▪︎ مجلس نيوز
في الاجتماع السنوي الـ14 للأبطال الجدد تحت عنوان “ريادة الأعمال: القوة الدافعة للاقتصاد العالمي”، أطلق وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل بن فاضل الإبراهيم تحديا ابتكاريا، لحشد حلول تحولية تسهم في توفير الأغذية المحلية في البلدان المتضررة من شحّ الأمطار والجفاف والتصحر؛ حيث ستتلقى الشركات الناشئة الفائزة 100 ألف فرنك سويسري لتطوير مشروعاتهم من أجل تشجيع التغير الإيجابي للبشرية وكوكب الأرض.
يرتبط هذا التحدي ارتباطا وثيقا بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وخاصة تلك المتعلقة بالقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي والزراعة المستدامة. من خلال الدعوة إلى روح ريادة الأعمال القائمة على الابتكار والمسؤولية والتعاون، سيساعد هذا على تحفيز حيوية المؤسسات ككيانات رئيسية للابتكار، ويوفر حلولا تحولية لتحقيق هذه الأهداف، وإنشاء نظام إنتاج غذائي أكثر استدامة ومرونة للبلدان المتضررة.
الأمن الغذائي هو قضية أساسية تتعلق ببقاء البشرية تاريخيا، عانى الصينيون لفترة طويلة من مشاكل الغذاء. منذ نصف قرن مضى، نجحت الصين في تطوير الأرز الهجين أولا وتوسيع مساحة زراعته على نطاق واسع، مما ساعد الصين على استخدام أقل من 9٪ من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم لحل مشكلة إطعام ما يقرب من خمس سكان العالم، وأن تصبح أكبر منتج للحبوب في العالم وثالث أكبر دولة مصدرة للأغذية. وباعتبارها أكبر دولة نامية في العالم، فإن الصين تضمن أن يبقى وعاء الأرز لـ1.4 مليار من الشعب الصيني في أيديهم بشكل ثابت، ويعد هذا الإنجاز التنموي العظيم في حد ذاته مساهمة هامة في الأمن الغذائي العالمي.
المشاركة في حل مشاكل الآخرين يحقق الازدهار العالمي. تساهم الصين بنشاط في تحقيق الأهداف العالمية المتمثلة في القضاء على الجوع والفقر، بجانب تحقيقها زيادة الإنتاج والعائد الزراعي. في القمة الصينية العربية الأولى التي عقدت في المملكة العربية السعودية ديسمبر 2022، اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ ثماني مبادرات رئيسية بشأن التعاون العملي الصيني-العربي، ويتضمن ذلك: إن الصين مستعدة لمساعدة الجانب العربي في تعزيز أمنه الغذائي وقدرته الإنتاجية الزراعية الشاملة. وستقوم الصين مع الجانب العربي ببناء خمسة مختبرات مشتركة للزراعة الحديثة وتنفيذ 50 مشروعا تجريبيا في التعاون التكنولوجي الزراعي، وإرسال 500 خبير في مجال التكنولوجيا الزراعية إلى الجانب العربي للمساعدة في زيادة غلة المحاصيل وتحسين قدرته على حصاد وتخزين الحبوب وتقليل الهادر، وتحسين الإنتاجية الزراعية. وستنشئ الصين “قناة خضراء” للمنتجات الزراعية الغذائية العالية الجودة لدى الجانب العربي لتصديرها إلى الصين. قد تبدو هذه المحتويات مختصرة، ولكن كلا منها محدد وقابل للتنفيذ.
في الواقع، يمتلك التعاون الزراعي بين الصين والدول العربية تاريخا طويلا، حيث يحافظ على مستوى عالٍ سواء في التجارة الزراعية أو الاستثمار أو التعاون في العلوم والتكنولوجيا الزراعية. في موريتانيا، 82% من أراضيها صحراء. منذ عام 2017، ذهب خبراء التكنولوجيا الزراعية الصينيون إلى هناك لاستكشاف مجموعة من اللوائح الفنية للتحكم في المياه والأسمدة وتقنيات إدارة الحقول في ظل ظروف التربة المتصحرة في المناطق الحارة، وقد حققوا زراعة واسعة النطاق لمحاصيل العلف مثل البرسيم والذرة الرفيعة في الصحراء الكبرى. وقام فريق البحث العلمي لـ”أرز مياه البحر” بقيادة العالم الصيني يوان لونغ بينغ بزراعة أرز يتحمل الملوحة والقلوية في صحراء الإمارات العربية المتحدة، وقدم مساهمات كبيرة في تحسين الاكتفاء الذاتي من الغذاء وتحسين البيئة في المناطق الصحراوية. بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ حقول تجارب واستعراض بذور الخضروات في وادي الأردن، وتعزيز الري الذكي وتقنيات توفير المياه في مصر وعمان ... إن العديد من التقنيات الصينية في الزراعة الموفرة للمياه، وتربية المواشي الحديثة، والوقاية من التصحر والسيطرة عليه تحظى بأهمية كبيرة تتماشى مع احتياجات الدول العربية.
من منظور التعاون البراجماتي في حل المشاكل، فإن العمل المشترك لضمان الأمن الغذائي بين الصين والدول العربية قدم نموذجا جيدا للعالم. إلى جانب العمل معا لزيادة قدرة الإنتاج الزراعي، تم توفير المزيد من الفرص التجارية المفتوحة للبلدان النامية. وهذا ليس فقط يعزز كفاءة الإنتاج الزراعي للبشرية بأسرها، بل يجعل العلاقات الاقتصادية بين البلدان أكثر مرونة أيضا.