▪︎ مجلس نيوز
الإسلام منهج شامل لجميع شؤون الحياة وهو بذلك لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا و فصّل فيها ، ولعل من ذلك التجارة التي عظّم من شأنها وأثنى على أهلها المُتّقين ، سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب قال: “عمل الرجل بيده و كل بيع مبرور ” والمقصود بالمبرور أي البيع الذي لا يخالف شرع الله .
لذا من المهم إدراك أن المال والرزق لله وحده وأن الإنسان مجرد مستخلف على هذا المال مسؤول عنه مبتلى به ، و من الواجب على التاجر المسلم أن يراعي الفقراء والمحتاجين وأن يحذر من زيادة أرباحه على حساب أوجاعهم واستغلال حاجاتهم وألا يعتمد “الاحتكار ” الذي يقوم على منع تداول السلع لرفع أسعارها كوسيلة للتكسب
وبالعودة إلى بداية ظهور جائحة كورونا التي شهدت ممارسات جشعة من بعض التجار (وهنا اؤكد على كلمة البعض) حيث التلاعب بالأسعار واحتكار المنتجات بهدف استغلال الأزمة آنذاك فقد وقفت وزارة التجارة لهم بالمرصاد حيث الجولات الميدانية للتأكد من وفرة المنتجات وسلامة الميزان ومطابقة الفواتير ورصد المخالفات واغلاق المحلات والمصانع المخالفة.
و ها نحن مع بدء مشروع تنظيم الأحياء العشوائية في جدة نشهد تكراراً للصورة التي شهدتها بدايات أزمة كورونا ، فقد تعالت أصوات الناس من الارتفاع الجنوني لأسعار الشقق السكنية وأسعار الأراضي و شقق التمليك وقيام بعض هوامير العقار بتوحيد أسعار العرض في الأحياء و رفع أسعار تأجير الشقق بقيم تتجاوز سعر السوق . فمن يصدق أن شقة صغيرة في حي التيسير لا تتجاوز مساحتها ٨٧متر مربع تصل الى ٢٥ الف في السنة وثلاثة غرف في حي النسيم تصل الى ٣٠ ألف زد على هذا وذاك اشتراط دفع كامل المبلغ أو مقدم ستة أشهر ، بالإضافة إلى أسعار نقل العفش التي وصلت إلى ٢٨٠٠ ريال!! فما الذي أصاب هؤلاء التجار فجأة ، ولما هذه القسوة التي لا تراعي أحداً مهما كانت ظروفه .
ان شراهة التاجر للبيع بسعر مبالغ فيه قهر للمشتري كما و أن الاتفاق الخفي بين ملاك العقار لتوحيد الاسعار هو صورة من صور التكسب المحرم وما يدريك لعل الله يبليك بما كسبت ، ولعلنا أمام ذلك نستشعر قدرة الله في تبديل الأحوال يقول تعالى ( وما نرسل الآيات إلا تخويفا)
إننا نتطلع اليوم أمام هذه الممارسات الجشعة ، إلى دور رقابي فعّال تتحد فيه حماية المستهلك ووزارة البلديات والأقسام المعنية في وزارة التجارة على النحو الذي يضمن كبح ممارسات تجار الأزمات بسحب التراخيص واغلاق مكاتب العقار المخالفة وفرض مخالفات على اصحاب العقار المتجاوزين ، و هو ما يمكن تحقيقه من خلال توحيد هامش الربح بما يضمن سقفاً معقولا لا يخل بحرية السوق ولا يصل بالاسعار الى حدود مبالغ فيها على أن تقرر اللجان المختصة النسب المعقولة لذلك، مع الإشارة إلى أن هذا الاجراء معمول به في عدد من دول العالم .
و ربما رأى المختصون عدم جدوى هذا الحل فهذا وارد لكن المؤكد أن هناك اقتراحات أخرى بالإمكان تطبيقها . في نهاية المطاف الناس تبحث عن حلول جذرية تحد من تجاوزات تجار الأزمات.