[ad_1]
مجلس نيوز | majlis-news
تواصلا مع ما تم طرحه في مقال الأسبوع الماضي بشأن ندوة الهندسة الاجتماعية التي شاركت فيها، تلزم الإشارة إلى موضوع آليات هندسة اجتماعية إضافية لم يتسع المجال لذكرها سابقا، إذ من أهم هذه الآليات الأديان ممثلة في الأنبياء – عليهم السلام -، إذ ما فتئوا يعملون على دعوة أممهم إلى عبادة الله، ودعوتهم للأخذ بالصراط المستقيم، بما يعنيه من جهود في توضيح منهج الحق، وتغيير أسلوب الحياة بكامله، وهذا عين الهندسة الاجتماعية عند قبول الفكرة، والإيمان، والأخذ بمبادئ المنهج، كما أن الديانات البشرية التي ابتدعها البعض لها دورها في إعادة تشكيل مجتمعاتها، كالبوذية، والهندوسية، والسيخ، وهذا ما نشاهده في ممارسات، وسلوك أتباعها، ونظم حياتها المستمدة من تعاليم الدين الذي يتبعونه.
المدارس الفقهية تمثل آلية من آليات الهندسة الاجتماعية، سواء المذاهب الفقهية في الإسلام، أو المسيحية واليهودية، ولعل منحى التصوف يمثل منهج حياة يؤثر في طريقة تفكير، وسلوك، بل البناء النفسي للفرد بما يجعل الأتباع لهذه الطريقة، أو تلك يتميزون عن غيرهم.
الأطروحات الكبيرة، ذات الشعارات الكبيرة والجاذبية القوية تجد صداها عند البعض، ليتحولوا إلى أتباع بكل طواعية، إلا أن البعض يحتاجون إلى إعادة هندسة لهم من خلال الحوارات الممنهجة، والمبرمجة، أو من خلال أسلوب العنف، كما حدث في عهد الزعيم الصيني ماوتسي تونج، حين طرح شعار الثورة الثقافية، وما أحدثته من انقلاب في المجتمع الصيني.
يمكن تصنيف الهندسة الاجتماعية من حيث آثارها إلى هندسة شاملة، أو جزئية، فالهندسة الشاملة تستهدف إحداث أكبر قدر من التأثير، والتغيير في الفرد، ليتشكل عقله، وخصائصه النفسية، وسلوكه، إلا أن النوع الثاني محدود، حيث يستهدف التغيير جانبا، أو جوانب محدودة في الفرد، أو المجتمع كأن نغير اتجاهات الفرد، أو المجتمع نحو المهن الحرفية، كما يمكن تصنيف الهندسة الاجتماعية من حيث استدامة الأثر، وامتداده فترة طويلة، إن لم يكن على مدى الحياة، وذلك مثل أن يعتنق الفرد فلسفة حياة توجهه في علاقاته، ونظرته للحياة، أما النوع الثاني فهو الأثر المؤقت الذي يحدث نتيجة دعاية، أو مشاهدة فيلم، أو قراءة قصة يتفاعل الفرد معها، وتؤثر فيه لشراء البضاعة، أو التعاطف مع الضحية التي يتحدث عنها الفيلم، أو القصة، إلا أنها بالتأكيد لم تحدث لديه انقلابا في شخصيته.
نجاح الهندسة الاجتماعية مرهون بتوافر مجموعة عناصر منها البيئة الاجتماعية الحاضنة للفرد، بما يتوافر في المجتمع من مكونات يرغب في غرسها، وتثبيتها في أبنائه، ومن العوامل الطبيعية الغضة، واللينة للطفل، إذ في أعوامه الأولى لديه قابلية التشكل، حسب ما تمده به المؤسسات الاجتماعية من أسرة، ومدرسة، وناد، ومسجد، وإعلام وغيرها.
كما أن الاستعدادات الفطرية، وقدراته تمكنه من تقبل، أو رفض ما يتعرض له من تطبيع، وهندسة اجتماعية، ولعل حيوية المجتمع، وديناميكيته لها دور في مسايرة التغيرات، والتحولات العالمية بما فيها من إيجابيات، وسلبيات لتظهر آثارها في الأفراد، وهذا ما نشاهده من تغيرات حدثت لدى الشباب في مظاهرهم، واختياراتهم، وقناعاتهم الفكرية، بفعل التقنية التي بين أيديهم.
التفاعل الاجتماعي، أو ما يعرف بديناميات الجماعة تتمثل في الأنشطة، والأحداث التي يتبناها المجتمع في الأعياد، والمناسبات الوطنية، أو في الأيام العادية، كالمهرجانات، والرياضة، والترفيه، كما أن خاصية مرونة الشخصية البشرية عبر مراحل العمر لها دورها في تسهيل نقل الموروث، أو المستجد، وتثبيته في العقول، والنفوس، ليتحول إلى سلوك مقبول، وغير مستنكر.
إجادة توظيف العمليات التربوية، والنفسية في توقيتها، وقوتها، كالتعزيز للأمور الإيجابية، وعقاب الفرد على السلوك السلبي، كما أن إحداث التغيير باعتماد منهج القدوة يسهم في نجاح الهندسة الاجتماعية، وهذا ما تؤكده نظريات علم النفس كما أثبتت ذلك نظرية باندورا المعروفة بالتعلم الاجتماعي.
إن ما يختزنه الفرد من خلفية معرفية، وخبرات، وتجارب سابقة يشكل منظومة يسهل الرجوع إليها، وتوظيفها في المواقف والظروف المستجدة.
إتقان برامج، وعمليات الهندسة الاجتماعية يترتب عليها فوائد جمة تتمثل في التماسك الاجتماعي، وصلابة الجبهة الداخلية، وتحقيق مكاسب اقتصادية، وسياسية تحقق الشعور بالأمن النفسي، والاجتماعي، والتزام الناس بالأنظمة، وقبولهم بنظام الحياة القائم، أو المستجد، وما يتطلبه من شعور بالمسؤولية، وبناء منظومة الأخلاق، والقيم لضبط السلوك عن الانحراف.
الجلسة الأخيرة لندوة الهندسة الاجتماعية خصصت لمناقشة التوصيات، بناء على ما طرح في أوراق العمل، والمناقشات، والأسئلة التي طرحت من قبل الحضور عبر تطبيق زووم، حيث بلغت التوصيات 14 توصية.
[ad_2]
Source link