▪︎ مجلس نيوز
كان من الواضح أنَّ الجهاز الوظيفي الحكومي في المملكة سيتوجَّب إعادة هيكلته بعد صدور نظام التخصيص والبدء الفعلي في نقل ملكية بعض المشاريع الحكومية إلى القطاع الخاص، أو غيرها من طرق التخصيص.
حيث إنَّ نظام الوظيفة الحكومية ينتَمِي إلى ثقافة لم تعدْ تتناسب مع الإمكانيات المطلوبة في الموظفين العامِّين؛ فالجهات العامة ستحتاج في المستقبل القريب إلى كوادرٍ ذات تأهيلٍ ومرونةٍ أقرب ما يكون للقطاع الخاص وفق بيئة عملٍ ديناميكيةٍ متحركةٍ غير ثابتة، فيما ستنتقل ملكية بعض الجهات العامة إلى القطاع الخاص فعلاً.
وفي موضوع الوظيفة العامة لدينا منهَجَيْن أساسيَّيْن لإعادة الهيكلة، وهما:
- أولاً: منهج التحوُّل الوظيفي (تغيير طبيعة الوظيفة العامة): وذلك عبر الانتقال من نظام الخدمة المدنية الثابتة أو نظام التعاقد المدني المؤقَّت إلى نظام العمل والتأمينات الاجتماعية (م/1، القواعد)؛ وهذا يَعنِي أنَّ الموظف الثابت في الدولة مثلاً قد يتحوُّل إلى عاملٍ لديها بموجب عقد عملٍ مؤقتٍ خاضعٍ لنظام العمل، لكنه سيبقى مُنتَسِبَاً للحكومة. ويشمل هذا المنهج تحويل العمال لدى الجهات الحكومية بموجب عقود عمل مؤقتة مقابل أجر، من لائحة وظيفية لأخرى (م/9، القواعد).
يهدف منهج التحوُّل إلى الارتقاء بالخدمة الحكومية عبر تطبيق مناهج العمل الحديثة وفق عقود عملٍ مؤقتةٍ تخضع لبيئة العمل الخاص، وهذا سيُساهم أيضاً في تخفيف العبء المالي على الدولة من جراء الرواتب الثابتة أو اللوائح الوظيفية المكلفة، ويُكافِح البطالة المُقنَّعة التي تشكل عبئاً على ميزانية الدولة وعامِلاً مُعَرقَلَاً لتنفيذ خطط التنمية.
- ثانياً: منهج التخصيص الوظيفي (تغيير جهة الانتساب): عبر تخصيص بعض الجهات العامة ونقل ملكيتها إلى القطاع الخاص (م/1، القواعد)، وهذا يَعنِي انتهاء خدمة الموظَّف الثابت في الدولة والبدء بعقد عمل وتطبيق نظام العمل والتأمينات الاجتماعية المُتَعَلِّق بالعمَّال التابعين للقطاع الخاص، وكذلك الأمر انتقال العامل المؤقَّت في الدولة إلى القطاع الخاص (م/18، القواعد).
وفي هذه الحالة، يكون الموظَّف أمام نقلةٍ مصيريةٍ في حياته المهنية من الخدمة الحكومية وبيئتها الروتينية البطيئة إلى العمل الخاص وبيئته المرنة السريعة التي تحتاج إلى تطوُّرٍ دائمٍ ومواكبةٍ لأحدث الممارسات المهنية، والتي لا تضمن ثباتاً في المركز والراتب، بل يكون ثبات العامل رهناً بمستوى كفاءته، وقدرته على التطوُّر، والتأثير في العمل، والتعاون مع زملائه.
بناءً عليه، فقد صدرت من مجلس الوزراء قواعد جديدة تُنظِّم كيفية التعامل مع الموظفين والعمَّال في القطاعات المستهدفة بالتحوُّل والتخصيص بتاريخ 23-10-1442هـ.
وقد كان التحدي الأبرز أمام هذه القواعد هي تحديد فئات الموظَّفين في الدولة أو العاملين في جهة حكومية، القابِلِين لتطبيق منهج التحوُّل أو التخصيص الوظيفي عليهم.
وفي هذا الإطار، فقد أحالت قواعد مجلس الوزراء صلاحية وضع المعايير العادلة للمفاضلة بين الموظفين والعمَّال على كلٍّ ممَّا يلي:
- الجهة الحكومية المختصَّة؛ التي ستنفِّذ منهج التحوُّل الوظيفي وتنتقل إلى نظام العمل، فهي المسؤولة عن وضع معايير التفضيل بين الموظفين الذين تتوفَّر فيهم متطلَّبات التحوُّل إلى نظام العمل، أو العمَّال في الدولة الذين سينتقلون من لائحة وظيفية لأخرى (م/3، القواعد).
- الجهة المشرفة على الموظفين والعمال قبل إتمام التخصيص؛ وهي المسؤولة عن وضع معايير التفضيل بين الموظفين والعمَّال الذي تتوفَّر فيهم متطلَّبات الانتقال إلى القطاع الخاص (م/12، القواعد).
لكن حتى لا تخسر الجهات العامة في الدولة خيرة موظَّفيها الخبراء سواءً عبر تحوُّلهم إلى عقد عملٍ مؤقتٍ مع الدولة أو انتقالهم إلى القطاع الخاص، فبإمكاننا اقتراح مجموعة من معايير التفضيل بين الموظفين، كما يلي:
(1) الموظفون غير المُحبَّذ تحوُّلهم إلى نظام العمل أو انتقالهم إلى القطاع الخاص:
- الموظفون في البيئة الحكومية لمدة عمل تتجاوز 10 سنوات في وظيفة ميدانية أو فنية أو رقابية، لا يُفضَّل انتقالهم إلى نظام العمل أو القطاع الخاص حتى تستفيد الجهات الحكومية من مدة خبرتهم.
- الموظفون الخبراء في مجالاتٍ علميةٍ نادرةٍ.
- الموظفون المبتعثون الحاصلون على شهاداتٍ عليا.
(2) الموظفون الذين يمكن السماح لهم بالتحوُّل إلى نظام العمل أو الانتقال إلى القطاع الخاص:
- الموظفون الذين تقلُّ خبرتهم في الوظيفة الحكومية عن 10 سنوات.
- الموظفون الإداريون.