▪︎ مجلس نيوز
فيما أعلنت الأمم المتحدة أن مليون لاجئ أوكراني فروا من بلدهم منذ بدأت القوات الروسية غزوه، توقع مراقبون أن يدفع ما يزيد عن 20 مليون شخص من الأبرياء في البلدين وحول العالم ثمن الحرب التي وصلت يومها التاسع.
وعلاوة على آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء الذين يتساقطون بين قتيل وجريح نتيجة القصف الروسي والمعارك الدائرة في كييف والمدن الأخرى، أثارت الحرب حالة من الهلع والخوف لدى الأجانب الموجودين في أوكرانيا، ولا يتوقف الضرر في محيط البلدين فقط، بل يصل إلى الكثير من دول المنطقة.
وتحدثت تقارير حديثة عن حوادث عنصرية تعرض لها الفارون من أوكرانيا بسبب بشرتهم. وأكد عدد من الطلاب العرب والأفارقة تعرضهم لمواقف تشوبها عنصرية خلال محاولتهم الفرار.
هلع الهاربين
وأكد المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، فيليبو غراندي «إنه في غضون سبعة أيام فقط شهدنا تدفق مليون لاجئ من أوكرانيا على الدول المجاورة لها، وسط حالة هلع تسيطر على الجميع».
وأضاف «بالنسبة لملايين آخرين داخل أوكرانيا، حان الوقت لأن تسكت المدافع حتى تتمكن المساعدات الإنسانية من أن تصل وتنقذ أرواحا»، وأشار إنه يعتزم التوجه في الأيام القليلة المقبلة إلى رومانيا ومولدافيا وبولندا، الدول الثلاث التي تستضيف على أراضيها أكبر عدد من اللاجئين الأوكرانيين.
وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة قرارا غير ملزم «يطالب روسيا بالتوقف فورا عن استخدام القوة ضد أوكرانيا»، فيما واصلت القوات الروسية تقدمها في أوكرانيا وسيطرت خصوصا على خيرسون، المدينة الكبيرة في جنوب البلاد وأكبر مدينة تسقط في قبضتها، وفق ما أكد مسؤولون أوكرانيون.
تصرفات عنصرية
وأكد ثلاثة طلاب من نيجيريا هم جوزيف وإريك وفرانسيس، فروا من بين عشرات الآلاف من الأشخاص الذين عبروا من أوكرانيا إلى بولندا أن رحلتهم عبر أوكرانيا كانت أكثر صعوبة بسبب لون بشرتهم.
وقال جوزيف، طالب هندسة الكمبيوتر «لقد واجهنا الكثير من التمييز.. كان علينا في الواقع أن نتوسل للناس ليأخذونا إلى الحدود حتى نتمكن من إيجاد طريقة للهروب».
ولم يكن الطلاب الثلاثة وحدهم من شكا من التمييز، إذ يقول عدد من الأفارقة الذين حاولوا الفرار من أوكرانيا بعد غزو روسيا، «إنهم واجهوا مشاكل في التنقل بين الحافلات أو القطارات إلى حدود أوكرانيا؛ لأنهم كانوا من السود».
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي نشر عدد من الأشخاص من جنسيات غير أوروبية ما قالوا إنها مواقف تعرضوا لها تفيد برفض بولندا الأشخاص ذوي البشرة السوداء من الأفارقة وحتى بعض العرب الفارين من أوكرانيا. لكن الحكومة في وارسو نفت تلك الأنباء ووصفتها بأنها أنباء مزيفة».
الأولوية للأوكرانيين
ويقول آخرون «إنه بمجرد وصولهم إلى المعابر الحدودية، يعطي حرس الحدود الأوكراني الأولوية للأوكرانيين ويرسلون الآخرين (غالبيتهم من دول أفريقية)، إلى الجزء الخلفي من قائمة الانتظار، والتي يمتد بعضها لمسافة كيلومترات. كانت هذه هي تجربة كواديو سيميون من ساحل العاج.
يقول سيميون، وهو شاب حديث التخرج كان يدرس في مدينة خاركيف الشمالية الشرقية التي تعرضت للقصف الشديد، «إنه وأصدقاءه قد قطعوا أكثر من 1000 كم غربا عبر البلاد إلى مدينة لفيف الأوكرانية ومنها إلى قرية على بعد حوالي 75 كم من مدينة لفيف على الحدود مع بولندا.
وتابع سيميون قائلاً «إنهم تمكنوا من هناك من ركوب حافلة، لكنها أبعدتهم مسافة عشرة كم فقط عن البلدة.. «مشينا أكثر من 65 كم في درجات حرارة شديدة البرودة».
وعندما وصلوا، لم يسمح لهم المسؤولون الأوكرانيون بالمرور إلى المركز الحدودي البولندي. يقول «الوضع بالقرب من الحدود البولندية صعب للغاية». وأضاف «وصلنا اليوم لكن الأجانب غير مسموح لهم بعبور الحدود مما يعني أننا سنبقى هنا في البرد».
حالة ذعر
طالبة الطب النيجيرية سارة أجيفا إيداتشابا، البالغة من العمر 19 عاما، قالت لوكالة (DW) «إنها وشقيقتها الكبرى، التي كانت تدرس الطب في أوكرانيا أيضا، تمكنتا من الفرار من العاصمة كييف ووصلتا بأمان إلى بولندا قبل أيام».
وتابعت «خلال الرحلة، كان الأمر على ما يرام حتى وصلنا إلى الحدود الأوكرانية. كان هناك طابور طويل، وقضينا يوما كاملا على الحدود»، وقالت «كانت لدينا مخاوفنا وتوقعاتنا لأن الأشخاص الذين سبقونا أخبرونا أنه تم تصنيفهم عنصريا ولم يسمح لهم بالمرور».
وأضافت «إنه عند النزول من الحافلة ومرورا بجوازات السفر، سمح لهما بمواصلة السير إلى الحدود البولندية. وعندما بدأت العملية العسكرية الروسية قالت إيداشابا «إنها وأختها الكبرى، التي كانت تدرس أيضا في أوكرانيا، كانتا «في حالة ذعر» لأنهما لم تعرفا كيف ستتمكنان من مغادرة البلاد والعودة إلى الوطن».
تهدئة الغضب
تصريحات الطلاب والمواطنين الأفارقة جاءت في الوقت الذي صدرت فيه عدة تعليقات وصفت بالعنصرية من جانب مراسلين وصحفيين أوروبيين للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ولم تمر مقارنات إعلاميين وسياسيين بين الشرق الأوسط الذي اعتاد على النزاعات، والحرب في أوكرانيا «المتحضرة»، مرور الكرام عند معلقين عرب على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين رأوا فيها مفارقة عنصرية».
وكثرت الأمثلة على هذه التصريحات في القنوات الفرنسية والأمريكية والصحف البريطانية، ما دفع الكثير من وسائل الإعلام المعروفة إلى نشر اعتذارات علنية لتهدئة الغضب على مواقع التواصل.
أخطاء فادحة
وتورط إعلاميون في أخطاء عنصرية فادحة، ومن الأمثلة على ذلك، تعليق أدلى شارلي داغاتا الموفد الخاص لقناة «سي بي إس نيوز» الأمريكية إلى أوكرانيا، حيث قال في رسالة مباشرة «مع خالص احترامي، فإن هذا ليس مكانا مثل العراق وأفغانستان اللذين عرفا عقودا من الحروب.
إنها مدينة متحضرة نسبيا، أوروبية نسبيا (…) حيث لا ننتظر حصول أمر مماثل»، بيد أنه أعرب في اليوم التالي عن اعتذاره وندمه على كلامه. لكن الضرر كان قد حصل بالفعل.