▪︎ مجلس نيوز
يبدو أن عالم النقد قد اتسع كثيرا للأسف الشديد في وقتنا هذا فأخذنا لا نميز في رحابه بين الغث والسمين وأصبح النقد تجارة رائجة حيث لم تعد الاستعانة بالمناهج العلمية أمرا ضروريا ولم يعد الاعتماد على الأساليب النقدية الواضحة ضروريا هو الآخر، ولم تعد الخبرة النقدية المحددة بالأحكام النقدية الصائبة الراجحة ضرورية أيضا، وقد حلت مكان هذه الأساليب النقدية أساليب أخرى من مبادئها التعسف في القول والهجوم المباشر أو غير المباشر على الأعمال الأدبية وتلفيق ما يمكن تلفيقه من أحكام جائرة غير عقلانية هي أقرب ما تكون إلى العبارات الإنشائية السطحية وأبعد ما تكون عن النقد بمناهجه وأساليبه ومقوماته الصحيحة.
ولا شك أن انحراف المهمة النقدية بهذا الشكل المبتذل بين أوساطنا الأدبية ينم عن حقيقة جوهرية لا بد من طرحها هنا بصراحة ووضوح وهي أن الساحة الأدبية المعاصرة خالية الآن من فرسان النقد كما هو الحال عليه في الخمسينيات والستينيات من القرن المنفرط، فوجد المتسلقون حينئذ فرصة لاستعراض عضلاتهم في هذه الأجواء التي لم يعد للنقد فيها وجود فأخذ هؤلاء المتسلقون ينقدون دون بصيرة، فخرجت أعمالهم خاوية لا تحمل مضمونا، ومن المؤسف أن نجد بين صفوفنا آذانا صاغية لهؤلاء المتسلقين، ومن المؤسف كذلك أن نجد أن من ينقد العمل الأدبي في واد والعمل المنتقد في واد آخر، ومع ذلك يقرأ بعض الناس لهؤلاء النقاد رغم فقدان الصلة تماما بين نقدهم وما ينقدون، فلا يدرك القارئ إلا بعد فوات الأوان أن ما قرأه لا يعدو كونه مجرد ألفاظ مرصوصة لا علاقة لها بالنقد لأنها خالية من الرؤية المتعمقة في النص، وما هي إلا ثرثرة لفظية لا معنى لها.