▪︎ مجلس نيوز
يعد العقد الطبي من العقود الشائعة بين الناس، وأهم ما يلزم العقد الطبي وفقا للقاعدة العامة للعقود الرضا والذي يعتبر ركنا أساسيا في العقد المبرم ولا يتم إلا به، والرضا المعني في كلامنا يكون بين طرفي العقد الطبي أي المريض والطبيب.
وفي العقود الطبية وخاصة التي يمارس فيها الطبيب العمليات الجراحية يتطلب موافقة المريض لأن محل هذا العقد هو جسم الإنسان الذي يتمتع بحصانة وحرمة قانونية وشرعية إذ ليس بإمكان الطبيب المساس بجسم مريضه إلا بعد الحصول على رضاه أو رضا من يمثله فلا يحق له القيام بأي عمل طبي إلا بعد حصوله على الإذن احتراما لإرادة مرضاه وعلى ذلك نصت المادة الـ19 من نظام مزاولة المهن الصحية على أنه: «يجب ألا يجري أي (عمل طبي) لمريض إلا برضاه، أو موافقة من يمثله، أو ولي أمره إذا لم يعتد بإرادته…».
وقد عرف الفقهاء العمل الطبي بأنه كل نشاط يرد على جسم الإنسان أو نفسه ويتفق في طبيعته وكيفيته مع الأصول العملية والقواعد المتعارف عليها نظريا وعلميا في علم الطب، ويقوم به طبيب مصرح له قانونا بقصد الكشف عن المرض وتشخيصه وعلاجه لتحقيق الشفاء أو تخفيف آلام المرض والحد منها أو منع المرض أو بهدف المحافظة على صحة الأفراد شريطة توافر رضا من يجري عليه العمل الطبي.
وبناء على ما سبق وحرصا من المنظم السعودي على ضرورة رضا المريض نص عليها صريحا في المادة الـ19 من نظام مزاولة المهن الصحية لأن العلاقة التي تنشأ بين الطبيب والمريض هي علاقة غير متكافئة فالطبيب مهني على درجة عالية من المعرفة والتخصص الفني والمريض شخص يجهل ما يتعلق بالمرض لذا كان تقنين هذه العلاقة بشروط وضوابط مهم جدا، ولكن هناك استثناءات نص عليها النظام لإنقاذ حياة المريض بأن يكون حالات تنعدم معها إرادة المريض وتكون حالته حرجة فإن كافة التشريعات والقوانين تنص على أن هناك مساحة لإباحة تصرف الطبيب بالإرادة المنفردة مثل التدخل الطبي المستعجل والذي يفقد المريض إرادته في الاختيار ويتعذر عليه التعبير عن إرادته لأن المقام مقام ضرورة ملحة فيتدخل الطبيب من تلقاء نفسه لإسعاف المريض دون النظر إلى رضا المريض في مثل هذه الحالات الطارئة والمستعجلة والتي تكون شروطها على النحو التالي:
أولا: أن يكون المريض فاقدا لوعيه مما يجعله في حالة تعذر عليه اختيار الطبيب الذي يعالجه، ومن ثم يفرض الطبيب إرادته على مرضاه ويبيح له القانون التدخل الجراحي أو التخدير ونحو ذلك من التصرفات التي تتطلب الاستعجال لإنقاذ حياة المريض.
ثانيا: ألا تتحمل حالة المريض التأخر، فالتدخل الطبي من قبل الطبيب يجب ألا يكون متراخيا لأن التأخر في اتخاذ قرار في كيفية معالجة المريض والذي تتطلب حالته الاستعجال يكون إهمالا من الطبيب وتقع عليه المسؤولية التقصيرية في أداء عمله.
ثالثا: عدم توافر قريب أو مقرب برفقة المريض فمن المبادئ العامة التي تحكم العلاقة بين الطبيب والمريض هو أن يحترم الطبيب إرادة مريضه وذلك بتبصيره والحصول على رضاه بأي عمل طبي يقوم به سواء كان علاجيا أو جراحيا ولذلك نص النظام على أنه إذا كان المريض قاصرا فإن الذي يعبر عن إرادته ورضاه هو الوصي أو الولي عليه لأن دور الأقارب في التعبير عن إرادة المريض تبرز في الأحوال التي يكون فيها المريض لا يعرف مصلحته أو كيفية التعبير عن رضاه عما يقع عليه من عمل طبي.
ختاما: فإن الطبيب ملزم بالحصول على رضا المريض متى ما كان عاقلا بالغا، أما في الفروض التي يكون فيها المريض مصابا بمرض عقلي أو فاقدا لوعيه أو صغيرا فهنا يعتد برضا من ينوب عنه.
expert_55@