[ad_1]
مجلس نيوز | majlis-news
اتسعت الفجوة بين أثرياء الولايات المتحدة وفقرائها في الأعوام الماضية، وفقا لعديد من المؤشرات. وغالبا عندما يتم الحديث عن أثرياء أمريكا وثرواتهم، فإن الأضواء تتركز على أكثر الأشخاص ثراء، وسبل تحقيق أموالهم، ومعدلات نموها، وترتيبهم بين أثرياء العالم، وما القطاعات التي يستثمرون فيها أو يقودونها لتحقيق تلك الثروات الطائلة.
لكن وسط هذا الاهتمام بأكثر الأشخاص ثراء في الولايات المتحدة، فإن التركيز يكون أقل على أغنى الأسر الأمريكية، ومقدار ثرواتهم، وسبل تحقيقهم لهذا الثراء، بل والأهم كيف ينجحون في نقل ثرواتهم من جيل إلى آخر عبر الزمن.
ولا شك أن ثروة الأسرة تزيد عندما تقوم العائلات بتوارث ثرواتها عبر الأجيال، حيث يسعى كل جيل إلى تنمية ما تركه له الجيل السابق من أصول، ليتركها بدوره للجيل التالي الذي يواصل عملية تنمية تلك الثروة.
هذا النمط من الاحتفاظ بالأصول داخل الأسرة الواحدة ولأجيال المتعاقبة، يسهم – نسبيا – في تفسير زيادة الثروة المجمعة لأكثر ثلاث عائلات ثراء في الولايات المتحدة، وهم آل والتون وعائلة كوك وأسرة مارس، الذين زادت ثرواتهم بنسبة 5868 في المائة منذ عام 1982 لتتجاوز ثروات العائلات الثلاث حاليا 348.7 مليار دولار.
وتقدر القيمة الصافية المجمعة لثروة أغنى 25 عائلة في الولايات المتحدة بـ722 مليار دولار، ويحتل آل والتون قمة الهرم، وبثرواتهم التي قفزت من 152 مليار دولار في منتصف عام 2014 إلى نحو 247 مليار دولار في منتصف شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تبدو جميع العائلات الأخرى أقزاما بالنسبة إليهم.
تلك الثروة تعود في جزء كبير منها إلى حصة العائلة في محال وول مارت، أكبر محال بيع التجزئة في العالم من حيث المبيعات، وإذ أسس سام والتون تلك المحال، في أربعينيات القرن الماضي، فقد تولى ابنه روب والتون منصب رئيس مجلس الإدارة لعقدين من الزمان، ولا يزال عضوا في مجلس الإدارة، إلى جانب صهره جريج بينز الرئيس الحالي لـ”وول مارت”، لكن ثروة العائلة لا تنحصر في حصتها من “وول مارت”، حيث لديهم عشرات من الاستثمارات الأخرى من أبرزها بنك ارفيست المسؤول عن إدارة 16 بنكا أخرى في عدد من الولايات الأمريكية.
في عام 2019 ذكر تقرير إخباري لموقع “بلومبيرج” أنه في الوقت الذي يتقاضى فيه العامل الجديد في “وول مارت” 11 دولارا في الساعة، خلال تلك الساعة نفسها يحقق آل والتون 70 ألف دولار كل ثانية، أي ما يزيد على أربعة ملايين دولار في الساعة، وما يتجاوز مائة مليون دولار يوميا من حصتها في أكبر متجر للبيع بالتجزئة في العالم.
وقال لـ”الاقتصادية” هاري جرينت الخبير الاستثماري “في عام 2019 حققت “وول مارت” مبيعات بقيمة 514 مليار دولار من أكثر من 11 ألف متجر في جميع أنحاء العالم، وتمتلك شركة والتون إنتربرايزز العائلية القابضة حصة 50 في المائة في “وول مارت”، وخلال عام 2019 جنت عائلة والتون أرباحا تقدر بثلاثة مليارات دولار من حصتها في “وول مارت”.
ويضيف، “أسرة والتون تعزز مراكزها المالية باعتبارها الأسرة الأكثر ثراء في الولايات المتحدة، فمن من محل قام مؤسس العائلة سام والتون بشرائه عام 1945، إلى إمبراطورية من المحال التجارية وغيرها من الاستثمارات ورثها الابن روب بعد رحيل والده عام 1992، والآن تنتقل المسؤولية إلى الجيل الثالث من العائلة، هذا الجيل يمتلك مزيدا من الخبرة والثروة في آن، وهو ما تجلى العام الماضي في زيادة آل والتون ثروتهم بنحو 25 مليار دولار، إذ يبدو أن وباء كورونا لم يعق مسيرتها في مراكمة الثروة، وعلى الرغم من الخسائر الضخمة في قطاع البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة، فإنهم نجحوا في التغلب على تلك التحديات عبر تعزيز التجارة الإلكترونية، وتعديل سلاسل التوريد”.
تحتل عائلة كوك المرتبة الثانية في ترتيب العائلات الأمريكية الأكثر ثراء، ومثل آل والتون بدأوا في تكوين ثروتهم في أربعينيات القرن الماضي، لكنهم لم يبلغوا ثراء آل ولتون، إذ لا تتجاوز ثروتهم حدود مائة مليار دولار، وهو رقم لا يستهان به بطبيعة الحال، لكن يجعلهم بعيدين عن احتلال هرم الأسر الأمريكية الأكثر ثراء.
وفي الواقع فإن منافسة عائلة والتون تبدو صعبة في الوقت الحالي، حيث تتجاوز ثروتها وحدها ثروات العائلات العشر التي تليها في قائمة أكثر العائلات الأمريكية ثراء.
عائلة مارس التي كونت ثروتها البالغة 94 مليار دولار من مبيعات الحلوى وأغذية الحيوانات الأليفة، تمتلك شركة مارس التي بلغت مبيعاتها حول العالم في عام 2019 نحو 40 مليار دولار، ومقارنة بآل والتون وأسرة كوك فإن عائلة مارس تمتلك تاريخا أكثر عراقة في الثراء، إذ تأسست شركة مارس عام 1911 عندما بدأ الجد المؤسس في بيع الحلوى في واشنطن، وأخيرا وتحديدا في عام 2017 وسعت الشركة من نشاطها بتأسيس قسم لرعاية الحيوانات الأليفة، عبر الاستحواذ على شركة لمستشفيات الحيوانات بقيمة تسعة مليارات دولار.
تمكن مواصلة القائمة التي ستشمل عائلات أمريكية لن تقل ثرواتها بأي حال من الأحوال عن بضعة مليارات من الدولارات، وإذا كان تحقيق الثراء يتطلب تضافر مجموعة متعددة من العوامل والأسباب، فإن الحفاظ عليه ونقله عبر الأجيال داخل الأسرة الواحدة، يتطلب كثيرا من التدابير والإجراءات.
أليسيا روب مسؤولة قسم إدارة الثروات في بنك نت وست، تعتقد أن العامل الأساسي لنجاح الأسر الثرية في الحفاظ على ثرواتها وتنميتها عبر الأجيال يعتمد على مفهوم الثقة العائلية والابتعاد عن النزاعات داخل العائلة الواحدة.
وتقول لـ”الاقتصادية”، “إن الثقة هي علاقة قانونية مصممة للاحتفاظ بالأصول، وتلك العلاقة مؤلفة من المانح والوصي والمستفيد، ولا شك أن هناك أشكالا قانونية مختلفة لتلك العلاقة، ويمكن أن تختلف أغراض الثقة، لكن عديدا من الأسر الثرية ينشئ صناديق استئمانية للتأكد من أن أطفالهم وأحفادهم سيتم الاعتناء بهم بعد رحيلهم، وأن الثروات التي كونوها عبر مسيرتهم لن تضيع هباء”.
وتضيف “تلك الصناديق الاستئمانية تلعب دورا مهما للغاية في تحديد كيفية الإنفاق من الثروة فلا يتم تبذيرها، كما أنها تسهم في خفض الضرائب من خلال الاستفادة من الإعفاءات الضريبية”.
لا ينفي الدكتور بن بورس أستاذ الاقتصاد الكلي في جامعة بروملي أن للثقة والتلاحم الأسري دورا فاعلا في حفاظ الأسر الأكثر ثراء في الولايات المتحدة على ثرواتها عبر الأجيال، لكنه يرى أن الأمر لا يقف عند تلك الحدود، إنما يعد المنظومة الاقتصادية الأمريكية ككل مصممة لإبقاء الأثرياء أكثر ثراء من خلال وسائل تشريعية تعزز التفاوت الطبقي بين الأسر الأمريكية.
بدوره، أوضح لـ”الاقتصادية”، “تمتلك الأسرة الأمريكية المتوسطة أكثر من 80 ألف دولار كثروة للأسرة ككل، بينما تمتلك 15 أسرة أمريكية مجتمعة ثروة تقدر بـ618 مليار دولار، وأغنى العائلات الأمريكية هي الوحيدة التي زادت ثروتها في الأعوام التي تلت الأزمة الاقتصادية عام 2008، وحتى في ظل جائحة كورونا تكشف بيانات المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، امتلاك أعلى 1 في المائة من الأمريكيين صافي ثروة مجمعة تبلغ 34.2 تريليون دولار أي 30.4 في المائة من جميع ثروات الأسر الأمريكية، وتلك الأسر الثرية وبطبيعة علاقاتها وقدرتها على توظيف واستئجار شركات استشارات قانونية تتمكن من الاستفادة من القوانين والثغرات الضريبية المتاحة للجميع للحفاظ على ثرواتها وتعظيمها”.
ويضيف “الأسر الثرية تعلمت درسين رئيسين تستطيع من خلالهما الحفاظ على ما لديها من أصول وتجنب اختلالات الدهر، الأول يتعلق بتنويع الأصول، فالمحافظ الاستثمارية لمعظم العائلات الأمريكية الأكثر ثراء تتسم بتنوع شديد، بحيث إذ ما تعرض أحد استثماراتها للخسارة، فإنها تواصل الحفاظ على ثرواتها وقدراتها المالية، أضف إلى ذلك أن تلك الأسر تعلمت أن السيطرة أهم من الملكية، فالسيطرة تمكنهم من تجنب عديد من الدعاوى القضائية المكلفة، وتسمح لهم بتجنب أنواع شتى من الضرائب، وبذلك يفضلون دائما أن يكونوا مسيطرين على الشركات وليس ملاكا لها”.
[ad_2]
Source link