▪︎ مجلس نيوز
يفتح الاقتصاد الرقمي آفاقا جديدة للتقدم ونمو الناتج الإجمالي، كما أنه يصنع فرص عمل ووظائف متنوعة جديدة في ظل التحول السريع الذي يشهده العالم في هذا الاتجاه المتطور. ويرتكز الاقتصاد الرقمي اليوم بشكل أساس على البنى التحتية للحوسبة السحابية، في ظل التقدم التكنولوجي الهائل على مستوى العالم. وتعد البنى التحتية السحابية مجموعة من الخدمات والأدوات عبر الإنترنت، تمكن عديدا من المؤسسات الحكومية والشركات من تنفيذ أعمالها عن بعد وقتما يتطلب العمل والظروف ذلك.
وفي تقرير نشرته “الاقتصادية”، فإن النفقات العالمية على الحوسبة السحابية بلغت مستويات قياسية جديدة في الربع الأول من العام الحالي، وتخطت للمرة الأولى عتبة الـ40 مليار دولار، في ظل الطفرة الكبيرة لها منذ بدء الجائحة. كما أظهر التقرير أن الشركات والمؤسسات التي تستخدم الخوادم وخدمات معالجة البيانات، أنفقت 41.8 مليار دولار بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس)، بازدياد 35 في المائة، مقارنة بالفترة عينها من العام الماضي.
وتشير التقارير والدراسات إلى أن الاقتصاد الرقمي حقق نموا في ظل الجائحة وحافظ على الوظائف عموما، لكنه كان مرتكزا في نموه على الحوسبة السحابية، التي توفر مساحات تخزين وإيواء المنصات الرقمية والتطبيقات. فمثلا، تمتعت تطبيقات خدمات التوصيل والتنقل بكثير من المزايا خلال أوقات الإغلاق والتشدد في الإجراءات الاحترازية، كما شهدت التجارة الإلكترونية ازدهارا ملحوظا مع تنامي العمل عن بعد، وذلك عبر التطبيقات الترفيهية، والبث التدفقي وألعاب الفيديو.
لكن الحوسبة السحابية لا تقتصر على هذه الخدمات فقط، بل هي تقدم أيضا خدمات ذكاء اصطناعي باستغلال قواعد بياناتها، وكل هذه الخدمات تعتمد على أنظمة الحوسبة السحابية. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من التفاصيل من أجل تحديد الخدمات السحابية، حيث حدد المعهد الوطني الأمريكي للمعايير والتكنولوجيا، خمس “خصائص أساسية” للحوسبة السحابية، هي الخدمة الذاتية بناء على الطلب، حيث يمكن للمستهلك الحصول على إمكانات الحوسبة من جانب واحد حسب الحاجة تلقائيا دون الحاجة إلى تفاعل بشري مع مقدم خدمة، وكذلك وصول واسع للشبكة ومواردها مع إمكانية توفير هذه الموارد لعديد من المستهلكين مع المرونة المتسارعة، والخدمة القابلة للقياس بدقة، وهذا ما منح المنظمات التي تعتمد على الخدمات الرقمية فرصة تقديم خدماتها بسهولة عبر وجودها في الإنترنت.
لكن من الواضح جدا أن هذه السوق الضخمة والمتشعبة، تتركز بشكل كبير في أيدي عدد قليل من الشركات العملاقة، فقد نشرت تقارير تؤكد سيطرة وحدة “أيه دبليو إس”، للحوسبة السحابية التابعة لمجموعة “أمازون” العملاقة في التجارة الإلكترونية، على 32 في المائة من حصص السوق، تنافسها وحدة “أزور”، للحوسبة السحابية التابعة لـ”مايكروسوفت”، المسيطرة على نحو 19 في المائة، فيما حققت “جوجل كلاود” استحواذا بنحو 7 في المائة، من حصص السوق، وهذا أنشأ أسئلة كثيرة بشأن الضرائب على هذه الشركات. فمجموعة الدول الصناعية السبع دعت إلى الاتفاق على نهج مشترك لفرض الضرائب على شركات الإنترنت العملاقة بحلول منتصف 2021، وكذلك اتجهت دول مجموعة العشرين.
لكن فرض هذا النوع من الضرائب لا يخلو من تحديات كبيرة يفرضها الاقتصاد الرقمي، وهو الأمر الذي يتطلب تعاونا دوليا وثيقا، وهنا لا بد من الإشارة إلى ما انتهجته المملكة من العمل على إنشاء منظمة للاقتصاد الرقمي، حيث سبق وأعلنت السعودية والبحرين والأردن والكويت وباكستان إطلاق “منظمة التعاون الرقمي”، وهي منظمة دولية معنية بتعزيز التعاون في جميع المجالات المدفوعة بالابتكار وتسريع نمو الاقتصاد الرقمي وتمكين المرأة والشباب ورواد الأعمال، وتنمية الاقتصاد الرقمي عبر قفزات تنموية قائمة على الابتكار، ولتحقيق تنمية للاقتصاد الرقمي المشترك بين هذه الدول إلى تريليون دولار في غضون الأعوام الثلاثة إلى الخمسة المقبلة.