▪︎ مجلس نيوز
قد يكون الانطباع الأول عند الإعلان عن توقيع اتفاق نووي بين إدارة بايدن والمجموعة السداسية من ناحية والجمهورية الإسلامية في إيران من الناحية الأخرى لدى الدول العربية هو التشاؤم والإحباط وخيبة الأمل لكنها قد تكون فرصة لإثبات حقيقة بأن إيران تكذب وأنها تقول شيئا وتخالف في أفعالها ما تعلنه.
هناك حقيقتان حول أي اتفاق نووي ما بين إيران والولايات المتحدة. أولهما، أن إيران ستظهر نفسها على أنها دولة ذات أهمية عن أي دولة أخرى عربية، أو إسلامية أو خليجية. الأمر الآخر، أن إيران ستستخدم الأموال المفرج عنها جراء تخفيف العقوبات الاقتصادية عليها لدعم نشاطها النووي؛ لكن قد تكون لحظات إيران في القوة لحظات عابرة، لأنه لا يستطيع نظام سياسي منهار أن يحافظ على قوته حتى ولو امتلك قنابل ذرية أو أسلحة نووية. الاتفاق النووي لن يجدد صلات إيران المقطوعة بمعظم دول العالم لن يكون هذا الاتفاق تطبيعا من دول كثيرة مع إيران.
معظم دول العالم مازالت تخشى إيران. وسوف تزداد خشية معظم دول العالم أكثر من إيران مع كونها دولة تطور قدراتها النووية. يجب أن تعمل الدول العربية والخليجية على استثمار هذا الشعور لأنه قد يزيد من عزلة إيران ويجعل من الاتفاق النووي نوعا من عدم الانفراج في علاقات إيران مع العالم الخارجي.
يجب التأكيد على أن هذا الاتفاق النووي يقابل من ناحية الأمن الحد الأدنى من المتطلبات الأمنية للدول العربية، ودول الخليج، وعلى الدول التي وقعت هذا الاتفاق أن تستمع وتجيب على أسئلة الدول العربية بخصوص مكاسب إيران من هذا الاتفاق. بالطبع ستحاول إيران تصوير هذا الاتفاق على أنه هزيمة للغرب بصفة عامة، والولايات المتحدة بصفة خاصة. ولعل أمريكا ستفيق من أخطاء حساباتها بعد توقيع هذا الاتفاق عندما تستمع إلى صيحات «الموت لأمريكا» من الجماهير الغفيرة في الشارع الإيراني.
الأمر الذي ما زال محيرا لكل المراقبين السياسيين في حالة توقيع أو عدم توقيع اتفاق نووي مع إيران هو «ما هي الهيئة داخل إيران التي تتحكم في البرنامج النووي الإيراني». مازالت هناك تكهنات بأن الحرس الثوري هو المسؤول عن برنامج إيران النووي. هناك أيضا ما يقال بأن وزارة الدفاع في إيران هي من يتحكم في هذا البرنامج؛ لذا يجب على إيران أن توضح بكل صراحة من هي الجهة داخلها التي تشرف على برنامجها النووي. هذا سيحدد المؤسسة التي يجب أن تكون على اتصال مباشر مع كل دول العالم والتي عليها أن تؤكد للكل بأن إيران لن تطور قنبلة ذرية أو أي سلاح نووي.
وعلى إيران أن تدرك جيدا بأن من حق كل دول العالم وليست الدول الموقعة فقط على الاتفاق أن تعرف نوايا إيران بخصوص برنامجها النووي. إيران ليست دولة محبة للسلام ولا تسعى إلى الاستقرار في المنطقة، وبالتالي فإن دول العالم بأسره لن تقف ساكتة إذا كانت إيران تلعب بالنار وتهدد جيرانها بحكم أنها أصبحت دولة نووية.
هناك ضرورة بأن يكون هناك تكثيف لأنشطة أجهزة المخابرات لمراقبة سلوك إيران النووي. ويمكن تحقيق هذا عن طريق بعث طلعات طائرات استطلاع بصورة أكثر دورية وتصوير الأماكن الخاصة بمفاعلات إيران النووية للتأكد من أن طهران لا تغش بشأن التزاماتها النووية. بالإضافة، يجب تنشيط أجهزة التصنت داخل وخارج إيران لمعرفة ما يدور في مناقشات داخل القيادة الإيرانية حول كيفية استغلال هذا الاتفاق لتحقيق نوايا إيران الشريرة.
يجب أن تقوم أجهزة المخابرات في دول الخليج بهذا المجهود الاستطلاعي والرقابي من كيف مارست الدول العظمى سياسات عند توقيعهما اتفاقات الأسلحة النووية يجب أن تتعلم الدول العربية تطوير أنظمة الدفاع الجوي، تم هذا عن طريق عندما كانت كلا من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي يوقعان اتفاقات استراتيجية بخصوص أسلحتهما النووية، كانت هناك بنود تسمح لهما بإقامة منظومة من الصواريخ المضادة للصواريخ. هذا طراز من الصواريخ حجمه صغير لكن بإمكانه أن يحايد أي صاروخ يطلق من أي طرف خصوصا لو كان محمل برأس نووي. من حق الدول العربية أن تمتلك، وتحصل، وتطور هذا النوع من الصواريخ.
بالتأكيد لن تتوقف إيران عن تطوير برامجها الصاروخية وسيكون هذا مقلق للغاية، لأن إيران بإمكانها «تحميل» تلك الصواريخ برؤوس نووية، وحيث إن إيران تعتمد على دول أخرى في تطوير صواريخها النووية؛ لذا يجب إقناع أي دولة تطور من قدرات إيران الصاروخية بالتوقف عن هذا النشاط نظرا لما يمثله من خطورة على أمن وسلامة الدول والمجتمعات العربية.
هناك أيضا الموضوع الخاص بالإطار الزمني لهذا الاتفاق. هناك بالطبع فرق كبير لو كان هذا الاتفاق لمدة ثلاث سنوات عن كونه خمس سنوات، ستحاول إيران أن تكون مدة الاتفاق طويلة، لأن هذا سيساعدها على أن تطور من قدراتها للحصول على سلاح نووي، يجب أن تنسق الدول العربية في مواجهة إيران على حسب طول مدة الاتفاق.
على الدول العربية الربط بين السماح لإيران بالحصول على أموالها المجمدة ودعم نشاطها التخريبي.
على الدول العربية دعم أجهزة مقاومة الحرب السيبرانية (الالكترونية)، لأن إيران ستستخدمها كسلاح لزيادة عدائيتها لغيرها من الدول، يجب على دول الخليج أن ترابط بأسطول حربي دائم في مياه الخليج، لن يمثل هذا على أنه عدوان على إيران؛ لكنه يعتبر من المقومات الأساسية للحفاظ على الملاحة في مياه الخليج التي طالما سببت إيران مشاكل لها، بالإضافة إلى أن وجود قوة عسكرية عربية في الخليج هو بمثابة أحد وسائل سياسة الردع المطلوبة في حالة وجود برنامج نووي خطير من قبل دولة تخالف القانون والمعايير الدولية مثل إيران.
أخيرا، إذا تم إثبات أن إيران لا تلتزم بأي اتفاق نووي، فيجب البت فورا في إلغائه، ومن حق الدول العربية التعاون مع كل دول العالم أن توقع على إنشاء ائتلاف دولي ضد إيران، ويجب أن تكون أحد أهداف هذا الائتلاف الدولي هو سن عمل عسكري ضد إيران للتخلص من البنية التحتية النووية التي تمتلكها لأنها أمر لا يمكن السكوت عليه فيما يتعلق بالسلام الدولي والإقليمي.
mr_alshammeri@