▪︎ مجلس نيوز
من المسلم به أن جيوش دول العالم تتكون من مواطنيها؛ فهم الذين يأخذون على عاتقهم مهمة الدفاع عن وطنهم ويعد ذلك شرفا لهم ولا يقاتلون في صفوف جيوش أخرى إلا بناء على رغبة سلطات دولتهم الأصلية وبصرف النظر فبعض الدول بطريقة غير مباشرة تحث مواطنيها للدخول في القتال مع دول أجنبية وتغض الطرف عن ذلك لأجل مصالحها!
على العموم ليس من الغريب في الأحداث الراهنة أن تسمح بعض الدول الأوروبية في مشاركة مواطنيها في القتال بجانب الطرف الأوكراني أو تغض الطرف ليتسربوا على ميادين القتال، ومن وجهة نظري أن هذا الأمر يحدث طبيعيا في ظل ظروف الحرب بين أوكرانيا وروسيا وتعاطف الكثير من وسائل الإعلام الغربي ودعوى الرئيس الأوكراني زيلينسكي بأن القوات المسلحة الأوكرانية تستقبل ما سماهم بـ (المتطوعين) سيكون هناك دخول للمرتزقة في النزاع المسلح بين الدولتين.
والجواب الصعب على سؤال من هم المتطوعون الذين وافق الرئيس بوتن على خطة لإرسال مقاتلين أجانب من الشرق الأوسط؟! بالتأكيد أنهم من دولة سوريا وهذا ليس رجما بالغيب بل استقراء لما يدور في الأحداث الساخنة في المنطقة وليس هو محل حديثنا.
الذي أريد أن أصل إليه أن لا ينطلي على المتابع للأحداث الساخنة مصطلح (المتطوعين) فهؤلاء حسب تصنيف القانون الدولي الإنساني يعتبرون مرتزقة تقودهم مخابرات الدول بدعاية عدالة القضية أو مشروعية الحرب وغيره من المبررات استجلابا لأعداد كبيرة من المرتزقة لتغيير قواعد القتال.
وإن مصطلح المرتزقة ظهر في العصور القديمة حين لم تكن الجيوش النظامية قد تكونت، أما في العصر الحديث فيجمع الباحثون على أن تاريخهم الحقيقي يبدأ قبل الثورة الفرنسية 1789م، ولكنها ظهرت بوضوح في أواخر القرن الماضي وقد تكلمت عن هذا الموضوع في مقال سابق.
والمتابع للأحداث الساخنة يجد استخدام مصطلح المتطوعين في وسائل الإعلام كثيرا والتحريض واضحا لدفع هؤلاء المرتزقة إلى ميادين القتال كما حدث في ليبيا بدعم من دولة تركيا، وكذلك استخدم الحوثي المرتزقة من بعض الدول الأفريقية في حربه المتمردة الانقلابية المدعومة من إيران على الشرعية في اليمن، كل ذلك لإيديولوجيا معينة أو تعاطف من هؤلاء الجهلة أو يكون دافعهم الرئيس هو المال فقط!
وبما أن هناك خلطا بين مصطلح المتطوعين المستخدم في الإعلام المحرض والمرتزقة وفق نصوص القانون الدولي فهنا ثلاثة مرتكزات يقف عليها وصف المرتزقة وفق قواعد القانون الدولي نذكرها على النحو التالي:
أولا: العنصر الأجنبي، حيث يكون المرتزق شخصا أجنبيا جاء خصيصا للقتال، وهو ما أكدته المادة الـ47 فقرة (د) من البروتوكول الإضافي الأول، حيث تنص على المرتزق مقاتل أجنبي يعمل في القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع المسلح وليس من رعاياها.
ثانيا: الرغبة في القتال إما مقابل الحصول على المال أو تعاطف أو إيديولوجيا معينة، لذا يعد شرط الرغبة مهما لتحديد هوية وسمات المرتزق حتى وإن سماهم الإعلام متطوعين يقاتلون في سبيل رد احتلال أو عدوان.
ثالثا: الطابع الشخصي، فالمرتزق يعمل لحسابه الشخصي أو لحساب جماعة وليس لحساب دولة ثالثة، ونستثني من هذا الوصف المستشارين العسكريين أو أفراد القوات المسلحة العاملة للدولة الثالثة الداعمة لأحد أطراف النزاع.
ختاما: إن المرتزقة لا يتمتعون بالوضع الممنوح للمقاتل الشرعي أو أسير الحرب، ولا يجوز للدول الأطراف في النزاع المسلح أن يجندوا أو يستخدموا أو يمولوا أو يدربوا الأجانب لغرض القتال، وهذا ما نص عليه القانون الدولي الإنساني والذي يعنينا ألا نلتفت لمثل هذه القضايا في النزاع بين أوكرانيا وروسيا ولا نتعاطف معها بل ما يهمنا هو مصالحنا فقط.
expert_55@