▪︎ مجلس نيوز
الامتنان سلوك يتصف به أصحاب الهمم العالية والنفوس الراقية. وهو صفة مميزة لمن يريد أن يصبح رجل أعمال. هذا السلوك يخلق لدى الطرف الآخر شعورٌ جميل وإحساس بالمودة.
سلوك الامتنان مركب من عدة سلوكيات جميلة وسنتطرق لثلاثة منها لأهميتها لرجل الأعمال وهي: الاحترام والاعتذار والتقدير .
- الاحترام ، ويبدأ بنفسك – وهي الدائرة الأولى – : احترم نفسك وعهودك ومواثيقك واتفاقياتك.. إلخ ، فمتى ما بدأت في ذلك أصبحت تنظر إلى نفسك باعتزاز وتقدير وتشكلت لديك قناعات وقدرات إضافية ستؤدي بك إلى النجاح والرقي.
بعدها تأتي الدائرة الثانية وهي : احترامك للطرف الآخر: إنَّ إظهارك الاحترام للمحيطين بك ممن يعملون لديك، أو ممن تتعامل معهم على أساس تجاري أو معرفي مهم جدا. فالاحترام في هذه الحالات يُظهر الألفة والمودة ويخلق شعورًا متبادلًا. وهنا قاعدة مهمة يجب الحفاظ عليها كرجل أعمال وهي: كلما زاد الاحترام ؛ كلما سادت المودة والامتنان. إضافة إلى ذلك فإن الاحترام أحد أهم مفاتيح الأشخاص والقلوب. وستجد أن الأشخاص يقدمون لك العون والنصيحة بمجرد إحساسهم و شعورهم باحترامك لهم.
- الاعتذار : “آسف” رغم أنها كلمة سهلة إلا أنها تصعب على الكثير! وقوع الأخطاء منك أو من غيرك أمرٌ واردٌ بلا شك، اعتذر واقبل اعتذار من اعتذر ، إياك أن تستنكف عن الاعتذار لمن أخطأت في حقه حتى وإن كان أصغر عمالك. وحبذا لو كان اعتذارك مصحوبًا بلمسة ودٍ حانية فهذا أفضل في إزالة آثار هذا الخطأ من النفس. وإن حصل وأخطأ أحد في حقك ثم اعتذر لك ، فاقبل اعتذاره بصدرٍ رحب؛ فإن هذا سيزيدك رفعة. وتذكر دائما هذه المقولة: “عجيبٌ من يجد لنفسه عذرًا في كل شيء ولا يعذر الناس في أي شيء!” و لكن عليك أن تتعلم كيف تعذر الناس بما يتماشى مع حدودك ومصلحتك ، فلا يطغى تسامحك على مصلحتك أو مصلحة أعمالك.
- التقدير : هذا السلوك الجميل الذي تتصف به النفوس الراقية له انعكاس مؤثر جدًا على نفوس الآخرين لن تصدقه إلا بالتجربة. الناس تقدم لك أفضل ما لديها حين تشعر بتقديرك لها. قدر للناس خدماتهم لك، قدر لهم مشاركتهم لك، قدر لهم إضافاتهم مهما صغرت. الشعور بالتقدير يخلق الحب والحب يحقق السعادة؛ فتصبح بيئة العمل مفعمة بالسعادة ، والنتيجة أنك حققت مكاسب عالية بأبسط الأدوات وبأقل التكلفة.
و في هذا السياق أتذكر قصة رويت عن السلطان قابوس بن سعيد – سلطان عُمان رحمه الله – ، فقد عُرف عنه أن لديه بروتوكولًا خاصًا به ، وهو أنه لا يذهب إلى المطار قط لاستقبال شخصيات من أي بلد ولم يَكسر هذا التقليد إلا عندما استقبل رئيس الهند في نهاية الثمانينات شانكار ديال شارما. وقد تعجب رجال حكومته ورجال الإعلام عندما شاهدوه يصعد سلم الطائرة ويعانق الرئيس ، ثم ينزل معه متشابكي الأيدي ، وما إن وصلا إلى السيارة حتى أشار السلطان للسائق بأن يبتعد ثم فتح الباب الأمامي بنفسه للرئيس الهندي حتى جلس وحل هو مكان السائق فقاد السيارة حتى وصل به إلى القصر السلطاني. وعندما سأله الصحافيون – في وقتٍ لاحق – عن سبب ذلك ، أجاب قائلا: “لم أذهب إلى المطار لاستقبال السيد شارما لأنه رئيساً للهند! ولكن ذهبت لأنني في صغري درست في بونا بالهند ، وكان السيد شارما هو أستاذي ومعلمي الذي تعلمت منه كيف أعيش ؟ وكيف أتصرف ؟ وكيف أواجه المصاعب؟ وحاولت أن أطبق ما تعلمته منه عندما قدر لي أن أحكم.
هذه القصة تنم عن تقديرٍ جم ، وكيف لنا أن نُقدر للناس ما قدموه لنا مهما صَغُر أو كَبُر. وفي الختام اتذكر مقولة لنابليون بونابرت: الجنرال الذي يرى بأعين الآخرين ليس قادرا على قيادة دولة!