▪︎ مجلس نيوز
أتساءل كغيري من المهتمين في مجال التنمية البشرية وتطوير الذات عن بعض المواضيع المتعلقة ببيئة العمل والوظيفة، وتأثيرهما في حياة الإنسان سلباً وإيجاباً، ولعل من بين المواضيع التي تناقش على نطاق واسع خارج قاعات التعليم في الجامعات والكليات والمعاهد، مصطلحات الاستقرار الوظيفي، وأخلاقيات المهنة، وأنظمة التقاعد، وغيرها من المواضيع التي ربما يتفق الكثير منّا على أنها لم تأخذ مساحتها الكافية من المناقشة والتوضيح في قاعات التعليم، وهي من السلبيات التي نتمنى تلافيها مستقبلاً أسوةً بغيرها من الملاحظات التي قامت الدولة مشكورةً بتعديلها وتطوير أنظمتها.
وعندما نتحدث بشكل أكثر تحديداً عن مصطلح الاستقرار الوظيفي؛ فإننا نجد عدداً من التعريفات التي تتفق في مجملها، لكنها تختلف في بعض جزئياتها، حيث تتفق على مسألة إحساس الموظف بالرضا والأمان، وعدم رغبته في الانتقال لموقع آخر أو جهة عمل أخرى، أو حتى إدارة أخرى في جهة عمله، والرضا والأمان اللذان يدفعان الموظف للاستقرار قد تكون مصادرهما: الحوافز المالية، أو المهام اليسيرة، أو ساعات العمل المرنة، أو جهة العمل بشكل أكبر.
وقد تواصلت في هذا الشأن مع عدد من المستشارين والخبراء، الذين كانت لهم بصمات مميزة خلال مسيرتهم العملية داخل الوطن وخارجه؛ للاستنارة بآرائهم والاستفادة من خبراتهم في هذا الموضوع، وجميعهم اتفقوا على وجود بعض العوامل المرتبطة بمسألة الاستقرار الوظيفي، ومن أبرزها وجود ثلاثة صفات لدى الموظف تدفعه للتغيير والتطور وهي: الشغف، والتحدي، والطموح، كما أكدوا على أن الاستقرار الوظيفي لا يعني إهمال جانب التطوير الذاتي والمهني للموظف، وأن ذلك يرتبط ارتباطاً مباشراً بالشخصية القيادية لدى كل موظف (الكاريزما)، حيث أن الشخصية القيادية عندما تكون حاضرةً لدى أي فرد حتى ولو لم يكن موظفاً؛ فإنها تدفعه لاتخاذ القرارات الجريئة، وخوض التجارب واكتساب المهارات الجديدة، وهي في أساسها تعود للجينات الوراثية للإنسان، وتختلف اختلافاً كلّياً عمّن حاول اكتساب صفة القيادة من خلال التدريب والتعلّم.
مؤكدين على أن وجود الرضا الوظيفي وارتفاع مستوى الولاء التنظيمي لدى الموظف في جهة عمله، بالإضافة إلى حصوله على الحوافز الوظيفية وأبرزها الحوافز المادية؛ هي أمورٌ ضرورية لتحقيق مسألة الاستقرار الوظيفي.
إلا أن الأمر الذي قد يلتبس علينا جميعاً ويصعب على كل فرد منا وصفه، هو مسألة التفريق بين الاستقرار الوظيفي والجمود الوظيفي، فقد يرى البعض منّا أن التمسك بوظيفة واحدة إلى مرحلة التقاعد هو استقرار وظيفي، وقد يرى آخرون أن الاستقرار الوظيفي يحصل عندما يعمل الموظف في الجهة التي يفضلها، والمدينة التي يسكنها، والمهام التي يتقنها، وقد يرى آخرون أن ذلك جموداً وظيفياً، وأن الاستقرار الوظيفي لا يشترط أن يرتبط بجهة معينة، أو مدينة محددة، أو وظيفة مرغوبة؛ لكن الأهم من ذلك هو أن يحصل الموظف على الحوافز المالية والترقيات، وأن يستمر في رحلة التعليم والتعلّم حتى مرحلة التقاعد.
تم نشر هذه المقالة كذبة الاستقرار للمرة الأولي علي صحيفة الوئام الالكترونية.