▪︎ مجلس نيوز
من قبيلة بني حنيفة، الضاربة في أعماق التاريخ العربي، برزت أسرة مانع المريدي في القرن الخامس عشر الميلادي وصكت تاريخا جديدا لمنطقة العارض في نجد، وتحديدا في منطقة الدرعية، وقد تميزت الأسرة بمجموعة من القادة التاريخيين الذين عرفوا بالتدين والحكمة وبراعة القيادة مما أكسبهم ولمدة ثلاثة قرون متواصلة ثقة مجتمع الجزيرة العربية، ومن هنا تظهر أهمية يوم التأسيس وذكرى الاحتفاء به في كل عام.
بعض المؤرخين الذين تناولوا تاريخ الدولة السعودية لم يعوا حقيقة التأسيس، ولذا يصرون على تسميتها بالحركة الوهابية كتشبيه تاريخي للحركات الثورية في التاريخ البشري، بينما واقعها الفعلي والتواتري يتحدث عن مظاهر البدع ومشاهد الشركيات التي شرعت حينها بالتفاقم بين أقاليم الجزيرة العربية ومنها بالطبع نجد خلال القرن الثامن عشر الميلادي وربما قبله، وهذه الأمور قد أثارت حفيظة العلماء حينها وكانت مصدرا لقلقهم عن حدوث تحورات عقدية قد تخرج الناس عن مضامين تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وبعد محاولات تغييرية بالنصح والإرشاد لم تجد نفعا، لم يجد الشيخ محمد بن عبدالوهاب بدا من تغيير الواقع ولو بالقوة، وبعد محاولات متعددة مع حكام نجد وجد الشيخ محمد بن عبدالوهاب ضالته المنشودة في الإمام محمد بن سعود -رحمه الله-، والذي كان خير نصير للسنة النبوية المطهرة، وبعد ذلك اللقاء التاريخي بينهما تم تدشين الدولة السعودية الأولى، وبهذا يظل التوصيف الفعلي لها أنها دعوة إصلاحية وليس حركة دينية أو ثورية.
بعض الكتاب تناول تاريخ الدولة السعودية من منظور اجتماعي بحت، وسنستعرض في هذا المقال اثنين من هؤلاء، الأول هي قراءة الدكتور خالد الدخيل والذي رأى أن تصدع القبيلة كان السبب الأول وراء تأسيس الدولة السعودية وليس انتشار الشركيات كما هو معهود ومتواتر، وهي رؤية قاصرة إذا اعتبرناها كسبب أول في تأسيس الدولة، ولكنها كقراءة اجتماعية ربما قد تعد صحيحة في ظل اعتبارها سببا تاليا بعد عامل الدعوة الإصلاحية.
الكاتب الآخر، هو المفكر المغربي الدكتور محمد عابد الجابري، والذي رأى أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في نجد عام 1747م كانت قد أفرزت نتائج مجتمعية هامة من حيث تحقيق العدالة المجتمعية والمساواة، بالإضافة إلى الحرية المجتمعية من قيود الهيمنة التركية التي كانت سببا أساسيا في انتشار الشركيات وذيوع البدع آنذاك، وبالتالي فإن الأثر المجتمعي الإيجابي الذي حققته الدعوة الإصلاحية في مجتمع الجزيرة العربية كان أسبق تاريخيا وبـ 42 عاما من نتائج الثورة الفرنسية في عام 1789م والتي يعول عليها المؤرخون الغربيون بأنها أول حركة اجتماعية حققت مبادئ الإنسانية الثلاثة.وفي الختام.. يظل يوم التأسيس 22 فبراير يوما تاريخيا فاصلا في حياة العرب والمسلمين وليس السعوديين وحدهم، فهو انتصار للعقيدة الوسطية التي كان عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام، وهو ذكرى عزيزة لميلاد دولة عظيمة امتدت لأكثر من ثلاثة قرون وهي تشع بأنوار التطور والنماء، وتتشرف بحماية وخدمة الحرمين الشريفين، بالإضافة إلى أنها تمثل محور ارتكاز الثقل السياسي والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، فحفظ الله مليكنا الغالي وسمو ولي عهده الأمين، والشعب السعودي النبيل.
@albakry1814