مجلس نيوز | majlis-news
دفعت السعودية القطاع الخاص بقوة الى الصفوف الأمامية لقيادة الاقتصاد السعودي في المرحلة المقبلة، كما رفعت سرعة أداء القطاع الخاص ليتولى مهامه مستقبلا في مجالات تنموية اقتصادية، ويبدو أن الحكومة السعودية قررت أن تعطى هذا القطاع اهتماما اكبر وعناية ليرتفع مساهماته في الناتج المحلي الى 65 في المائة، وهذه الخطوة جريئة وتمنح القطاع الخاص مرونة اكثر، وإعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ليلة أمس، برنامج “شريك” يهدف بالدرجة الأولى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص المخصص للشركات المحلية، وتطوير الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتسريع تحقيق الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في زيادة مرونة الاقتصاد ودعم الازدهار والنمو المستدام.
هذه الخطوة لم تكن مفاجئة أو بمحض الصدفة، فقد تم التخطيط لها مسبقا، خاصة وان الاقتصاد السعودي ظل لعقود يجلس في صفوف الاحتياط، مستفيدا بعدة ثغرات كانت تعطل وتعيق تحركه، وبقى الاقتصاد السعودي يتحرك ببطء خلال السنوات الماضية وأصيب بترهل وتضخم، حتى مساهماته في الناتج المحلي كانت مخجلة لم تتجاوز 20 في المائة، مستغلا انفراد النفط بعضلاته في السوق، مع ارتفاعاته وأيضا الإخفاقات القليلة التي رافقته خلال مسيرته، ويبدو أن السعودية منذ إعلان رؤية 2030، وأزمة جائحة كورونا التي عصفت بالاقتصاد العالمي، جعلت السعودية تعيد كل ملفاتها وتراجع أنظمتها وقوانينها الاقتصادية، واتخذت قرارات كان الكثيرون يعتقدون أنها صعبة إلا أنها كانت لزاما أن تتم لتغيير مسار الاقتصاد السعودي.
قبل أشهر قررت السعودية إيقاف التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية اجنبيه لها مقر إقليمي في المنطقة من غير السعودية، وحددت تطبيق القرار في مطلع يناير من 2024 ويشمل القرار الهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة للحكومة أو لأي من أجهزتها. وتأتي هذه الخطوة تحفيزاً لتطويع أعمال الشركات والمؤسسات الأجنبية التي لها تعاملات مع الحكومة السعودية والهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة لها أو أي من أجهزتها.
وقالت حينها الجهات المختصة أن القرار سوف يساهم في خلق وظائف والحد من التسرب الاقتصادي ورفع كفاءة الإنفاق وضمان أن المنتجات والخدمات الرئيسية التي يتم شراؤها من قبل الأجهزة الحكومية المختلفة يتم تنفيذها على أرض السعودية وبمحتوى محلي مناسب. وبالعفل تجاوبت مع قرار السعودية أكثر من 24 شركة أجنبية عن عزمها نقل مقراتها الإقليمية الى الرياض، ويأتي تحرك الرياض لهذه الخطوة بعدما وجدت أن اقتصادها القوي والمؤثر والفاعل في المنطقة والعالم يجب استغلالها بما ينعكس إيجابا على اقتصادها.
إعلان ولي العهد السعودي أمس عن برنامج شريك، واعتبار القطاع الخاص قطاع حيوي ومزدهر، ووصف العلاقة أنها حقبة جديدة أكثر قوة من حيث التعاون والشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وحينما يعلن ولي العهد السعودي بتمكين هذا القطاع بضخ استثمارات محلية تصل الى خمس تريليونات بنهاية 2030.
وقال:” وإذ يعد بناء قطاع خاص حيوي ومزدهر من الأولويات الوطنية بالنسبة للمملكة، فإننا ندشّن اليوم حقبة جديدة أكثر قوة من حيث التعاون والشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، بإعلاننا عن برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص (شريك)، بهدف دعم الشركات المحلية، وتمكينها للوصول إلى حجم استثمارات محلية تصل إلى خمس تريليونات ريال بنهاية عام 2030″. فنحن أمام استثمارات نوعية ومختلفة، وليست تقليدية وتابعنا خلال العامين الماضين نقلة نوعية خاصة في الصناعات العسكرية ودور القطاع الخاص، وأعلن المسؤولون عن توطين 50 في المائة من قطاع الصناعات العسكرية بحلول عام 2030، فضلا عن توجهها لان تكون ضمن أفضل 25 شركة عالمية بعد 10 سنوات وهذا ما يؤكد أن السعودية سوف تتعامل مع القطاع خلال المرحلة المقبلة طفلها المدلل، تعطيه حبا ليمنحها المزيد من العطاء.
عن “شريك” يقول ولي العهد السعودي في جلسته الموسعة التي ضمت كبار رجال الأعمال ووزراء ومختصين في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، “أن المملكة ستشهد خلال السنوات المقبلة قفزة في الاستثمارات، بواقع ثلاث تريليونات ريال، يقوم بضخها صندوق الاستثمارات العامة حتى عام 2030، بالإضافة إلى أربع تريليونات ريال سيتم ضخها تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للاستثمار. وبذلك يكون مجموع الاستثمارات التي سيتم ضخها في الاقتصاد الوطني 12 تريليون ريال حتى عام “2030”
البرنامج حمل أرقاما ضخمة، والقطاع الخاص مهمته الآن أن يستفيد من هذه الفرص، وحتى الاستثمارات الأجنبية مطلوب إغراءها، لان المشروعات السعودية باتت تسيل لها لعاب الشركات الكبرى لما فيها من أرباح واطمئنان واستقرار سياسي واقتصادي.
ويضيف الأمير محمد بن سلمان أن “هذا لا يشمل الإنفاق الحكومي المقدر بـ 10 تريليونات ريال خلال العشر السنوات القادمة، والإنفاق الاستهلاكي الخاص المتوقع أن يصل إلى 5 تريليونات ريال حتى 2030، ليصبح مجموع ما سوف ينفق في المملكة العربية السعودية 27 تريليون ريال، خلال العشر السنوات القادمة.”
من الواضح جدا أن السعودية من اعلى هرم في القيادة وحتى أصغر وزير ومسؤول فيها، قررت أن تدفع بالقطاع الخاص وتقدم له كل التسهيلات وإزالة العقبات لتقدمه، وليس هذا فحسب بل ليلعب دورا مهما المرحلة المقبلة. ويقول ولي العهد السعودي أن
برنامج شريك لا تقتصر على تعزيز دور القطاع الخاص في النمو المستدام للاقتصاد الوطني فحسب، بل استثمارًا طويل الأجل في مستقبل المملكة وازدهارها، يقوم على العلاقة التشاركية بين القطاعين الحكومي والخاص”.ويدعم توفير مئات الآلاف من الوظائف الجديدة.
كما يهدف البرنامج التشاركي المبتكر، إلى مساعدة شركات القطاع الخاص على تحقيق أهدافها الاستثمارية، وتسريع ضخ استثمارات تقدر قيمتها بنحو خمسة تريليونات ريال في الاقتصاد المحلي وزيادة وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، بما يسهم في مواصلة تقدم الاقتصاد السعودي بين أكبر الاقتصادات العالمية، من المركز الثامن عشر حالياً إلى المركز الخامس عشر”.
لتفاعل المجتمع الاقتصادي مع برنامج “شريك” يتطلب أن ترفع الغرف التجارية مستوى تعاملها مع القطاع الخاص وتأهيله للمرحلة المقبلة، وأيضا تكون همزة بين بين القطاع الحكومي والخاص ومعالجة بعض الأنظمة والتشريعات التي تحتاج الى إعادة نظر، خاصة وان مجلس الوزراء وافق في اجتماعه الأخير نظام التخصيص والذي يهدف إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص ونقل ملكية الأصول الحكومية – إلى تحرير الأصول المملوكة للدولة أمام القطاع الخاص وتخصيص خدمات حكومية محدّدة، والتوسع في مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية التحتية والخدمات العامة المقدمة للمواطنين والمقيمين.
ولا يسعنا إلا أن نهنئ القطاع الخاص الذي قفز في مقدمة الصفوف ليلعب أساسيا في بناء التنمية الاجتماعية والاقتصادية.