▪︎ مجلس نيوز
يقوم إنسان آلي “روبوت” برفع أحد الرفوف ونقله عبر المستودع إلى إحدى محطات العمل. وهناك، يقوم موظف بالتقاط البند المطلوب تغليفه من فوق الرف ويضعه في صندوق للشحن. ويقوم كل “روبوت” في مركز التوزيع بعمل يعادل ما يقوم به عامل ونصف.
وتقوم أجهزة الروبوت وغيرها من التكنولوجيات في الوقت الحالي بإحداث تحويلات جذرية في سلاسل الإمداد، وتتبع بنود المنتجات من المصدر إلى المستهلك، وتقليل وقت الشحن وتكلفته، وأتمتة الأعمال الكتابية، وغير ذلك. ولكن هل تنفي الحاجة إلى العاملين البشر، ما يؤدي إلى حدوث بطالة مستمرة بسبب التكنولوجيا؟.
مما يبعث على الدهشة، أن مديري المستودعات والمرافق الأخرى في سلسلة الإمدادات يقولون، إنهم يجدون صعوبة في تعيين عدد كاف من العاملين، على الأقل العدد الكافي من العاملين ذوي المهارات اللازمة لاستخدام التكنولوجيات الجديدة. وعلاوة على ذلك، فإنهم يرون أن هذا النقص في المهارات سيظل مستمرا في العقد التالي.
وتحدث “الآلات الذكية” الجديدة حاليا تغييرا جذريا في طبيعة العمل، ولكن السؤال هو كيف يحدث ذلك؟ وتتولى التكنولوجيات الجديدة، باستخدام الذكاء الاصطناعي، القيام بالأعمال ليس فقط بدلا من عمال المستودعات، وإنما أيضا من العمالة الإدارية والمهنيين. فأجهزة الصرف الآلي أصبحت تقوم بمهام الصرافين في البنوك، وأصبحت برمجيات المحاسبة تقوم آليا بأعمال موظفي مسك الدفاتر. وتستطيع الآن أجهزة الكمبيوتر تشخيص سرطان الثدي من الأشعة السينية والتنبؤ بمعدلات النجاة على الأقل بجودة إخصائي الأشعة المتوسط نفسها.
ماذا يعني ذلك بالضبط بالنسبة للوظائف والأجور؟ في بعض الأحيان، تقضي التكنولوجيات الجديدة على بعض الوظائف بوجه عام، ولكنها توجد أحيانا طلبا على قدرات جديدة ووظائف جديدة. ففي حالة ما، تحل الآلات الجديدة محل العاملين بوجه عام، وفي حالة أخرى، تزيحهم فحسب وتنقلهم إلى وظائف مختلفة تتطلب مهارات جديدة. وفي الماضي، كان الأمر يستغرق عقودا أحيانا لبناء مؤسسات التدريب وأسواق العمل اللازمة لتنمية المهارات الفنية الجديدة الرئيسة على نطاق واسع.
ويتعين أن يعرف صانعو السياسات الطريق الذي تمضي فيه التكنولوجيا الجديدة. فإذا كانت تحل محل العمالة، فسيتعين عليهم التعامل مع البطالة المتنامية دوما وانعدام المساواة الاقتصادية الآخذ في الاتساع. ولكن إذا كانت المشكلة الرئيسة هي الإزاحة، فسيتعين عليهم بالدرجة الأولى بناء قوة عاملة تتمتع بمهارات متخصصة جديدة. وتتطلب هاتان المشكلتان حلولا مختلفة للغاية.
وعلى الرغم من وجود مخاوف بشأن انتشار البطالة نتيجة للتكنولوجيا، فإنني أرى أن البيانات تشير إلى أن التكنولوجيا اليوم تقوم إلى حد كبير بإزاحة العاملين ودفعهم إلى وظائف جديدة دون إحلالهم بالكامل. ومن بين مجموعات المهن الرئيسة، فإن قطاع الصناعات التحويلية هو القطاع الوحيد الذي تلغى فيه الوظائف باستمرار في الاقتصادات المتقدمة ــ ويوازن هذه الوظائف المفقودة نمو للوظائف في مهن أخرى.
ومع ذلك، فالأمور ليست كلها على ما يرام بالنسبة للقوى العاملة. فقد شهد العامل المتوسط ركود الأجور، ويقول أرباب العمل، إنهم يجدون صعوبة في تعيين عاملين لديهم المهارات الفنية اللازمة. ومع قيام التكنولوجيا بتوفير فرص جديدة، فإنها توجد أيضا طلبات جديدة، ولا تمضي مؤسسات التدريب بالسرعة الكافية للتأقلم مع هذه التطورات. ورغم أن بعض الاقتصاديين ينكرون أن عدد العاملين الذين لديهم المهارات اللازمة أقل من اللازم، فإن نظرة متفحصة إلى الأدلة الواردة أدناه تشير إلى أننا نواجه تحديا كبيرا في بناء قوة عاملة لديها المعرفة اللازمة لاستخدام التكنولوجيات الجديدة. وإلى حين أن تلحق مؤسسات التدريب وأسواق العمل بهذا التغير، ستظل منافع تكنولوجيا المعلومات محدودة وغير متاحة للجميع على نطاق واسع… يتبع.