▪︎ مجلس نيوز
سأبدأ المقال بقصة متكررة بين شركاء الشركات تنتهي بهم إلى أروقة المحاكم ومكاتب المحاماة ملخصها أن يتفق مجموعة أِشخاص على إنشاء شركة مثل إنشاء مصنع فيقوم أحدهم بشراء معدات ويستأجر الأرض التي سيقام عليها المصنع ويتعاقد مع موظفين لتشغيله ويقدم على التراخيص النظامية التي تستغرق وقتا لاستخراجها وكل هذا يقوم به هذا الشريك بصفته الشخصية نيابة عن الشركة أثناء تأسيسها فخلال هذه المدة وقبل استكمال إجراءات تأسيس الشركة وقبل قيدها لدى السجل التجاري قد يعتذر كل شركاؤه أو بعضهم من الاستمرار في هذه الشركة ويرفضون دفع حصصهم لدفع النفقات اللازمة لتأسيس هذا المشروع، وبما أن كل التعاقدات التي أبرمت لتأسيس هذا المشروع هم ليسوا طرفا فيها فيصبح من أبرم هذه العقود هو المسائل عنها والمطالب بسداد كافة ما ترتب عليها والمستند في ذلك هو بناء على الفقرة 3 من المادة 9 من نظام الشركات، فسيدفع هذا الشخص من حسابه الشخصي وسيكون مسؤول عنها في جميع أمواله عن أي مبلغ نتج عن تعاقداته باسم الشركة وهي تحت التأسيس ولو زاد عن مبلغ حصته من الشركة ولو زاد عن مقدار رأس مال الشركة كاملا في حال أخفقوا في تأسيس الشركة وهذا الأمر يحصل كثيرا ومما يزيد الأمر سوءًا أن تكون الاتفاقية كلها شفاهه فلا يكون مع من بذل وأنفق وسعى لتأسيس هذه الشركة سوى وعود خاوية ليس معه شيء ليثبتها لا سيما مع جحودهم فسيجد صعوبة في إثبات أنهم شركائه ومن ثم مشاركتهم له في تحمل نصيبهم لذا حرصت على التوعية بهذا الجانب المغفول عنه.
أشير إلى أن الثغرة بالقصة السابقة يعالجها العقد الأولي مع مجموعة أخرى من الثغرات الجسيمة والقصة السابقة إنما هي للتمثيل فقط لا الحصر فنفس هذه الثغرة تقع في أي مشروع آخر مهما كان صغير أو كبير.
فإذا أطلقت الوقاية القانونية للشركات فالكثير يفهم أنها إنما تكون بعد إنشاء وإطلاق المشروع التجاري وبعد ممارسة الشركة لنشاطها، وهذا فهم خاطئ وسلوك تجاري ينتابه القصور والخلل، ولأجل إيضاح هذا المفهوم ورفع الوعي به مع بيان أثر تطبيقه سأشرح فيه طرق الوقاية القانونية السابقة للشركات وأول هذه الأساليب هو العقد الأولي ولا أقصد به العقد الأساسي للشركة بل هو عقد سابق له وينص فيه على أمور عديدة منها:
- الغرض من هذا العقد لإنشاء شركة (ويكتب نوع النشاط واسم الشركة إن أمكن).
- مدة العقد الأولي مثلاً سنة، سنتين، ويمدد وفقا لشروط محددة وتكون الموافقة وفق آلية معينة.
- إذا مضت سنة من العقد الأولي والشركة لم تستوف إجراءات التأسيس في نظام الشركات، فلا يطالب أي شريك آخر بدفع حصته من رأس المال إلا في حال تمديد العقد وفقا للفقرة الثانية أعلاه.
- ينص فيه على الأعمال المناطة لكل شريك حتى تأسيس هذه الشركة، وهل كل حصص الشركاء عمل أو مال أو عينية؟، وما هي طريقة تقييم الحصص التي ليست مال؟، وما غرامة تخلف الشريك عن دفع نصيبه من رأس مال الشركة؟، وهل يحق للشركاء مطالبة الشريك الذي لم يفي بالتعويض لقاء ذلك أم لا؟
- بيان حدود ومقدار صلاحية من سيتولى تأسيس الشركة سواء شخص أو مجموعة أشخاص.
- أن تكاليف تأسيس الشركة مقسمة على جميع الشركاء كلٌ بحسب مقدار حصته من الشركة سواء أنشئت الشركة أم لا، حتى لو انسحب أي شريك قبل استكمال التأسيس فسيتحمل نصيبه من كلفة التأسيس هو أو الذي سيحل مكانه.
- ما سبق أمثلة وليست لحصر التفاصيل والشروط التي يُنص عليها في العقد الأولي، لكونه يشتمل على تفاصيل كثيرة لابد من كتابتها بعناية لكي توافق وتناسب نشاط الشركة المزمع تأسيسها وهذا يتطلب التأني عند صياغتها وقبل الموافقة عليها.
فإذا علم الإنسان قبل دخوله كشريك في أي تجارة أن إعماله ما سبق يحميه ويجنبه ثغرات قانونية عديدة، كان عليه الاهتمام بالوقاية القانونية السابقة، فالعاقل من وعظ بغيره.
فالعقد الأولي درع حماية لذات الشريك قبل دخوله في أي شركة
كما أن العقد الأولي يعطي الشركة متانة وحصانة من مخاطر جسيمة.
عنوان المقال القادم بإذن الله الوقاية القانونية للشركات (3) الوقاية السابقة (2)