[ad_1]
مجلس نيوز | majlis-news
أصيب الاقتصاد التركي بأزمات متوالية قبل تفشي وباء كورونا المستجد، وهذا الوباء الذي أضاف مزيدا من المشكلات إلى هذا الاقتصاد ما جعل مؤشراته ضعيفة وتراجع نموه ببطء مخيف، إلا أن التدخلات السياسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تبقى أساس الأزمات الاقتصادية المتلاحقة والمستمرة التي تعيشها البلاد. فالأزمة الناجمة عن الوباء، ستنتهي في كل الدول التي عانتها، ويعود التعافي إليها بسرعات تتفاوت بين دولة وأخرى، إلا أن الأزمة التي تعيشها الدول قبل تلك الناجمة عن الوباء، ستبقى آثارها لمدة طويلة، لأن مشكلاتها تراكمت على مدى أعوام، وبسبب قرارات سياسية لا دخل لها بالاقتصاد. وهذا ما يفسر مثلا، الخلافات السابقة القوية التي ظهرت على الساحة بين الرئاسة التركية والمسؤولين الاقتصاديين المحترفين، الذي كانوا يرغبون في إدارة دفة الاقتصاد بعيدا عن أي مؤثرات حزبية.
وحذرت المؤسسات المالية العالمية كثيرا من مغبة تدخلات أردوغان في تفاصيل السياسة الاقتصادية، إلا أنه واصل تدخلاته، إلى درجة أن انتشرت حالة من عدم اليقين، دفعت المستثمرين الأتراك والأجانب إلى التحوط من أي انهيار اقتصادي تركي محتمل، ولا سيما في ظل المشكلات السياسية التي أدخل أردوغان بلاده فيها مع جيرانه الأوروبيين، حتى حلفائه في حلف شمال الأطلسي (الناتو). فضلا عن تدخلاته التي تتعارض مع القانون الدولي في البحر المتوسط وغيره من المناطق هنا وهناك.
الوضع الاقتصادي المتدهور، أجبر نسبة من الاستثمارات الأجنبية على الهجرة خارج تركيا، في عمليات تسييل شهدتها البلاد قبل الأزمة الناجمة عن كورونا، في حين تتعرض تركيا لتهديدات من الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في التسهيلات التجارية التي يمنحها منذ أعوام لأنقرة. ومع تصاعد ضربات الأزمة بفعل كورونا، تعيش البلاد حاليا ما وصفه الاقتصاديون بـ”ثلاثية الأزمة”، وهي العملة، والصناعة المصرفية، والديون السيادية.
وهذه الثلاثية ليست جديدة بالطبع، وتعود إلى ما قبل الأزمة المشار إليها، ومن هنا، يمكن فهم الصدمات الاقتصادية التي تتعرض لها تركيا. فالليرة التركية تعاني الكثير نتيجة عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بالسياسة المالية، وقبل أيام تراجعت، وسط تكهنات بأن البنك المركزي سيتوقف عن رفع سعر الفائدة، ما يذكر بالخلافات الخاصة بهذه النقطة قبل أزمة كورونا، حيث رفض الاقتصاديون تدخل أردوغان لخفض الفائدة، إلا أنه سيطر على الموقف في النهاية مستخدما صلاحياته كرئيس للبلاد. وفي ظل التدابير المبهمة الراهنة، صار المستثمرون يعيشون حالة من الإرباك الشديد بل المخيف أيضا.
فبدلا من الإبقاء على سعر الفائدة مرتفعا للحد من التضخم، فإن الرئاسة التركية تستعد للعودة إلى لعبتها السابقة المكشوفة بالطبع. وتيرة تراجع العملة التركية زادت في الأسبوع الماضي والليرة منذ عامين تنخفض دون هوادة، بعدما شدد البنك المركزي السيولة باستخدام أدوات متطلبات الاحتياطي. والحق، أن البنك المركزي رفع الفائدة في الأشهر الأربعة الماضية، مستندا إلى الأسس التقليدية والفنية المطلوبة في هذا المجال، إلا أن المؤشرات التي تدل على خفض الفائدة أو عدم رفعها، تنشر القلق في أوساط المستثمرين. أضف إلى ذلك، ارتفاع المديونية التركية، حيث شكلت الديون الخارجية في منتصف العام الماضي 23.2 في المائة للقطاع العام، وبلغت ديون البنك المركزي 11.4 في المائة، ووصلت ديون القطاع الخاص إلى 65.4 في المائة.
ويرى خبراء أن التضخم الذي يتزايد بقوة شديدة يمثل خطرا أكبر، ولا توجد مؤشرات إيجابية في الوقت الراهن لتحسن الأداء الاقتصادي التركي، بينما لا تزال المحاذير الصحية تفرض قواعدها على هذا الأداء، بما في ذلك انخفاض معدلات السياحة أكثر من 72 في المائة وتراجع الاستثمارات في مجال القطاع العقاري بشكل ذريع برحيل معظم المستثمرين في هذا المجال. والمشكلة الرئيسة في كل هذا، تكمن دائما في تدخلات رئاسية لتحقيق أهداف سياسية حزبية، بصرف النظر عن الأضرار التي يتعرض لها الأتراك، ولذلك فإن الأزمة الاقتصادية في تركيا توصف بأنها لا ضوء في نهاية النفق. وفي ظل هذا الموقف الضعيف فالوضع الاقتصادي مقفر، والحلول التي اقترحتها الحكومة التركية، فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية والنقدية، ذهبت أدراج الرياح.
[ad_2]
Source link