▪︎ مجلس نيوز
من المسلمات التي لا خلاف حولها وجود حقوق للمرضى منذ أن عرفت البشرية الطبابة والاستشفاء، ولكن المشكلة تكمن في مدى معرفة المرضى بحقوقهم، وما قد يترتب على جهلهم بها من أضرار تلحق بهم وبذويهم.
ولقد بدأ الاهتمام بحقوق المرضى لأول مرة في العالم بعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م ومضمونه أن لجميع البشر كرامة وحقوق متساوية وغير قابلة للتصرف. وعلى هذا الأساس انبثق مفهوم حقوق المريض.
وقد نُشرت العديد من الدراسات في مختلف البلدان بما في ذلك المملكة العربية السعودية لتقييم الوعي من المرضى بحقوقهم وممارسة حقوق المرضى من قبل مقدمي الرعاية الصحية.
وقد أجريت دراسات قليلة في المملكة العربية السعودية، إحداها عام 2011م في عدد من مراكز الرعاية الصحية الأولية بالرياض، حيث وجدت أن نحو ثلاثة أرباع (75%) المرضى لم يكن يعرف شيئا عن وجود وثيقة لحقوق المرضى.
كثير من المرضى –وربما– غالبيتهم من واقع الدراسات المذكورة آنفا يجهلون حقوقهم، وهذه الحقوق تشمل جوانب مختلفة، ويترتب على جهل كل منها مشاكل كثيرة للمرضى.
ويأتي أهم حق في البداية وهو حق المريض وذويه في معرفة كامل الحقوق من خلال الاطلاع على وثيقة أو ملصقات تلخص هذه الحقوق أو تلقي الشرح الوافي في أي مرحلة من مراحل العلاج من قبل موظفي إدارة حقوق المرضى بكل منشأة.
فعندما يعلم المريض مثلا أن من حقه التعامل مع معلومات ملفه بسرية تامة ستزداد ثقته بالفريق المعالج وينعكس ذلك إيجابيا على معنوياته وتقبله للعلاج. وعندما تغيب السرية والخصوصية تصبح معلومات المرضى مشاعا يطلع عليه الجميع ممن ليس لهم علاقة بعلاجه.
وعندما يعلم المريض وذووه أن من حقهم معرفة تفاصيل المشكلة وطرق العلاج والبدائل، ومن حقهم أخذ رأي آخر للتشخيص والعلاج، وعند الجهل بهذا الحق، تحدث المشاكل بين المرضى وذويهم ومقدمي الخدمة الطبية لعدم إطلاعهم على تفاصيل الحالة.
وتحدث الكثير من المشاكل عندما يوقع المريض على إقرار إجراء عملية جراحية مثلا دون معرفته وذويه بتفاصيل ما سيتم إجراؤه والمضاعفات المحتملة، وهذا سبب رئيسي للكثير من الشكاوى التي تفهم على أنها أخطاء طبية، بينما غالبيتها مضاعفات لم يتم إفهام المريض وذويه باحتمالية وقوعها حسب العرف الطبي.
من الحقوق الواجبة لكل مريض حمايته وضمان سلامته، إضافة لحفظ كرامته من خلال التعامل معه بالعيادات أو بالتنويم أو في غرف العمليات التي يضيع فيها بعض هذه الكرامة حين تخدير المريض بعدم ستر العورة أو التساهل في كشف مالا حاجة داعية لكشفه، وهذا يتطلب مزيدا من الحرص في تصميم ملابس العمليات.
ومن الحقوق المهملة ببعض المستشفيات ويجهلها المرضى وذويهم الحق في رفض المشاركة في الأبحاث الطبية، سواء كانت مجرد إجابة استبيان أو الخضوع لفحص أو إعطاء علاج جديد لتجربة فعاليته. وهذا يتطلب وجود لجان أخلاقيات البحث بكل منشأة أو على الأقل بكل بمنطقة لضمان سلامة وحفظ كرامة المرضى، وبدأت لجان أخلاقيات البحث العلمي بالمنشآت الصحية في التزايد بحمد الله.
ولوزارة الصحة السعودية جهود مكثفة لاسيما في السنوات الأخيرة لنشر الوعي، والتشديد على كل منشأة أن يكون بها إدارة مستقلة لعلاقات وحقوق المرضى، وترتبط مباشرة بالمدير العام، ولها مهام من أهمها وضع مطبوعات واضحة كمطويات ولوحات باستراحات المرضى، تشمل حقوق ومسؤليات المرضى، وتلتزم بزيارة كل مريض يتم تنويمه لتوعيته بحقوقه داخل المستشفى.
حيث نشرت الوزارة وثيقة شاملة لحقوق ومسؤليات المريض، من خلال السياسات والقواعد التي يجب الحفاظ عليها وحمايتها من قبل مرفق الصحة نحو المرضى وأسرهم. وقد بدأ ذلك في عام 2001م وتهدف إلى تحسين مستوى الخدمة الطبية، وزيادة ثقة المريض في المرافق الطبية وتعزيز العلاقة بين الطبيب والمريض.
ولازالت الحاجة لرفع الوعي لدى المرضى بوسائل الإعلام وأماكن التجمعات بحقوقهم، وكذلك التشديد والتأكيد على الجهات المسؤولة لمتابعة ومواصلة التثقيف للمرضى وذويهم بحقوقهم داخل المنشأة الصحية، وعدم الاكتفاء بالمنشورات في استراحات المرضى وذويهم فقط.