▪︎ مجلس نيوز
تتمتع المملكة العربية السعودية بالعديد من مصادر الطاقة. ولعقود مضت، كان النفط والغاز الطبيعي هما المحرك الرئيسي لنهضة المملكة في العصر الحديث حتى صارت على قائمة أقوى عشرين إقتصاد في العالم فيما يعرف بالـ (G20). واهتمت رؤية المملكة 2030 بتنويع مصادر الطاقة في المملكة والتقليل من الإعتماد على الوقود الأحفوري. ثم اقتنع العالم بقضية التغير المناخي وأضراره على الكرة الأرضية واتجه نحو مصادر أخرى للطاقة كانت الطاقة الشمسية من أهمها على الإطلاق. فوجدت المملكة أن كمية الطاقة الشمسية التي تصل إليها في اليوم الواحد من الممكن أن تضيء العالم أجمع. والمملكة الآن، تتقدم سريعا لريادة تقنية الطاقة الشمسية. كما أنها تُقدم نفسها كمنتج عالمي وأساسي للهيدروجين الأخضر. إن ترؤّس صاحب السمو الملكي ولي العهد حفظه الله “للجنة العليا لشؤون مزيج الطاقة لإنتاج الكهرباء وتمكين قطاع الطاقة المتجددة” له دلالة واضحة على جدية المملكة في الإستفادة من جميع مصادر الطاقة المتجددة المتاحة.
ذكرنا في مقال سابق “رابط المقال هنا” بأن الله قد أنعم على المملكة بمصادر مهمة لطاقة الأرض الحرارية. وأن توليد الطاقة الكهربائية باستخدام تلك الطاقة هي تقنية معتبرة ومتطورة عالميا وأن الطاقة الكهربائية المتولدة منها هي طاقة متجددة ومستدامة وموثوقة ونضيف على ذلك، بأنها الطاقة المتجددة الوحيدة المعروفة غير المتقطعة ومن الممكن الاستفادة منها كتوليد أساسي للطاقة الكهربائية يعمل طوال اليوم (baseload) وبغض النظر عن التغيرات اليومية والموسمية للضوء والرياح.
ومن مميزات الطاقة الكهربائية المولدة باستخدام طاقة الأرض الحرارية:
- الطاقة المتجددة الوحيدة التي تعمل 24/24 بموثوقية مماثلة للطاقة الكهربائية المتولدة من الوقود الأحفوري.
- لا تتسبب في الإنبعاثات الكربونية لأنها تستخدم نظام الدائرة المغلقة (closed circle).
- هي طاقة لديها مرونة عالية من حيث الإستجابة لتغيّر الطلب اليومي على الطاقة الكهربائية وبدون أثر سلبي على توازن شبكة نقل الكهرباء.
- إحتمال إستخراج بعض المواد المهمة مثل مادة الليثيوم والتي تستخدم في صناعة البطاريات.
- إنخفاض تكلفة توليد الكيلو وات ساعة (LCOE) بالمقارنة مع تقنيات الطاقة المتجددة الأخرى.
- إنخفاض تكلفة التشغيل والصيانة.
- تستغل مساحات أراضي صغيرة بالمقارنة مع تقنيات الطاقة المتجددة الأخرى.
- لا تتأثر بتقلبات أسعار الطاقة في الأسواق العالمية.
وتنقسم استخدامات طاقة الأرض الحرارية إلى قسمين رئيسيين. الأول هو توليد الطاقة الكهربائية وهذا يكون ممكنا في حال وجود مكمن من مكامن طاقة الأرض الحرارية، سواء بخار أو سائل، في باطن الأرض تكون درجة حرارته 100 درجة مئوية أو أكثر. والقسم الثاني هو الاستخدام المباشر (direct use) ويشمل جميع الاستخدامات الأخرى لطاقة الأرض الحرارية فيما عدا توليد الطاقة الكهربائية.
ومن أهم العوامل التي تحدد إمكانية الاستفادة من المكمن الحراري في توليد الطاقة الكهربائية:
- أن تكون درجة حرارته من 100 درجة مئوية فما فوق. وقد تصل إلى 400 درجة مئوية أو أكثر. وتحدد درجة الحرارة نوعية التقنية الواجب إتباعها في توليد الطاقة الكهربائية.
- أن يكون معدل تدفق البخار أو السائل (flow rate) من المكمن الحراري مناسبا لتوليد الطاقة الكهربائية. فإن لم يكن معدل التدفق مناسبا فقد يستعاض عنه بمضخات خاصة لتصل به إلى المعدل المناسب إلا أن هذا قد يؤثر سلبا على اقتصاديات المشروع.
- بُعد المكمن الحراري عن سطح الأرض. فإذا كان المكمن بعيدا عن سطح الأرض من 7000 متر إلى 10000 متر أو أكثر فإن عملية الحفر للوصول إليه سوف تكون عملية مكلفة وقد تؤثر سلبا على اقتصاديات المشروع.
والطريقة الوحيدة لمعرفة المعلومات المطلوبة لتقييم مكمن الحرارة الأرضي على وجه الدقة هو عمل أبحاث ودراسات تنقيب خاصة بطاقة الأرض الحرارية تنتهي بحفر بئر للاستكشاف (test well) في الموقع. وينتج عن ذلك الحصول على معلومات كافية لتحديد المواصفات الفنية للمكمن الحراري بدقة وكذلك الحصول على رسم ثلاثي الأبعاد للمكمن ثم يسهل بعد ذلك التخطيط لمشروع توليد للطاقة الكهربائية.
وبحسب المواصفات الفنية لمكمن طاقة الأرض الحرارية من حيث درجة حرارته ومعدل تدفق البخار أو السائل (flow rate) من المكمن الحراري، فإن طاقة الأرض الحرارية لها إستخدامات متعددة مثل:
- توليد الطاقة الكهربائية بموثوقية عالية 24 ساعة في اليوم (baseload).
- تحلية المياه.
- إنتاج الهيدروجين الأخضر.
- التبريد والتدفئة.
- التطبيقات الصناعية مثل الصناعات البتروكيميائية ومصانع الإسمنت وغيرها.
- التطبيقات الزراعية مثل البيوت المحمية ومزارع الربيان وصناعات دبغ الجلود وصباغتها وغيرها.
- من الممكن استخدامها في الصناعات الترفيهية مثل المنتجعات الصحية وغيرها.
إن مميزات طاقة الأرض الحرارية واستخداماتها ملفتة للنظر وكثيرة بحيث يصعب معها عدم إتخاذ قرار بدراستها عن قرب والنظر بجدية في إمكانية دمجها بمزيج الطاقة واستخدامها وإزاحة الملايين من براميل النفط المكافئة والحفاظ عليها لاستخدامات تكون أكثر فائدة للمملكة وأقل خطرا على المناخ.