▪︎ مجلس نيوز
يحزم الناس أمتعتهم ويتركون ديارهم لأسباب كثيرة – اقتصادية واجتماعية وسياسية – وهي عوامل متشابكة في أغلب الأحيان. حتى تكتمل صورة أنماط الارتحال والهجرة يجب أن تشمل الآن أيضا أولئك الذين يهاجرون لأسباب مختلفة، وهو اتجاه من المتوقع أن يزداد بمرور الوقت مع انتقال الناس من بقعة إلى أخرى داخل دولهم. ومن أمثلة ذلك ما يلي: فتى مغربي يترك المزرعة الجبلية التي تزرع فيها أسرته أشجار الزيتون والفاكهة ليعمل في مجال الإنشاءات خارج الرباط مقابل أجر أكثر انتظاما لأن تناقص إمدادات المياه يجعل الزراعة محفوفة بقدر كبير من عدم اليقين.
وهنالك مثال آخر: عاملة في مصنع في مدينة هو تشي مينه تشعر بالحنين إلى بلدتها الساحلية التي تشتغل بصيد الأسماك في دلتا نهر الميكونج في فيتنام، لكنها تعلم أنهم يحتاجون إلى ما ترسله من المال إلى أسرهم لمساعدتهم على التكيف مع آثار الفيضانات الخاطفة، ونوبات الجفاف، والأمطار الغزيرة، وارتفاع منسوب سطح البحر. وأسرة في منطقة عشوائية تعاني نقص الخدمات في أطراف مدينة بشكك، وكانت قد انتقلت من المنطقة الريفية في جنوب قيرجيز بعد نضوب مصادر المياه وتزايد صعوبة المحافظة على أرزاقهم من حرفة الرعي.
هذه مجرد أمثلة قليلة لأنواع القرارات التي يتخذها الأفراد والمجتمعات المحلية في سعيهم لمجابهة عواقب الطبيعة وتداعياتها. فما من منطقة في العالم بمنأى عن الهجرة المحتملة بتأثيرها في سبل كسب الرزق في المجتمعات المحلية وفقدان صلاحية العيش في أماكن شديدة التعرض للخطر: قد يرتحل أكثر من 216 مليون شخص من مكان إلى آخر داخل حدود دولهم بحلول عام 2050 في ست مناطق.
ويشتمل التقرير على تقديرات جديدة من ثلاث مناطق: شرق آسيا والمحيط الهادئ، وشمال إفريقيا، وشرق أوروبا وآسيا الوسطى. وهو يبني على الإصدار الأول لتقرير Groundswell عام 2018 الذي غطى مناطق إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية. وبالجمع بين التقريرين، خلصت التوقعات في جميع المناطق حتى عام 2050 إلى أن: منطقة إفريقيا جنوب الصحراء قد تشهد اضطرار ما يصل إلى 86 مليون شخص إلى الهجرة الداخلية لأسباب متنوعة، ومنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ 49 مليونا، وجنوب آسيا 40 مليونا، وشمال إفريقيا 19 مليونا، وأمريكا اللاتينية 17 مليونا، وشرق أوروبا وآسيا الوسطى خمسة ملايين.
ومن المتوقع أن تزداد الهجرة الداخلية خلال العقود القليلة المقبلة، ثم تتسارع وتيرتها في النصف الثاني لهذا القرن، إذا لم تنجح الدول في الحد من مسببات هذه الهجرة الإجبارية. وقد يظهر ما يسمى البؤر الساخنة للهجرة داخل الدول بحلول عام 2030، مع حدوث الهجرة إلى الخارج في المناطق التي تتعرض فيها سبل كسب الرزق للخطر، والهجرة الداخلية في المناطق التي توجد فيها فرص أفضل للعيش وكسب الرزق.
ويلاحظ أن تغيرات الطبيعة والطقس، ولا سيما تداعياته من زيادة شح إمدادات المياه، ونقصان إنتاجية المحاصيل وارتفاع منسوب مياه البحر بسبب الأعاصير العاتية قد يجبر الناس على الهجرة للخلاص من البؤس وضيق العيش. وقد تشهد الدول ظهور البؤر الساخنة للهجرة بحلول عام 2030 ثم تشتد وتيرتها ويتسع نطاقها”. إن الأمل ما زال قائما. وفرصة التحرك من أجل العلاج لا تزال سانحة… يتبع.