▪︎ مجلس نيوز
بداية، أود أن أشكر الله تعالى على نعمة السعودية، ونعمة قيادتنا، ونعمة شعب عظيم يهيم حبا في وطنه ويجسد أبهى صور التلاحم والتفاؤل والطموح. لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الأسبوع الماضي، لم يكن لقاء عابرا، ولم يكن ظهورا عاديا، بل كان ظهورا استثنائيا وخريطة طريق نحو المستقبل واضحة المعالم، يحفها الشغف والطموح والإصرار. قبل كل ذلك، الأرقام كانت سيدة الموقف، ولغة الإنجاز هي من تتحدث، وهل هناك أبلغ وأصدق من لغة الأرقام؟ رؤية 2030 وعرابها ولي العهد، أطلقت العنان للطاقات والإبداعات الوطنية، ورفعت سقف طموحنا كمواطنين بمستقبل أكثر إشراقا لأبنائنا ومستقبل الوطن في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. السعودية منذ انطلاق “الرؤية” تحولت إلى ورشة عمل كبيرة من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، لا مكان فيها إلا للأكفاء والأكفاء فقط، وهذه حقيقة جلية يراها يقينا كل منصف.
قبل خمسة أعوام، وصف ولي العهد، حال الدولة بأنها حالة إدمان نفطية، وبسبب هذه الحالة أصبح هناك ما يشبه التعطيل للتنمية، وهذا هو الخطر الحقيقي على مستقبل الوطن ونموه، حيث كان هناك انطباع أن النفط سيتكفل بكل احتياجات المملكة، وهذا صحيح في الثلاثينيات والأربعينيات الميلادية عندما كان سكان المملكة أقل من ثلاثة ملايين نسمة. التحرر من النفط إحدى ركائز “الرؤية” الرئيسة وهو لا يعني – كما أوضحت سابقا – التخلص منه، إنما تقليل الاعتماد عليه في الإيرادات. فكما ذكر ولي العهد، في لقائه، أننا نريد أكثر من برميل نفط.
هذا يعني أن السعودية تسعى بكل قوة إلى استغلال جميع الموارد والفرص المتاحة بكفاءة عالية أسوة باستغلالها نعمة النفط، وهذا عين تنويع مصادر الدخل وأساس التحرر من النفط. هناك فرص كثيرة في قطاعات مختلفة، منها قطاع التعدين والسياحة والخدمات وسلاسل الإمداد وجذب الاستثمار.
خلال الأعوام الخمسة الماضية، ومنذ انطلاق “الرؤية”، قطعت السعودية شوطا كبيرا جدا في النمو الاقتصادي في القطاع غير النفطي، الذي بلغ 4.5 في المائة في الربع الرابع من عام 2019، ولولا جائحة كورونا وآثارها القوية في العالم كله، لبلغ النمو نحو 5 في المائة – بحول الله وقوته، حيث ارتفعت الإيرادات غير النفطية من 166 إلى 350 مليار ريال. رفع كفاءة استخراج النفط وكذلك استهلاكه، سيعود بالنفع الكبير على اقتصاد الوطن، فالأول يقلل تكلفة إنتاج النفط، والثاني يتيح لنا استغلال كل برميل نفط يتم توفيره استغلالا أمثل بتصديره أو توجيهه إلى الصناعات التكريرية والتحويلية.
أود أن أشير هنا إلى أن التحرر من النفط لا يعني انكماش صناعته، ولا يوجد في اعتقادي أي تعارض بين تنويع مصادر الدخل والتوسع في صناعة النفط بأقسامه الرئيسة الثلاثة، وهي صناعة المنبع والصناعة الوسيطة وصناعة المصب. فصناعة النفط ليست حكرا على استخراجه فقط، بل أرى أن التركيز على ما بعد صناعة المنبع، خصوصا صناعة المصب خيار استراتيجي مهم ومجد اقتصاديا – بإذن الله – على المدى البعيد كذلك.
ختاما، أجدد ثنائي وشكري لله – تعالى – على وطن ليس كمثله وطن، وقيادة ليس كمثلها قيادة، وشعب عظيم شمر عن ساعديه لبناء المستقبل بكل شغف وإصرار.