▪︎ مجلس نيوز
في مدينة “بورتلاند” بولاية ” أوريغون” كانت المعاناة الأزلية تكمن في الحفاظ على المنطقة جاذبة للسكان، مع العمل المستمر على تحسين مؤشرات جودة الحياة في كافة القطاعات. كل شيء من واقع نظري يمكن أن يكون على ما يرام، وكما هو مخطط، إلا أن الإشكالية الحقيقية بدأت تكمن مع تجمع طيور الغربان نحو المسطحات المضاءة بأعداد كبيرة لتحط على أغصان الأشجار، فتجد سبيلا للراحة مع حلول المساء. قد يبدو الأمر طبيعيا لدى البعض ولا غرابة فيه، لا سيما مع الأشكال الجمالية التي يشكلها منظر تلك الغربان على الأغصان. صحيح أن الأمر كان في بداية المطاف مثاراً للسعادة لدى السكان الذين كانوا يتهافتون لمتابعة منظر تجمع تلك الطيور ليلا بشكل جماعي لافت، لكن النقطة التي لم يلتفت لها البعض هي أن هذه الزيادة المطردة في أعداد الطيور كانت قد ساهمت في تشويه شكل الأرصفة والطرق بالإضافة لأسطح المباني والمركبات.
هذا عدا ما تتركه مخلفات تلك الطيور من أثر سلبي على معالم البنية التحتية في المدينة بشكل عام. كانت جميع الحلول المطروحة بشكل مستمر تدور في نفس الدائرة من خلال البحث عن سبل وتقنيات أكثر حداثة وسرعة في إتمام عمليات النظافة مع الصباح الباكر، لكن هذا الحل لم يكن أبدا أحد الحلول المستدامة. معالجة الأعراض وعدم الالتفات إلى مصدر المشكلة كما يصفها المختصون لم تكن لتؤتي ثمارا يلتفت إليها، لأن بقاء أصل الداء يعني تكرار نفس العملية مع مزيد من الجهد والكلفة التي ستشكل عبء على عاتق إدارة المدينة. بدأ التفكير يتوجه نحو الاستفادة من الصقور المدربة بشكل منظم بحيث تساهم في معالجة المشكلة من الأساس. تم تحديد منطقة للتجربة بحيث يتم اختبار نجاح الفكرة وبالفعل فقد ساهمت طريقة التفكير الإبداعية في تشتيت تلك التجمعات من الغربان التي لم تعد تشعر بالأمان مع الإحساس بوجود الصقور في المنطقة. الحقيقة أن أكثر ما لفت انتباهي في هذه التجربة هو الاهتمام بالخروج عن دائرة التفكير التقليدي ومحاولة طرح المشكلة بأسلوب مختلف في سبيل الحصول علي أنجع الحلول. لا يمكن تخيل حجم التوفير في الإنفاق والتقليل في التكاليف التي ساهم فيها هذا المشروع، وليس هذا فحسب لكن المشروع ساعد أيضا في تحقيق رضا كبير من قبل جميع فئات الجمهور. حتى الأطفال أصبحوا يتهافتون لالتقاط الصور في المنطقة بمجرد رؤية الصقارين، وأصبحوا يطرحون الكثير من التساؤلات حول نمط حياة تلك الطيور فزاد لديهم الفضول للتعرف عليها والاطلاع على مزيد من الأخبار عنها. ما نريد أن نصل إليه هنا هو كيفية التفكير بطريقة إبداعية من أجل الوصول إلى حول نوعية للمعاناة في بعض المشاريع، والمزج بين أكثر من صناعة في ذات الوقت بدلا من التركيز على تحسين نفس أساليب الحل بشكل مستمر فقط.