▪︎ مجلس نيوز
تبلغ طاقة التكرير لمصافي “أرامكو السعودية” نحو 5.4 مليون برميل يوميا (المحلية والدولية)، وهذا يجعل المملكة العربية السعودية رابع أكبر طاقة تكريرية في العالم بعد:
– الولايات المتحدة الأمريكية نحو 18 مليون برميل يومياً.
– الصين نحو 17 مليون برميل يوميا.
– روسيا نحو 6.7 مليون برميل يوميا.
– تتفوق المملكة على الهند التي تمتلك حاليا نحو 5 مليون برميل يوميا من الطاقة التكريرية لمصافيها.
جاءت اخبار استثمار “أرامكو السعودية” بحصة %30 في مصفاة شركة لوتوس البولندية الواقعة على بحر البلطيق بإرهاصات إعلامية مغايرة للواقع، حيث روّج الإعلام النفطي العالمي بأن أرامكو سوف تدخل أسواق بحر البلطيق (السوق التقليدي للنفط الروسي)، مما قد قد يثير المنافسة بين منتجي تحالف أوبك بلس، بينما المصافي البولندية تستورد النفط السعودي الخفيف Arab Light منذ عدة سنوات، والسوق الأوروبي عموما يستورد النفط السعودي منذ عقود.
* لماذا تعود أرامكو السعودية إلى الاستثمار في قطاع التكرير الأوروبي؟
هذه الصفقة تُعيد “أرامكو السعودية” إلى الاستثمار في مصافي التكرير الأوروبية بعد أن باعت ارامكو حصتها البالغة %50 في مصفاة التكرير اليونانية (موتور أويل هيلاس) عام 2005 التي كانت تقع على البحر الأبيض المتوسط بعد نحو 15 عام من امتلاكها لتلك الحصة فيها. ومع ذلك استمر تواجد أرامكو كأحد الموردين الرئيسين إلى السوق الأوروبي على مدى عقود.
اسواق بحر البلطيق للمنتجات البترولية المكررة لديه إمكانات واعدة، لذلك استثمار “أرامكو السعودية” في مصفاة “لوتوس” البولندية لا يُعزّز فقط موقعها في سوق شمال بولندا، بل أيضاً يُنوّع إمداداتها من النفط إلى أوروبا الوسطى ومصافي التكرير في ليتوانيا وجمهورية التشيك وربما المزيد من المصافي تتوالى.
كالعادة، هذه الصفقة تم تداولها اعلاميا بجدلية غريبة، حيث قام الإعلام النفطي العالمي بالاشارة إلى أن العديد من مصافي التكرير في أوروبا الشرقية صُمّمت اساساً لتكرير خام الأورال الروسي وليس الخام السعودي بالرغم من أن المصافي البولندية تقوم بتكرير الخام العربي الخفيف حتى من قبل أنباء الاستحواذ على حصة من المصفاة، بل أن النفط السعودي هو التحميل الاساسي لغالبية المصافي. والجدير بالذكر أن خام الأورال الروسي قريب في الجودة ونسبة الكبريت من الخام العربي الخفيف.
تأمين إمدادات النفط من أرامكو السعودية يعني أن المصافي البولندية ترغب في التحوّل من براميل السوق الفوري SPOT basis إلى البراميل التعاقدية الموثوقة Term basis، وذلك لتقليل الاعتماد على السوق الفوري SPOT من خام الأورال الروسي ومن بحر الشمال ومن الولايات المتحدة وغرب إفريقيا. وهذا سوف يُعزّز أمن امدادات الطاقة لديها من جهة ويخلق توسع لأرامكو السعودية في السوق الأوروبية وبحر البلطيق ولمصافي التكرير البولندية لتنويع الصادرات من جهة أخرى.
حتى لو وصلت إمدادات النفط من أرامكو السعودية إلى شركات التكرير البولندية إلى نحو 400 ألف برميل في اليوم، فإن هذا سيغطي ما يقرب من نصف احتياجات مصافيها من النفط، تاركه النصف الآخر ليتم توفيره من السوق الفوري، بما في ذلك روسيا. لذلك، لن تكون المنافسة على الإمدادات مطروحة من الأساس كما اقترح الإعلام النفطي العالمي.
لا أعتقد أن المنافسة ستكون مطروحة بين أعضاء أوبك بلس، حيث أن اسواق النفط العالمية في حاجة ماسة للإمدادات بغض النظر عن أي منافسة، والجدير بالذكر أن صادرات الخام الروسي ESPO عبر خط الأنابيب إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ لم تستطيع منافسة امدادات المملكة الموثوقة، حيث لاتزال المملكة المورد الأكبر إلى الصين ودول المحيط الهادي لسنوات عديدة.
لا تكمن المنافسة في إمدادات النفط إلى أوروبا، ولكن قد تتمخض في إمدادات المنتجات البترولية المكرّرة إلى أوروبا حيث انخفضت طاقة التكرير الأوروبية في السنوات الأخيرة إلى 14.5 مليون برميل في اليوم من 85 مصفاة تكرير تعمل ولكن ليس بكامل طاقتها، ولذلك لاتستطيع أن تفي بإجمالي طلب اوروبا على المنتجات المكررة الذي يصل إلى نحو 13.5 مليون برميل في اليوم، مما قد يؤدي إلى حدوث خلل كبير في التوازن إذا لم يتم تخفيف هذا الخلل بتدفقات تجارية هيكلية تستطيع أرامكو السعودية وذراعها التجاري (أرامكو للتجارة) التعامل معها بشكل فعّال.
يواجه قطاع التكرير الأوروبي منافسة تدفقات دولية من جهة، والتدقيق البيئي الاوروبي داخلياً من جهة اخرى، مما قد يعيق التدفقات النفطية والمزيد من الاستثمار في بناء مصافي تكرير جديدة ويعيق أيضا الاستثمار في البنية التحتية البترولية لشبكة خطوط الأنابيب الجديدة ومرافق التخزين وموانئ التصدير، ولكن من غير المحتمل أن يشكل هذا أي ضغط على هوامش التكرير في المنطقة.
جاء تواجد أرامكو السعودية في صناعة التكرير الأوروبية في وقت كانت هناك حاجة لوجودها في انشطة المصب لتعكس عقود عديدة من النجاحات في مصافي التكرير والمشاريع المشتركة التي شهدت توسعات ضخمة وناجحة، مثل تلك التي نفذتها أرامكو بنجاح في مصفاة إس أويل الكورية، ومصفاة بورث آرثر في تكساس، أكبر مصفاة في الولايات المتحدة. وسيساعد هذا أيضا المصافي الأوروبية على الاستفادة من هذه الشراكة والتغلب على التحديات القادمة.
لن تواجه صادرات الخام الروسية ولا النقط الصخري من اي ضغوط جراء تواجد او زيادة صادرات النفط السعودي لان السوق سوف يكون متعطش إلى أي زيادة في الإمدادات لكي يلبي الطلب المتزايد على النفط، ومابعد الجائحة لن يعود كما قبلها.