▪︎ مجلس نيوز
سُئل مؤسس سلسلة مطاعم كودو السعودية الأستاذ عبدالمحسن اليحيى خلال لقائه على بودكاست سوالف بزنس، “لو يعود بك الزمن بخبراتك وتجاربك الحالية، لليوم الأول من تأسيسك لكودو، ما هي الأشياء التي تتوقع أن تغيرها؟”
فأجاب قائلا: “ربما لا أنجح، سأحتاط وأكون أكثر تحفظاً، فأحياناً عدم امتلاك المعلومة يجعلك تغامر أكثر”، وأضاف: “أحيانا كثرة المعرفة تخوّف!”.
استوقفتني هذه الإجابة الاستثنائية البسيطة والعميقة في نظري، حيث أنه وعلى عكس الإجابات المتوقعة، أشار لاحتمالية فشله وتخوفه من خوض التجربة مع امتلاكه لخبرة ومعرفة اليوم.
لم يُشر الضيف حينها للعديد من الأمور التي قد ينفذها بطريقة مختلفة، أو الأخطاء التي من الممكن تجنبها، ومن المؤكد أن هناك العديد منها، لكنه فضّل الإشارة لأمر مختلف، وسلّط الضوء على جانب مهم وهو مقدار التردد والخوف الذي ربما يكون عليه كرجل أعمال لو عرف كل ما سيواجهه من مصاعب في رحلته، والخوف من أخذ المخاطر الكبيرة ذات العوائد العالية.
لا شك أن الخبرة والمعرفة كلها أمور نسعى لاكتسابها دائما، وتدفعنا للتميز في مجالات الحياة المختلفة، إلا أن هناك جانباً خفيًّا من النادر أن يُلاحظ، وهو امتلاك المعرفة بشكل موسّع حول أمر معيّن، ممّا يدفعك للتفكير ألف مرة قبل خوض غِمار التجربة، وبالتالي قد يقود صاحب المعرفة للإحجام عن كثير من الفرص، فنعمة المعرفة قد تكون سلاح ذو حدين حين الرغبة في تسخيرها لمشروع عملي قائم.
كلما زادت معرفتنا بالمجال الذي نعمل عليه، كلما عرفنا أن هنالك العديد من الأمور التي لا يمكن الإحاطة بها، والتحديات التي يصعب مجابهتها، فبالتالي نتواضع، وتتهذب أنفسنا وتنخفض الثقة بعض الشيء.
الاطلاع وتثقيف الذات والتعلم المستمر أمر أساسي يعين الإنسان على النجاح في أي ميدان يخوضه، لكن، ماهو مقدار المعرفة المطلوبة للنجاح؟ في مثال مؤسس كودو، هل كان لزاماً عليه دراسة تخصص إدارة الأعمال أو الاطلاع على كل ما هو جديد في هذا المجال، وأخذ الدورات التدريبية الواحدة تلو الأخرى، والعمل في هذا المجال سنوات طويلة تكسبه الخبرة حتى يبدأ مستعدًّا؟
مهما كان الجهد الذي نبذله في الاستعداد فنحن غالباً لم ولن نُلم بكافة تفاصيل التجربة القادمة، فلا مفر من مواجهة الصعاب والعقبات التي تتطلب التعلم أثناء الرحلة، ولو كنا ملمين بكافة تفاصيل مشروعنا القادم أيَّا كان، فنحن على الأرجح لم نحلم بما فيه الكفاية، وقصدنا أمراً منخفض الطموح، فالأحلام الكبيرة دائما ما تُخرجنا من منطقة الراحة وتفاجئنا بقدر عالٍ من التحديات التي تُحتّم علينا التعلّم والتطوّر المستمر والسريع.
نعم، الاستعداد باكتساب الخبرة والمعرفة أمر هام وضروري للنجاح في أي ميدان كان، ولكنها نعمة قد تتحول لنقمة عندما يُكبّلنا إدراكنا الشامل للتحدي القادم، كالعمل على تأسيس سلسلة مطاعم أو غيره من مشاريع تجارية وغير تجارية.
الخبرة والمعرفة تحتاج لأن تقترن بالشجاعة والعزيمة والإصرار، لمجابهة مفاجآت وتحديات المستقبل، وإلا ستكون المعرفة سلبية للانطلاق وخوض التجارب، أي، إما أن يكون لدينا علم ودراية وخبرة بما نحن مُقدمين عليه، مع تحلّينا بالثقة والشجاعة للإقدام وخوض غمار التجربة، أو أن نكون على إلمام بسيط ومحدود مما قد يجعلنا أكثر جرأة على المغامرة والإقدام والتعلّم أثناء الرحلة.