▪︎ مجلس نيوز
يُعتبر الإلمام المعرفي بأدق تفاصيل سلاسل الإمداد أحد أكثر القضايا إلحاحًا فيما يخص الاقتصاد العالمي منذ ظهور جائحة COVID-19، ومع تفاقم أزمة المناخ والصراعات الدولية التي نمر بها، سيكون التعاون الدولي في غاية الأهمية من أجل تجنب نقص الغذاء الناجم عن سوء إدارة سلاسل الإمداد.
لقد كانت المملكة العربية السعودية واحدة من أكثر الدول التي نجحت في التخفيف من مخاطر الأمن الغذائي، وذلك من خلال عمل القطاع الخاص والحكومي جنبًا إلى جنب.
في الواقع فإن المملكة قد حوّلت هذا التحدي إلى فرصة من خلال تطبيق حلول مبتكرة كجزء من رؤية 2030، حيث جاء ذلك في سبيل دعم ازدهار الاقتصاد والقطاع الزراعي.
يضطر اليوم كبار المسؤولين التنفيذيين لإدارة سلاسل الإمداد الدولية كجزء من الدور الوظيفي المناط بهم في المملكة العربية السعودية تحديدًا أكثر من أي وقت مضى، حيث أدرك العديد من قادة C-Suite أهمية سلاسل الإمداد الآمنة لأعمالهم والدول التي تتواجد فيها شركاتهم، خذ على سبيل المثال شركة العثيم للاستثمار، وهي واحدة من أكبر مشغلي مراكز التسوق في المملكة العربية السعودية، تهدف الشركة إلى إنشاء وجهات فريدة متعددة الاستخدامات تضم مطاعم ومواقع جذب سياحي ومراكز ترفيه تماشيًا مع رؤية 2030، كما أنها أولت مؤخرًا اهتمامًا بالغًا بتطوير إدارة سلاسل الإمداد.
يقول مشعل بن عميرة الرئيس التنفيذي لمجموعة العثيم للاستثمار: “إن الإدارة الناجحة لسلسلة الإمداد هي أمر أساسي لنجاح أعمالنا، فالعملاء يتوقعون أن تكون مراكز التسوق لدينا مجهّزة على أكمل وجه، ويطمحون أن تكون مطاعمنا تقدم خيارات متنوعة في جميع الأوقات، ومن الأمور الأساسية هنا مسألة الشراكة في العمل بين الحكومات والقطاع الخاص لتحقيق أعلى درجة من الكفاءة”.
يعكس هذا الاهتمام بالقضايا المتعلقة بسلسلة الإمداد مدى أهميتها المتزايدة في الأعمال التجارية العالمية، فقد أدى الصراع الأخير في أوكرانيا إلى زيادة التركيز على هذه القضية، حيث تعتمد الأسواق على دولة مثل وروسيا للحصول على إمدادات كبيرة من المنتجات الغذائية والسلع، وقد اتضح أيضًا من خلال هذه الأزمة أن انعدام الأمن الغذائي يمكن أن يظهر في أجزاء مختلفة من سلسلة التوريد – من الإنتاج إلى المعالجة وحتى التسليم وما بعده.
اعتدنا في عصر العولمة على وصول البضائع بسهولة من جميع أنحاء العالم، فليس هناك شك أن سلسلة التوريد الموثوقة التي تتعامل مع حركة المواد والسلع بوتيرة فعالة ضرورية للعملاء والأعمال بشكل عام، ونتيجةً لهذا الضغط الذي يشعر به القطاع الزراعي بشكل ضخم في كثير من الأحيان، فإن العديد من البلدان تركز بشكل أكبر على الاكتفاء الذاتي، فضلاً عن كونها أكثر وعيًا بالآثار البيئية المترتبة على نقل البضائع لمسافات طويلة.
من الضروري إذاً استخدام استراتيجيات جديدة للتغلب على التحديات التي تفرضها المصاعب المرتبطة بسلاسل الإمداد، وقد حققت المملكة العربية السعودية نجاحًا ملحوظًا في التغلب على اضطراب سلسلة الإمداد الذي أثر على وفرة المواد الغذائية العالمية خلال جائحة COVID-19 من خلال تنفيذ استراتيجيتها للأمن الغذائي Food Security Strategy، مما يشير إلى أهمية التعاون القصوى مع القطاع الخاص من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي وتنمية قطاع الزراعة في البلاد.
على سبيل المثال، زادت المملكة حجم الإقراض لمزارعي الدولة 1,9 مليار ريال سعودي (506,67 مليون دولار) في عام 2019، مما ساعد القطاع على الازدهار.
وكنتيجة طبيعية لهذا الأمر، تمتلك المملكة العربية السعودية واحدًا من أكبر مراكز تخزين القمح والدقيق في الشرق الأوسط، بما يزيد عن 3,3 مليون طن، وذلك يجعلها تتمتع بالاكتفاء الذاتي إلى حد كبير، بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من فرص الاستثمار الزراعي المستدام الذي يحقق الأمن الغذائي في المملكة العربية السعودية والعالم.
لقد قامت الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والحيواني (سالك) (SALIC)، التي تأسست عام 2012، بتوريد 355 طنًا من القمح إلى البلاد مؤخرًا، كما ستمثّل أتمتتة سلاسل الإمداد دورًا هامًا في ضمان تحقيق الأمن الغذائي بنسب عالية.
وفقًا لصحيفةInformation Week (انفورميشن ويك) فقد ركزت إدارة سلسلة التوريد على تسريع التسليم مع احتواء التكلفة العالية، ومع ذلك، فإن جائحة COVID-19 قد وجّهت تركيز المعنيين بالقطاع نحو مفهوم المرونة – فاستطاعت الإدارة الجيدة لسلاسل التوريد أن تساهم في عودة الحياة الطبيعية في كل مرة تواجه فيها صعوبات بسبب عمليات الإغلاق والشحنات المتوقفة.
لذلك، ستلعب أتمتة سلاسل التوريد دورًا رئيسيًا في المستقبل للحفاظ على مرونتها، فمن المتوقع أن تؤدي موجة الرقمنة التي تسارعت بسبب الوباء إلى تغذية السوق العالمية لإدارة سلاسل التوريد، من حوالي 23 مليار دولار في عام 2020 إلى ما يقارب من 42 مليار دولار في عام 2026، ويمكن أن تكون نتيجة زعزعة القطاع الرقمي هي ابتكار حلول لإدارة سلاسل التوريد.
علاوة على ذلك، مع استمرار مساعي المملكة العربية السعودية في أن تصبح قوة تكنولوجية، ستلعب التجارة الإلكترونية أيضًا دورًا مهما في تطوير سلاسل التوريد.
وبينما قد تظهر هناك مشكلات في دمج التجارة الإلكترونية مع الأساليب اللوجستية التقليدية، يمكن للمملكة الاستفادة من معدلات الاتصال العالية والبنية التحتية التقنية المتقدمة والسكان المتمرسين في مجال التكنولوجيا.
لقد أظهرت حالة عدم اليقين العالمية مؤخرًا الحاجة إلى تعزيز سلاسل التوريد، لا سيما من أجل تلبية متطلبات احتياجات الأمن الغذائي المتطورة باستمرار، وبقراءة المستقبل نجد أنه يجب على الدول الأخرى أن تحذو حذو المملكة العربية السعودية في إيجاد الحلول المبتكرة في سبيل حل مشكلات سلاسل الإمداد وتحسين الأمن الغذائي، حيث سيؤدي ذلك إلى إنشاء سلاسل إمداد مرنة ودقيقة تمكن المصنّعين من مواجهة التحديات خلال دورة التوريد، بدءًا من التخطيط وتحديد المصادر وصولًا إلى إدارة العمليات والتسليم.
تم نشر هذه المقالة الإدارة الحازمة لسلاسل الإمداد وضرورتها لتعزيز الأمن الغذائي للمرة الأولي علي صحيفة الوئام الالكترونية.