[ad_1]
كان ارتفاع الدين العالمي طبيعيا في الأشهر القليلة الماضية، حيث وصل إلى مستوى قياسي، بفعل زيادة الديون الحكومية التي دفعتها ضغوط الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي وباء كورونا المستجد. هناك عشرات الدول التي تجاوزت ديونها العامة أكثر من حجم نواتجها المحلية الإجمالية، ولا سيما في الدول المتقدمة، لم تجد الحكومات مخرجا في أعقاب إغلاق اقتصاداتها في محاولة لحصر أضرار الوباء العالمي المشار إليه، سوى رفع مستوى الإنفاق العام، فضلا عن تدخلاتها لإنقاذ الشركات والمؤسسات التي وجدت أنه لا يمكن أن تضحي بها.
يضاف إلى ذلك، أن معظم الحكومات سددت رواتب موظفي القطاعين العام والخاص، أو سددت النسبة الأكبر منها، في إطار الرعاية الاجتماعية التي تنص عليها قوانينها. هذا إلى جانب ارتفاع الدين العالمي أصلا حتى قبل تفشي كورونا. وعلى هذا الأساس، لا غرابة في أن يصل مستوى الدين العالمي إلى 277 تريليون دولار بنهاية العام الجاري. فهذا الدين تضخم منذ بدء العام الحالي حتى نهاية الربع الثالث منه بمعدل 15 تريليون دولار، ومن المتوقع أن يرتفع بنهاية هذا العام إلى مستوى قياسي تاريخي، وفق ما أشار إليه معهد التمويل الدولي، الذي يضم في عضويته 400 مصرف ومؤسسة مالية رئيسة في العالم.
واللافت، أن إجمالي دين الأسواق المتقدمة قفز إلى 432 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث، لكنه سجل مستوى أقل في الأسواق الناشئة بنحو 250 في المائة في الفترة نفسها، بينما سجلت الصين وحدها 335 في المائة. في حين تدل المؤشرات على أن تبلغ النسبة العالمية للدين 365 في المائة على المستوى السنوي. كل هذا يحدث في ظل أعمق ركود اقتصادي يشهده العالم منذ أكثر من 80 عاما.
بعض المراقبين يشيرون إلى أنه الأعمق في 300 عام. وفيما تحاول الحكومات حول العالم، التحرك في كل الاتجاهات من أجل إزالة الآثار الاقتصادية الناجمة عن الموجة الأولى من وباء كورونا، اضطرت أغلبيتها إلى إعادة إغلاق اقتصاداتها لتفادي الآثار الصحية الخطيرة الناجمة عن الموجة الثانية الراهنة من هذا الوباء، الأمر الذي أبقى – تقريبا – الحالة الاقتصادية على ما هي عليها، باستمرار الدعم الحكومي وعمليات الإنقاذ للمؤسسات المختلفة.
مع ضرورة الإشارة إلى أن كثيرا من هذه الحكومات قبلت بالتضحية ببعض المؤسسات وتركتها تخرج من السوق، لأن إنقاذها أقل جدوى من إغلاقها، وهذا أمر طبيعي أيضا، بعد أن فرض الوباء معاييره الجديدة على العالم. بالطبع، هناك تفاوت بين الدول في حجم الديون، إلا أن جميع هذه الدول ارتفعت ديونها إلى معدلات فلكية. ففي منطقة اليورو بلغت قيمة الديون 53 تريليون دولار حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري. أما خارج هذه المنطقة، فبلغ دين بريطانيا – على سبيل المثال – أكثر من الناتج المحلي لأول مرة منذ عقود.
وأكبر الزيادات في العالم حصلت في الصين وماليزيا وتركيا ولبنان، خصوصا ديون القطاعات غير المالية فيها. ومع ذلك، فالكل يعاني ارتفاع حجم الدين العالمي، ومن المتوقع أن يواصل الارتفاع في العام المقبل، إذا لم يقترب العالم من مرحلة التعافي المنشود، الذي يبدو بعيدا ما لم تتم السيطرة نهائيا على كورونا. فحتى اللقاحات الواعدة التي يتحدثون عنها الآن، لن تكون مؤثرة في فترة زمنية قصيرة، وذلك لأسباب لوجستية وإنتاجية، فضلا عن بعض المحاذير الصحية لها. لا شيء يقلل من مستويات الدين إلا بعودة الاقتصاد العالمي إلى النمو، وفي أقرب وقت ممكن.
[ad_2]
Source link