[ad_1]
مجلس نيوز | majlis-news
لم يكن بوسع عالم أو مفكر أن يتوقع تماما ما أسفر عنه فيروس كورونا المستجد من انتشار واسع النطاق، واستمرارية لا يعرف أحد نهايتها، وكوارث اقتصادية واجتماعية لا حدود لها في جميع أنحاء العالم، ناهيك عن تحوراته وطفراته الأكثر خطورة.
ووفقا لـ”بلومبيرج”، يقول المحلل الاقتصادي أندي موخيرجي في تقرير نشر اليوم، إنه سيرد ذكر جائحة كوفيد-19 الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد في سجلات رأسمالية القرن الـ21، باعتبارها “قدر ضغط”، مثل قدور الطهي، التي تحبس وتضغط كل ما بداخلها.
وأكد أن هذه الجائحة تفرض ضغوطا هائلة على حياة الناس، ورفاهية الأفراد، وأنظمة الرعاية الصحية، واستمرارية الشركات، واستقرار أوضاع المالية العامة، ولكن إحدى النتائج الثانوية لهذا الضغط عندما تنتهي الجائحة، هي أن سكان العالم قد يشعرون بقليل من الاسترخاء، وقد يفضلون أن يكونوا أقل التزاما بمفهوم ذروة الكفاءة، وتحقيق الربحية القصوى من استغلال الأصول المالية.
وعلى الرغم من أن العالم لم يتجاوز الجائحة بعد، فإن هناك قدرا أكبر من القبول بالتباطؤ المتعمد في كل شيء، بدءا من كيفية إدارة شركة السيارات اليابانية تويوتا موتور كورب لمخزونها، وكيفية تنظيم شركة التجارة الإلكترونية الأمريكية أمازون كوم لخدمة توصيل الطلبات إلى العملاء، وصولا إلى كيفية إعادة سنغافورة النظر في أجور من يعملون في مجال التمريض.
وقال جيرارد ميناك المحلل الاقتصادي السابق في بنك الاستثمار الأمريكي مورجان ستانلي في العام الماضي، “عالمنا قبل الجائحة كان مؤهلا لتحقيق أقصى عوائد مالية على افتراض عدم حدوث أي أخطاء”، لكن كل شيء انقلب رأسا على عقب، عندما أثر فيروس كورونا المستجد على المكاتب والمصانع وقطارات الأنفاق ومراكز التسوق والمطارات والمدارس، والمحاور ومراكز الإنتاج والتوزيع والاستهلاك.
ويرى موخيرجي أنه بعد عام من ذلك، تعلمت الحكومات بعض الدروس ولم تتعلم بعضها الآخر، وعندما كان لـ”تويوتا” الريادة في تبني مفهوم “الإدارة الفورية” للمخزون في خمسينيات القرن الـ20، استنسخت صناعة السيارات الأمريكية في مدينة ديترويت هذا المفهوم.
ويشير المحلل أنجاني تريفيدي إلى أن “تويوتا” تغلبت الآن على أزمة نقص الرقائق الإلكترونية اللازمة لصناعة السيارات، من خلال امتلاكها مخزونا من المكونات الأساسية يكفي احتياجاتها لفترة تمتد من شهر إلى أربعة أشهر. وأكد أن هذا هو التخفيف المتعمد للضغط، والذي ستزداد قيمته، عندما تتحول الأحوال المناخية القاسية إلى مسببات لاضطراب الأنشطة الاقتصادية، كما يحدث حاليا مع أزمة نقص المياه في تايوان، التي أثرت سلبا في نشاط شركات صناعة الرقائق الإلكترونية التايوانية، علاوة على ذلك، فإن جائحة كورونا لم تنته بعد.
وفي الهند بدأت شركة أمازون الأمريكية الدخول في شراكات مع متاجر التجزئة والبقالة الصغيرة لتقديم خدمات التوصيل لعملائها، وعلى الرغم من أن استراتيجية التوزيع تلك ليست الأكثر كفاءة بالنسبة للشركة الأمريكية في الهند، فإن ظهور موجة ثانية من جائحة كورونا في الهند قد يجعل من الاستعانة بالسكان المحللين في تغطية احتياجات مناطقهم هي الطريق الأكثر فاعلية للتغلب على إجراءات الإغلاق.
كما يرى موخيرجي أن التغيير لم يقتصر فقط على القطاع الخاص، ولكن الضغط الاقتصادي دفع الحكومات إلى تبني سياسات كلية بهدف استقطاب المواهب، فأجور هؤلاء الذين لا يؤدون أعمالا روتينية ويمارسون أعمالا يدوية تحتاج إلى التواصل الشخصي المباشر، لا تعكس قيمتهم بالنسبة للمجتمع وبخاصة في الأوقات العصيبة.
وعلى سبيل المثال، كانت حكومة سنغافورة قبل ثمانية أعوام تصف وظيفة التمريض بأنها من الوظائف منخفضة المهارة، ولكن هذه الحكومة المعروفة بحصافتها المالية وإنفاقها الرشيد، رفعت أجور عمال الرعاية الصحية في المستشفيات العامة بنسبة تصل إلى 14 في المائة.
وجاءت هذه الخطوة، على الرغم من أن 30 في المائة، من أصحاب العمل في هذا المركز المالي الإقليمي لا يعتزمون زيادة الأجور على الإطلاق. وهناك اختبار آخر لكيفية تعامل الحكومات مع فكرة تخفيف الضغط، سيتمثل في فرض الضرائب في المستقبل على فوائد القروض والودائع. وسيكون إلغاء هذا الإعفاء الضريبي لفوائد القروض، الذي كان يمثل تحيزا استمر نحو قرن من الزمن، تقليصا للنفوذ المالي على الاقتصاد العالمي، ويهاجم مصدر تفكيرنا أحادي الجانب في مفهوم الكفاءة.
والحقيقة أن مجتمع الاستثمار هو أقوى مدافع عن الصرامة، وعدم السماح بوجود أي هامش للخطأ، حتى في سلاسل التوريد المعقدة والمنتشرة جغرافيا. والآن فإن التوترات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، وصعود النزعة الحمائية على مستوى العالم بسبب ارتفاع معدلات البطالة، هي أمور تعرقل بالفعل دورة الرأسمالية.
ويختتم موخيرجي تقريره بقوله إن التحول السريع نحو الرقمنة وبخاصة في الأسواق الصاعدة سيعوض الضغوط الجديدة، فعندما تساهم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في إدارة واستغلال الأصول بصورة أفضل، يمكن للمساهمين توقع الحصول على القدر نفسه من العوائد بقروض أقل.
وأضاف: “إذا كانت إدارة الأصول باستخدام لوغاريتمات الذكاء الاصطناعي والإنسان الآلي المرتبط بالإنترنت لن تخضع للضرائب، فلن يكون من العدل دعم القطاع الخاص عقب كل أزمة كبرى من الحكومات، إذن فإن رأسمالية القرن الـ21 ستؤمن نفسها من خلال القبول ببعض التنازلات والتخلي عن مفهوم ذروة الكفاءة”.
[ad_2]
Source link