط من الموظفين ولا يوجد مخزون معروض. يتم تقديم المشورة للمتسوقين في المتجر وتعرض مجموعة منتجات الشركة من السلع البيضاء والإلكترونيات الاستهلاكية والهدايا والأثاث على مقاطع فيديو VHS. يتم تسليم الطلبات إلى المنازل. أحب العملاء ذلك.
كما شقت الشركة مسارا في ممارسات التوظيف، حيث قدمت برامج تدريبية ومزايا شاملة للموظفين وقواعد صارمة لمكافحة التمييز.
تقول تراجانو: “تم التصويت لنا من بين أفضل خمس شركات للعمل في البرازيل لمدة 23 عاما”. من بين المزايا التي تقدمها متاجر لويزا مبلغ إضافي شهري للموظفين الذين لديهم أطفال صغار، إضافة إلى الخطط الصحية والتأمين على الحياة والقروض وخط مساعدة للنساء اللائي يعانين العنف المنزلي.
كانت التكنولوجيا أيضا أولوية. كلفت تراجانو ابنها فيديريكو، الذي تلقى تعليمه في كلية لإدارة الأعمال، بإنشاء مبيعات إلكترونية داخل الشركة في عام 2001، عندما كان المنافسون البرازيليون يطلقون وحدات مستقلة على الإنترنت. واصلت متاجر لويزا الاستثمار في المتاجر الفعلية، حيث تم إطلاقها في العاصمة التجارية البرازيلية ساو باولو في عام 2008 من خلال 50 متجرا جديدا.
التزامها بنموذج القناة المشتركة خدم الشركة جيدا. الخدمات اللوجستية مكلفة في البرازيل، وقد سمح مفهوم لويزا للبيع عبر الإنترنت واستخدام المتاجر الفعلية للتسليم بتحويل الأرباح التي حرمت منها الشركات المنافسة عبر الإنترنت فقط.
تقول: “تعرضنا لضغوط شديدة للغاية، حتى لضغوط أكثر أكثر بعد تعويمنا في سوق الأسهم في عام 2011… لفصل قسم الإنترنت عن المتاجر الفعلية. أشكر عائلتي، التي كانت تمتلك 84 في المائة من الأسهم في ذلك الوقت، لم يسألوا قط لماذا كانت الأسهم منخفضة جدا”. لا تزال العائلتان المساهمتان الأصليتان تمتلكان 58 في المائة من الأسهم، وتبلغ قيمة حصة تراجانو البالغة 17 في المائة الآن أكثر من أربعة مليارات دولار، وفقا لمجلة “فوربس”.
انطلاقا من اهتمام تراجانو القوي بالقضايا الاجتماعية، أنشأت Mulheres do Brasil، وهي شبكة نسائية على مستوى البرازيل في عام 2013 لتعزيز تمكين المرأة. بعد ثلاثة أعوام، تنحت عن العمل اليومي لمتاجر لويزا لكي تتفرغ لرئاسة مجلس الإدارة وتقضي مزيدا من الوقت في المشاريع الاجتماعية.
تراجانو غير نادمة عن دفاعها عن نظام الحصص لزيادة نسبة النساء في مجالس إدارات الشركات من مستواها الحالي البالغ 7 في المائة في البرازيل. وتقول: “حتى قبل عامين أو ثلاثة أعوام، لم تكن النساء حتى يفكرن في عضوية مجالس الإدارات، ولم تكن لديهن أي فرصة. يمكنك التحدث عن الجدارة فقط عندما تكون هناك فرص للجميع”.
قادها التفكير نفسه نحو زيادة التنوع العرقي في ماجالو. وهي تعتقد بأن مقتل جورج فلويد على يد أحد أفراد الشرطة في الولايات المتحدة العام الماضي كان له تأثير عميق في البرازيل، التي كانت من بين الدول الأخيرة في العالم الغربي التي ألغت العبودية. وتقول: “أثرت تلك الدقائق الثماني من الاختناق في رجال الأعمال والسلطات بعمق”.
أعلنت متاجر لويزا في العام الماضي أنها ستحجز جميع الأماكن في برنامج التدريب في الدراسات العليا المطلوب بشدة للمتقدمين السود في محاولة لتطوير كبار المديرين السود في المستقبل. على الرغم من الاتهامات على وسائل التواصل الاجتماعي بالعنصرية العكسية، مضت الشركة واختارت 20 متدربا من السود من بين نحو 20 ألف متقدم: وحذت الشركات الأخرى حذوها.
توضح تراجانو أن “البرازيل عانت 400 عام من العبودية. العبودية لم تترك إرثا ماليا فحسب، بل تركت أيضا إرثا عاطفيا. لم يشعر الناس أن البلد ملكهم… لقد كان إرثا خطيرا للغاية من العبودية والطريقة السيئة للغاية التي تم بها الإلغاء (…) كان يلقى بالناس في الشارع دون طعام، أو عمل، أو منزل، أو تعليم، أو نقود”.
في الآونة الأخيرة، أطلقت تراجانو مبادرة تسمى United for Vaccine لجمع الأموال للمساعدة على تسريع التطعيم في بلد فيه ثاني أكبر عدد من الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في العالم. شهرتها وشعبيتها دفعت البعض في البرازيل إلى اقتراح ترشحها للرئاسة العام المقبل، وهي فكرة تستبعدها تراجانو تماما.
تقول: “أنا سياسية من حيث إن لدي مجموعة من نحو 100 ألف امرأة يرغبن في أن يصبحن أكبر منظمة غير حزبية في البرازيل. 100 ألف شخص يتحدثون اللغة نفسها على الرغم من التفكير بشكل مختلف. أنا أؤمن بتحويل البلد من خلال مجتمع مدني منظم وعازم”.
ثلاثة أسئلة للويزا تراجانو:
من بطل قيادتك؟
كانت عمتي قائدة قوية للغاية، مهتمة جدا بالقضايا الاجتماعية. تبرعت بمستشفى السرطان للمدينة. لكن ليس لدي بطل واحد. لطالما ألهمني عدد من الأشخاص.
إذا لم تكوني قائدة/ تنفيذية، فماذا ستكونين؟
كنت أود أن أكون طبيبة نفسية.
ما أول درس في القيادة تعلمته؟
تعلمت التعاطف. التعاطف هو أن تغير مكانك وتجلس مكان الشخص الآخر، وأن تكون في عالمه.