▪︎ مجلس نيوز
إن أكثر ما يؤرق المنشآت التجارية في السنوات القليلة الماضية هو عدم القدرة على السيطرة بشكلٍ كامل على إثبات تعاملاتها بشكل قانوني صحيح لا يشكل عبئًا عليها ولا يشكل إلتزامات قانونية مع الغير وحيث جاءت المادة التاسعة والعشرون من نظام الإثبات مؤكدةً على وجود تلك المخاطر القانونية المؤثرة في تعاملات تلك الشركات وهو ما نلمسه دائمًا في الأحكام القضائية الصادرة في النزاعات القائمة بين تلك المنشآت التجارية ، حيث نصت المادة التاسعة والعشرون على ما نصه “يعد المحرَّر العادي صادراً ممن وقعه وحجة عليه؛ ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، أو ينكر ذلك خلَفُه أو ينفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق” أي أن المستند الصادر عن تلك المنشآت صحيحًا ولا يقبل الطعن فيه إلا بالتزوير وهنا تكمن خطورة تلك المستندات القائمة بذاتها كحجة عـلى المنشأة دون النظر في صفة مصدرها ودون النظر في واقعية هذا الالتزام أحيانًا ، وحيث أن تلك المخاطر القانونية القائمة على تلك المنشآت عديدة ومن الصعب حصرها أحيانًا إلا أن العمل على إدارتها بشكل قانوني صحيح يؤدي إلـى ضمان إستقرار المراكز القانونية لتلك المنشآت ويكفل الحفاظ علـى إستقرارها وديمومة إستمرار أعمالها .
وقد جاء نظام الإثبات السعودي معالجًا لأمور عدة لعل من أهمها “قواعد الإثبات” حيث أن النظام قد ترك الإتفاق لأطراف التقاضي لتحديد قواعد الإثبات المعمول بهـا فيما بينهم ولا يجوز للمحكمة أن تخرج عن هذه القواعد إلا إذا خالفت النظام العام كما جاء ذلك نصًا في المادة السادسة من نظام الإثبات وقد عالجت هذه المادة الأخطاءالتي تقع فيها المنشآت التجارية في تعاملاتها والمخاطر القانونية التي قد تتعرض لها في السابق ، إذّ أن النظام سمح للأطراف أن يتفقوا على قواعد معينـة في الإثبات مثل أن يكون توثيق جميع الالتزامات كتابةً أو أن تكون بختم معين أو بإعتماد موظف معين أو بشكل معين أو بتواقيع معينة وإلا لا يعتد بها أو أيًا كان من تلك القواعد وغيرها التي تكفل لتلك المنشآت حماية مراكزها القانونية والبعد عن المخاطر القانونية التي قد تتعرض لها إذّ يتم تضييق الخناق على فاعلية تلك المحررات التي قد تصدر من موظف غير مختص أو بشكل غير قانوني أو بطريقة مخالفة لإتفاق الأطراف وبالتالي يؤدي ذلك إلى عدم تحقيقها آثارًا نظامية أمام الغير .
إذّ أنه من الأخطاء الشائعة الموجودة حاليًا في المنشآت التجارية هي توقيع المستندات من موظف غير مختص وقد يكون ذلك بحسن نية أو أن يتم التساهل في منح أوراق المنشأة الرسمية للغير ليتم إساءة إستخدامها من قبل الغير وفي هذين الخطأين يتعامل القضاء بقاعدة “التابع تابع” وبما ورد بالمادة التاسعة والعشرون من نظام الإثبات في إعتبار الورق الصادر من المنشأة حجة ، أي أن الموظف يتبع المنشأة وبالتالي تنسحب آثار تصرفات ذلك التابع على المنشأة التي يعمل لديها من جانب لكونه تابعًا لها ومن جانب آخر إعتبار الورق الصادر من تلك المنشأة حجة وبالتالي يتم إلزام تلك المنشأة بهاتين القاعدتين بسبب هذين الخطأين ، مما يلزم معه حمايةً للمراكز القانونية للمنشآت إعتماد قواعد إثبات محددة يتم الرجوع إليها حال وجود نزاع بين أطراف التعاقد ولا يتم الخروج عن هذه القواعد لضمان إستقرار التعاملات التجارية لتلك المنشآت الجدير بالذكر أن وجود قواعد مهم في المقام الأول للشركات الكبرى مترامية الأفرع متعددة المهام والتي يتعدد مسؤوليها والموظفين التابعين لها على نحو مختلف بالنسبة للمنشآت الصغيرة .