[ad_1]
وصلت المناقشات بين البريطانيين والأوروبيين حول العلاقة التجارية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى لحظة حرجة قبل نحو شهر من انتهاء الفترة الانتقالية.
وما زال هناك عديد من نقاط الخلاف التي تعرقل إبرام اتفاق وتثير مخاوف من احتمال عدم التوصل إلى تفاهم بحلول نهاية العام، ولا سيما في ملف صيد الأسماك الذي يأتي على رأس قائمة الخلاف، والتداخل بين مياه الجانبين.
ووفقا لـ”الفرنسية”، كان الأوروبيون قد وعدوا باتفاق سريع بشأن صيد السمك لتهدئة صياديهم الذين يخشون من أن يخسروا إمكانية دخول المياه البريطانية الغنية بالسمك.
لكن تصلب المواقف على ضفتي بحر المانش جعل التوفيق بين الطرفين صعبا، فالجانب الأوروبي يصر على إبقاء الوضع على ما هو عليه فيما يتعلق بدخول هذه المياه، ولندن تريد سيطرة كاملة وتحديد حصص يتم التفاوض عليها كل عام.
وهذا النشاط لا يمثل سوى جزء ضئيل من اقتصاد الدول الـ27 والمملكة المتحدة، إذ يقوم الأوروبيون بصيد ما قيمته 635 مليون يورو كل عام في المياه البريطانية، والبريطانيون 110 ملايين في مياه الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك تبقى هذه القضية قابلة للانفجار ومسيسة جدا من قبل عدد قليل من الدول الأعضاء “فرنسا، إسبانيا، بلجيكا، هولندا، الدنمارك وإيرلندا”، أما البريطانيون فأدركوا الفائدة التي يمكن أن يجنوها من هذا الملف في المفاوضات.
وباتت الدول الـ27 متفقة على أن الوضع لا يمكن أن يبقى على حاله وقد يقوم ميشال بارنييه كبير المفاوضين الأوروبيين بصياغة اقتراح لعرضه على لندن في الأيام المقبلة، لكن أي خسارة أوروبية في المياه البريطانية يفترض أن يتم التعويض عنها بخسارة بريطانية في المياه الأوروبية.
والاتحاد الأوروبي على استعداد لتقديم اتفاقية تجارية غير مسبوقة إلى لندن دون رسوم جمركية أو حصص، لكن دون أن يسمح بأن يتطور على أبوابه اقتصاد غير منضبط قد ينافسه بشكل غير نزيه.
ولا يمكن مثلا السماح للمملكة المتحدة بالتسبب في مزيد من التلوث، بينما يتعين على المنتجين في القارة احترام معايير بيئية صارمة، وللمفوضية الأوروبية طلب واحد بشأن البيئة وكذلك قانون العمل أو الشفافية الضريبية وهو أن يتعهد البريطانيون بعدم تقليصها.
لكنها تدعو أيضا إلى وضع “بند للتطور” لتحسين هذه المعايير الدنيا على مر الوقت لتبقى “قواعد اللعبة” عادلة، ومن بين الإمكانات أن يقترح كل طرف عمليات تحديث يمكن الاتفاق عليها بعد ذلك.
ويذهب الاتحاد الأوروبي أبعد من ذلك في موضوع يقلقه بشكل خاص وهو المساعدات الدولية، فهو يخشى أن تدعم المملكة المتحدة بقوة شركاتها واقتصادها بينما القواعد الأوروبية صارمة جدا في هذا المجال.
وقد يكون الحل هو وضع آلية للتشاور يبلغ في إطارها كل طرف الطرف الآخر بخططه للدعم المالي حتى تحديد قواعد مشتركة، وفي حال وجود خلاف حول بعض المعايير، يرغب الاتحاد الأوروبي في أن يكون قادرا على اللجوء إلى تدابير مضادة أحادية الجانب وفورية مثل الرسوم الجمركية.
لكن المفوضية الأوروبية تحذر من أنها لن تقبل نهجا “انتقائيا” من شأنه أن يسمح للمملكة المتحدة بالتخلي عن قواعد معينة، على حساب رسوم جمركية قد تكون لندن مستعدة لقبولها. ولم تتوصل لندن وبروكسل بعد إلى اتفاق بشأن “حوكمة” الاتفاق المستقبلي، ولا سيما الآليات التي يجب وضعها في حال حدوث نزاع.
وإنجاز النص المقبل قانونيا أساسي للأوروبيين منذ مشروع القانون البريطاني الأخير الذي يشكك في أجزاء معينة من المعاهدة السابقة المبرمة بين الطرفين، وهي اتفاقية الانسحاب التي تحكم مغادرة المملكة المتحدة في 31 كانون الثاني (يناير) والفترة الانتقالية التي تنتهي في نهاية العام الجاري. وألحق هذا التغيير ضررا كبيرا بثقة المفوضية في بريطانيا.
إلى ذلك التقى المفاوضان الأوروبي ميشال بارنييه والبريطاني ديفيد فروست، أمس، في لندن لاستئناف مفاوضات ما بعد “بريكست” سعيا إلى تخطي الخلافات المستمرة، فيما يضيق الوقت أمام الطرفين للتوصل إلى اتفاق يحكم العلاقات التجارية بعد الانفصال.
وهو أول لقاء بينهما منذ أن لزم بارنييه الحجر الصحي إثر إصابة أحد أعضاء فريقه بفيروس كورونا المستجد، وفي حال فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق، ستطبق قواعد منظمة التجارة العالمية، ما سيفرض تلقائيا رسوما جمركية على حركة البضائع بين لندن وأوروبا.
ولا تزال القوانين الأوروبية تحكم المبادلات التجارية مع بريطانيا منذ خروجها رسميا من التكتل في كانون الثاني (يناير)، عملا باتفاق مرحلي تنتهي مدته مع انتهاء العام. وهذا يعني أن لندن ستخرج من منطقة التجارة والجمارك الأوروبية بعد خمسة أسابيع، فيما المحادثات لا تزال متعثرة عند مسألة حقوق صيد السمك وقواعد التجارة النزيهة.
وحذر الطرفان، الجمعة، من أنه من غير المضمون التوصل إلى نتيجة، وكتب بارنييه في تغريدة أن “الخلافات الكبرى ذاتها في وجهات النظر لا تزال قائمة”. وقال لاحقا لممثلي الدول الأعضاء “لسنا بعيدين عن لحظة “إما هذا أو لا شيء”، وفق ما نقل عنه مصدر أوروبي مطلع على سير الاجتماع المغلق. من جهته، قال المفاوض البريطاني في تغريدة “إن البعض يسألني لماذا لا نزال نتباحث، جوابي هو أن من واجبي أن أبذل أقصى ما بإمكاني لرؤية إذا ما كانت الشروط متوافرة للتوصل إلى اتفاق، الوقت متأخر، لكن ما زال من الممكن التوصل إلى اتفاق، وسأواصل التفاوض إلى أن يتضح أن الأمر غير ذلك”.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، فإن ذلك قد يشكل صدمة اقتصادية ولا سيما مع معاودة فرض رسوم جمركية على حركة البضائع على الحدود. وتتركز المخاوف بصورة أساسية على مسألة الحدود بين إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، ومقاطعة شمال إيرلندا التابعة للمملكة المتحدة.
وستشكل الرسوم الجمركية خطرا على السلام الذي أرساه اتفاق الجمعة العظيم في 1999 بعد ثلاثة عقود من النزاع الدامي بين الجمهوريين الكاثوليك المؤيدين للوحدة مع إيرلندا، والوحدويين البروتستانت المتمسكين ببقاء المحافظة تابعة لبريطانيا.
وأجرى جونسون مكالمة هاتفية، مساء الجمعة، مع نظيره الإيرلندي مايكل مارتن، شدد خلالها على “التزامه بالتوصل إلى اتفاق يحترم سيادة المملكة المتحدة”، وفق ما أعلنت رئاسة الوزراء. لكنه أكد أيضا “ضرورة إعطاء الأولوية لاتفاق الجمعة العظيم وتفادي قيام حدود مادية في جزيرة إيرلندا”، وفق ما أوضحت لندن في تقرير عن فحوى الاتصال.
وكان رئيس الوزراء قد أكد للصحافيين، في وقت سابق، أن “احتمال إيجاد اتفاق يتوقف إلى حد بعيد على أصدقائنا وشركائنا في الاتحاد الأوروبي”، مشيرا إلى “خلافات جوهرية ومهمة لا تزال تنبغي تسويتها”.
ومن المطالب الأوروبية الأساسية لمرحلة ما بعد “بريكست” الالتزام بـ”المساواة والإنصاف”، مع فرض عقوبات تجارية في حال خروج أي من الطرفين على القواعد المتفق عليها، لكن بريطانيا لا تريد الالتزام بقوانين توضع في بروكسل.
ونقلت مصادر الجمعة عن بارنييه، قوله “إن لندن تطالب بخفض إمكانية وصول الصيادين الأوروبيين إلى مياهها بنسبة 80 في المائة”، في حين ذكرت مصادر أوروبية أن بارنييه اقترح أن يعيد الاتحاد الأوروبي 15 إلى 18 في المائة، من حصص الصيد الإجمالية الممنوحة للأوروبيين في المياه البريطانية واستعادة نسبة موازية من حصص الصيد الممنوحة للبريطانيين في الأطلسي وخليج جاسكونيا.
وتسعى لندن وبروكسل إلى الاتفاق على نص يدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني (يناير) حين تتوقف المملكة المتحدة عن تطبيق القوانين الأوروبية، بعدما خرجت رسميا من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني (يناير) الماضي.
[ad_2]
Source link