▪︎ مجلس نيوز
مرّ الربع الأول من عام 2024 وسوق الأسهم السعودي مستمرٌ في طريقه نحو التعافي بعد مرحلة كوفيد-19 التي ضربت العالم كله بلا استثناء، وأظهر ثباته الإيجابي في ظل محيط إقليمي ودولي مليء بالتحديات الاقتصادية والسياسية، وبالرغم من جودة مؤشرات عدة قطاعات في السوق في هذه الفترة، إلا أن المستثمر الواعي – وإن كان متفائلا بسنة استثمارية جيدة – تظل مراقبته مستمرة لما يدور حوله، وقدرته على القراءة جيدا والتحرك تباعاً هو ما يميزه للوصول لقرارات مستنيرة في المستقبل.
يترقب المستثمر الحكيم ملفات قضايا دولية متنوعة، فالإشارات المبثوثة منها مهمة له أثناء تقييمه لمدى تأثره بها أو على الشركات المدرجة ومن ثمّ يكون قراره الاستثماري، فعلى سبيل المثال – ملف المفاوضات المستمرة حول الاتفاق النووي الإيراني ومدى تأثيره على استقرار المنطقة، فإذا ما تم التوصل إلى اتفاق شامل في هذا الموضوع، ستكون النتيجة زيادة مضطردة للاستثمارات الأجنبية في منطقة الخليج وخاصة المملكة، وهنا تكون الحسابات عنده مختلفة عن مستثمر يعتمد على اللونين الأخضر والأحمر أو مدعي التحليل والخبرة على مواقع التواصل في التعاطي مع السوق.
كما أن النزاعات الجيوسياسية في العالم تضع أمن الدول واستقرار أسواقها على قارعة طريق غير معبد، لذلك يراقب المستثمر المحترف وعن كثب لكل التطورات في هذا الخصوص، التي يمكن للتوترات الناتجة عنها أن تؤدي إلى تقلبات في السوق وفي أي لحظة، خاصة إذا ما لمست هذه الأحداث أسعار المواد الخام وسلاسل الإمداد والتي ستؤثر على أسعار أسهم شركات أو قطاعات معينة.
أما النفط وأسعاره فمثال واقعي جدا، خاصة مع نمو الطلب عليه، فقد يؤدي ارتفاع الطلب إلى زيادة أسعار النفط، مما يفيد وبشكل مباشر شركات معينة مدرجة، ولكن قد تتعرض الأسعار لضغوطات شديدة نتيجة تخمة العرض أو تباطؤ نمو اقتصادي أو لمسبب سياسي مثل الانتخابات الرئاسية في دول عالية الاستهلاك، كما أن أي تعديلات على حصص الإنتاج له تأثيره بشكل كبير على الأسعار، وهذا ما يجعل هذا المستثمر يراقب عن كثب اجتماعات “أوبك+” والإعلانات المتعلقة بها.
الأحداث الدولية عديدة ومتنوعة ما بين اقتصادية وسياسية واجتماعية وعلمية، ويمكن لها أن تؤثر على الأسهم المدرجة أو القطاعات، فكما أن أداء قطاع النفط عرضة للتأثر بسبب عدم استقرار أسعاره وخطط التوسع أو الإحجام في الاعتماد عليه دوليا في إنتاج الطاقة، فإن الأمر كذلك لقطاع البنوك وتأثر أداءه نتيجة احتمالية حدوث تغير في نسب الفائدة، ولا تنسل شركات الاتصالات من المراقبة عن كثب من خلال التحول الرقمي العالمي ومدى تجاوب واستفادة هذا القطاع مما يحصل، وأيضا قطاع البناء وتطوير البنية التحتية مع الاستمرار الجريء لمشروعات التطوير في المملكة، وغيرها من قطاعات وشركات.
سوق الأسهم السعودي من أهم الأسواق الدولية الواعدة، وبالرغم من قوته وسيره بخطى واثقة، يستمر المستثمر الحكيم فيه – وضمن منظومته التحليلية للسوق – يتابع عن كثب الأحداث العالمية التي يمكن أن يكون لها تأثيرها بشكل ما على قراره الاستثماري، فالمستثمر الحقيقي ليس جُل همه هو مكسب الفتات الآني، ولكن المستقبل هو ما يخطط له.