مجلس نيوز | majlis-news
للرياض تاريخ طويل ممتد، وسجل التاريخ الحركة الإنسانية في هذه المنطقة، التي تمتد إلى فترة ما قبل الإسلام بأكثر من 1200 عام، لكن رغم كل هذا الاهتمام، فإن التطورات الحضارية للرياض وما حولها، لم تتحقق فعليا، بل بقيت الرياض تنتظر فارسها، ليقفز بها إلى المكانة التي تليق بها بين مدن العالم وعواصم الأمم. فالرياض مدينة يستلهم منها المبدعون إبداعاتهم، وتقود الحضارة الإنسانية نحو آفاق جديدة لم يكشفها الإنسان بعد، لتكون درة العالم في العصر الحديث، عصر الذكاء الاصطناعي، كما كانت البندقية في عصور النهضة التجارية، ولندن في عصر النهضة الصناعية، ونيويورك في عصور الحداثة. ولا يليق بالرياض إلا هذه المكانة، فهي عاصمة القرار السياسي وملتقى مؤتمرات واتفاقيات السلام. وتاريخ نهضة الرياض يكتب مع تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز، إمارة منطقة الرياض آنذاك، حيث كان أول ما بدأ به في ذلك الوقت تأسيس لجنة لإعداد المخطط التوجيهي لمدينة الرياض، ويأتي تشكيل تلك اللجنة في ذلك الوقت، التي أصبحت – حاليا – الهيئة الملكية لمدينة الرياض، ليشير إلى الفلسفة الإدارية العميقة لدى الملك سلمان، واهتمامه بقواعد الحوكمة التي أصبحت اليوم المحك الأساس للعمل. كما أنه تبنى في ذلك الوقت نظرية المدينة الحراكية، وهو مفهوم يحقق التناغم والتوازن ما بين الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية لسكان المدينة، فكانت الرياض رمزا للمدن سريعة النمو، ونموذجا لعاصمة حضارية تناسب القرن الـ20 في حينه. لكن مع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، مقاليد الحكم، تبين للجميع أن ما شهدته المملكة عامة، والرياض خاصة، من تطور نابع من تصورات ونظريات الإدارة والحكم عند الملك سلمان، لم يكن إلا غيضا من فيض، وأن تلك الإنجازات التي تحققت فعليا لم تكن سوى البداية فقط. فعندما تولى خادم الحرمين الملك سلمان، مقاليد الحكم، تم تدشين رؤية المملكة 2030، واختيار الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، الذي أشرف بنفسه على تنفيذ الرؤية وبرامجها وتطويرها، حسب تطورات الاقتصاد المحلي والعالمي وتقلبات الأسواق. وكان اختيار الأمير محمد بن سلمان، يعني أن النهضة التي شهدتها الرياض ستنعكس على كل المدن، وأن الطموح عنان السماء. وهكذا انطلقت الرياض نحو حقبة حضارية جديدة لتكون متميزة دون منازع، وأن يصل تعداد سكانها إلى 20 مليون إنسان، يعيشون بسلام وأمن وأمان. وقد أطلق الأمير محمد بن سلمان، الخطة الاستراتيجية لتطوير الرياض، التي شملت مشاريع عملاقة جنبا إلى جنب مع تلك المشاريع المقامة حاليا، وأن تضم الرياض بين جنباتها أكبر مدينة صناعية. وما إن أطلق ولي العهد الخطة الاستراتيجية لتطوير الرياض، حتى تسابقت الشركات العالمية إلى حجز مكانها مسبقا للاستفادة من الوضع الاقتصادي لمدينة مثل الرياض، وفي هذا الاتجاه تم بالأمس توقيع اتفاقيات مع 24 شركة عالمية لإنشاء مكاتب إقليمية رئيسة لها في مدينة الرياض، ومن المتوقع أن يسهم ذلك في جذب ما قيمته 70 مليار ريال بحلول 2030 تقريبا، من خلال الرواتب والمصروفات التشغيلية والرأسمالية لتلك الشركات، ينتج عنه نمو في المحتوى المحلي عبر عديد من القطاعات المهمة. وقدوم هذه الشركات بهذا الزخم، إضافة إلى الشركات العالمية فعليا، يأتي نتيجة متوقعة لمبادرة ولي العهد لجعل مدينة الرياض من بين أكبر عشر مدن اقتصادية على مستوى العالم. فمدينة عصرية لها تاريخ مجيد وحضور فاعل على المستويات كافة، وتتمتع بقوة اقتصادية كبرى وقرار حكيم مؤثر، يجعل الشركات تتسابق من أجل حجز وجود لها وفتح مكاتب إقليمية، ذلك أن الرياض والمملكة واسطة عقد العالم العربي والإسلامي ورابطة القارات الثلاث، وهذا سيعزز من تكامل الأدوار بين الشركات التي ترغب في تحقيق استدامة للنمو. كما أن هذه الشركات ستولد عشرات الآلاف من الوظائف، وستدفع الاقتصاد الوطني نحو أعلى اقتصادات الدول العشرين نموا، كما أنها ستحقق نموا في الإيرادات غير النفطية، من خلال استخدامها الخدمات والمنتجات الوطنية، وتعزز من الصناعة الوطنية، مع تطبيق المحتوى المحلي في مدخلاتها بأنواعها، وهذا في مجمله يوسع دائرة الاستثمارات بأنواعها ويعزز المنافسة المطلوبة ويخدم الاستراتيجيات الاقتصادية العميقة في تحقيق الأهداف الخاصة باقتصادات المدن الكبرى. وهكذا هي الخطط الاستراتيجية الطموحة تؤتي أكلها وثمارها بهذه الطريقة المحكمة، فالعمل على تطوير الرياض يسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية التي تدعم – بدورها – الاقتصاد الوطني وتنتج الوظائف، ما يعزز الإنتاجية والجاذبية لدخول الأسواق وزيادة التنافسية وتحقيق الجودة الاقتصادية بأنواعها، عموما.