[ad_1]
مجلس نيوز | majlis-news
في أيلول (سبتمبر) 2019 صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بتعيين الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزيرا للطاقة، في وقت يمثل قمة التحديات التي واجهت قطاع النفط السعودي، فقد كانت الشركة العملاقة أرامكو تستعد لأكبر اكتتاب في العالم وفقا لمستهدفات أحد برامج رؤية السعودية 2030 التي يقودها ويشرف عليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وحدثت الهجمات الإرهابية للعناصر الحوثية على منشآت النفط في خريص وبقيق، كما أن الاقتصاد العالمي يواجه حالة من عدم اليقين بشأن النمو العالمي وتنامي حصص النفط الصخري مع تزايد الاهتمام بالطاقة المتجددة كبديل للطاقة الأحفورية، وكل هذه الملفات المعقدة ألقت بظلال من الشك حول آليات عمل اتفاق “أوبك +” الذي تم في 2016، ومدى قدرة الدول الأعضاء على الالتزام خاصة أن مجموعة أوبك كانت تريد تخفيض الإنتاج، وقد جاء اختيار خادم الحرمين الشريفين للأمير عبدالعزيز بن سلمان لأنه كان الأقدر على التعامل مع هذه التحديات فهو ابن صناعة البترول والمعادن منذ كان مديرا لإدارة الدراسات الاقتصادية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ثم في وزارة البترول والمعادن حتي أصبح نائبا للوزير، وهي رحلة امتدت لأكثر من 40 عاما كان فيها شاهدا على عصورها وتقلباتها وصدماتها.
وبعد توليه قيادة وزارة الطاقة أثبتت المخزونات النفطية السعودية قدرتها الهائلة على تعويض النقص في الإمدادات مهما كان حجمه، وقد كانت الهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية وسرعة معالجة آثارها والعودة إلى مستويات الإنتاج وكأن شيئا لم يكن رسالة للعالم أجمع عن قوة قطاع ومتانة قطاع النفط السعودي. لكن التحديات الصعبة التي أثبتت تفوق الأمير عبدالعزيز بن سلمان وقدرة ومهارات الرياض على قيادة السوق النفطية العالمية قد تجلت خلال الأحداث الصعبة جدا التي اندلعت بعد تفشي فيروس كورونا جنبا إلى جنب المصاعب التي كان الاقتصاد العالمي يعانيها مع دخول العقد الثاني من هذا القرن، فقد بدأت الصين فعليا بأكبر إغلاق لاقتصادها منذ الحرب العالمية الثانية، ما جعل المحافظة على مستويات الإنتاج التي كانت قائمة ضربا من الخيال، وقد دعت المملكة خلال اجتماعات مجموعة أوبك بلس قبل نحو عام من الآن وبالتحديد في 6 آذار (مارس) 2020 بتخفيض الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يوميا، وعندها قال وزير الطاقة الروسي آنذاك ألكسندر نوفاك إن الشركات ستنتج دون أي قيود ولن تلتزم بأي سقف، في إشارة إلى اعتراض موسكو على مشروع التخفيضات، وعندما سئل الأمير عبدالعزيز بن سلمان عن قرار السعودية بشأن ذلك وهل ستقوم بالإجراء الروسي وترفع سقف الإنتاج جاء الرد هادئا متزنا وترك للعالم في حينه مشاهدة الآثار الناتجة عن القرار الروسي. لا شك أن الأمير قد حذر من تحول نماذج القرار عند المنتجين إلى نماذج نظرية المباريات، التي قد تقود إلى تدمير السوق. وللحقيقة فقد كانت تجربة السعودية في صد العدوان الحوثي على المنشآت النفطية والقدرات السعودية الضخمة على الإنتاج والمخزونات القادرة على موازنة أي طلب، كافية ليعرف العالم مدى قدرات الرياض في ضبط واستقرار أسواق النفط. لقد أطلقت الأسعار من عقالها، فهوت أمام الضغوط كافة التي حاولت السعودية التخفيف منها بقدر المستطاع، حيث هوت إلى مستويات لم تصلها في تاريخها المسجل.
للحقيقة فإنه لا يمكن لكلمة مهما بلغت أن تقدم شرحا وافيا وكافيا لحكمة القرار السعودي وآلياته، ودقته في وقت صعب ومليء بالتحديات، فقد كانت الإغلاقات الاقتصادية تعم العالم، مع تراجع النمو الاقتصادي العالمي إلى الانكماش بسرعة وإلى مستويات ما بعد الحرب العالمية الثانية وذلك في غضون أيام فقط، كما استمرت الدول في عدم الالتزام بسقوف الإنتاج، ومع تراجع الأسعار تراجعت الإيرادات المالية العامة برغم الحاجة الماسة إلى مساعدة القطاع الخاص المتأثر داخليا بالاحترازات الصحية، ولهذا فإن استمرار انهيار الأسعار لن يكون مفيدا لأحد وهو ما يقود للتدمير المشترك حسب ما تتنبأ به نظرية المباريات، ولهذا فإن العودة بالجميع لاتفاق “أوبك +” يعد حلا حقيقيا مناسبا خاصة بعد أن ذاق المنتجون ويلات عدم التزامهم وأصبحوا مستعدين لسماع صوت العقل، وهنا لعبت الدبلوماسية الكبيرة لدى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بحضور قوي لوزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان دورها التاريخي في العودة لطاولة الحوار تحت مظلة المجموعة وتمت دعوة عدد من الدول غير المنظمة سابقا مثل المكسيك التي عارضت التخفيض المخصص لها، ولكن قدرة الأمير عبدالعزيز بن سلمان على إدارة مفاوضات شاقة خاصة مع الدول التي لم تلتزم بالتخفيضات وفهمه لظروف هذه السوق المعقدة فقد تم الوصول إلى مفهوم التخفيضات الطوعية، وهو تخفيض إضافي فوق الحد المتفق عليه من أجل منح الدول الأخرى غير القادرة على الالتزام لظروف اقتصادية مؤقتة بسبب تداعيات كوفيد – 19 بالتوازن مع تعريض هذه التخفيضات فيما بعد، وقد نجحت هذه الاستراتيجية بشكل مذهل وبدأت الأسعار بالتعافي تدريجيا منذ أيار (مايو) الماضي، وبعد مضي عام على تلك اللحظات التاريخية، ها هي الأسعار تعود إلى مستويات أعلى مما كانت حيث تجاوزت الـ70 دولارا ثم عادت لتتداول عند 65 دولارا مع اتفاق طويل على تخفيض حصص الإنتاج بين الأطراف كافة، وهناك توقعات أن سعر البرميل يتجه صوب 80 دولارا مع دخول فصل الصيف، وها هو الوزير الروسي يقول في 6 آذار (مارس) 2021 إنه يفكر مع وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان كشخص واحد فيما تضمن تصريحه في التاريخ نفسه في 2020 أن الشركات ستنتج دون الالتزام بأي سقف. وهنا يمكن فهم المفارقة في تصريحي الوزير الروسي لأنه أدرك أن الأمير عبدالعزيز بن سلمان كان يفكر في مصلحة الجميع، المنتجين والمستهلكين، وهذا هو الشعار الذي ترفعه السعودية، فالتوازن في السوق هو توازن الاتفاق والمصالح المشتركة للدول المنتجة والمستهلكة أولا وليس آلية العرض والطلب وحدها.
[ad_2]
Source link