▪︎ مجلس نيوز
تعد روسيا القطب الشمالي منطقة احتياطي فائض من المواد الخام والفرص التجارية أكثر مما تراها مساحة هشة معرضة لتداعيات الاحترار المناخي، ومن أجل ضمان تفوقها في هذه المنطقة، أطلقت موسكو أسطولا من كاسحات الجليد النووية فيها.
ووفقا لـ”الفرنسية”، غادرت سفينة “50 ليت بوبيدي” (50 عاما من النصر) مرفأ مورمانسك متجهة إلى القطب الشمالي هذا الصيف.
ويؤكد قائدها ديمتري لوبوسوف في تصريحات صحافية، من على متن السفينة أن لروسيا دورا مميزا في القطب الشمالي.
ويقول “ثلث أراضينا يقع وراء الدائرة القطبية، كان أسلافنا يتقنون الإبحار في المياه المتجمدة، ونواصل نحن ذلك بنجاح”، مشيرا إلى الأهمية المتزايدة لمهمته مع تطور الموارد الطبيعية.
وأضاف إن “روسيا برئاسة فلاديمير بوتين جعلت من استخراج ثروات القطب الشمالي من نفط وغاز ومواد خام، أولوية استراتيجية”.
وتشكل المنطقة مصدرا رئيسا للصادرات الروسية من الغاز الطبيعي المسال الذي تنتجه شركة “نوفاتيك” الروسية ومجموعة “توتال” الفرنسية في شبه جزيرة يامال.
وقال ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي في أيلول (سبتمبر)، إن “منطقة القطب الشمالي لديها إمكانات هائلة، من حيث الموارد، نتحدث عن 15 مليار طن من الغاز ومائة ألف مليار متر مكعب من الغاز، ما يكفي لعشرات وحتى مئات الأعوام”.
في المقابل، يعتمد مردودها جزئيا على الطريق البحري الشمالي أو على الممر الشمالي الشرقي، ويفترض أن يسهل هذا الطريق الذي يعبر القطب الشمالي ويبلغ طوله نصف مسافة الطريق عبر قناة السويس، توصيل الهيدروكربونات إلى جنوب شرق آسيا، عبر المرور في المحيطات الأطلسي والهادئ والمتجمد الشمالي.
في السابق، كان هذا الطريق صالحا للملاحة فقط في فصل الصيف، إلا أنه أصبح بالإمكان سلوكه أكثر فأكثر مع تراجع الكتل الجليدية بسبب الاحترار المناخي.
لكن نشر كاسحات الجليد الروسية التي تعمل بالطاقة النووية في المنطقة هو أمر أساسي أيضا.
ويوضح سيرجي كوندراتييف الخبير لدى معهد الطاقة والتمويل أن هذا الأسطول، تحت إشراف عملاق الطاقة الذرية “روساتوم”، فريد من نوعه في العالم، لأن “وحدها روسيا تملك مثل هذا الطريق – الطريق البحري الشمالي – حيث كاسحات الجليد هذه مطلوبة”.
وأضاف “في آذار (مارس) 2021 عندما علقت سفينة حاويات عملاقة في قناة السويس وعطلت حركة الملاحة، استغلت موسكو الفرصة للقول إن الطريق القطبي الشمالي لم يعد حلما بعيدا بل أصبح واقعا يتطور”.
ويتوقع أن تزيد شركة “روساتوم” في الأعوام الخمسة المقبلة عدد كاسحات الجليد النووية التي تملكها، من خمس إلى تسع، والهدف من ذلك، أن تبلغ كميات البضائع التي تنقل عبر القطب الشمالي 80 مليون طن بحلول 2024 و160 مليونا 2035، في مقابل نحو 33 مليونا في 2020.
ورغم أن هذا الرقم لا يزال بعيدا جدا عن المليار طن من البضائع التي تعبر قناة السويس، إلا أن سيرجي كوندراتييف يشير إلى أن عمالقة الاقتصاد الروسي على غرار مجموعات “غازبرومنفت” و”نوريلسك نيكل” و”روسنفت” تحتاج جميعها إلى القطب الشمالي، وبالتالي “ستكون كلها بحاجة إلى أسطول من كاسحات الجليد”.
على سبيل المثال، تطور شركة “روسنفت” مشروعا نفطيا ضخما باسم “فوستوك أويل” في شبه جزيرة تايمير، مع أرباح مذهلة متوقعة.
ويؤكد القائد لوبوسوف “إذا كنا في فترة الثمانينيات والتسعينيات نرافق سفينة ثم نتوقف لانتظار السفينة التالية، فالآن لا نتوقف لدقيقة واحدة”.
ويتوقع بدء الإبحار في القطب الشمالي على مدار العام، في 2030، وليس فقط للروس.
تشير شركة روساتوم إلى أن مالكي السفن الدنماركي “مايرسك” والصيني “كوسكو” يسلكان طريق القطب الشمالي. ورحب الرئيس بوتين باهتمام الجهات الفاعلة الدولية بهذا الطريق البحريا، وأكد الجمعة أنه “لا يريد استبعاد أحد عنه”. وتقدر المجموعة النووية الروسية تكلفة تطوير هذا الطريق التجاري بـ735 مليار روبل “8.5 مليار يورو بسعر الصرف الحالي” حتى 2024، بينها 274 مليار ضختها الدولة. وتندد المنظمات البيئية من جانبها بهذا السباق إلى الهيدروكربونات، الذي سبب عدة كوارث بيئية، وبالوجود المتزايد للمفاعلات الذرية في القطب الشمالي. وتقر “روساتوم” بأن “المشاريع التنموية في نظام بيئي هش إلى هذه الدرجة، تنطوي على مخاطر، يجب أن تسهم البنى التحتية في تخفيفها”، مشيرة إلى أن الدفع النووي أنظف من الوقود التقليدي.
لكن المجموعة تؤكد أنه “مع وجود فرص اقتصادية كبيرة إلى هذا الحد للسكان المحليين كما للاقتصاد العالمي، سيكون من الصعب عدم الاستفادة من هذه الاحتياطيات”.