▪︎ مجلس نيوز
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تقلبات جديدة في ظل توافر المعروض النفطي، بعد زيادة الإنتاج من جانب مجموعة “أوبك+” 400 ألف برميل يوميا كل شهر من آب (أغسطس) حتى كانون الأول (ديسمبر)، إضافة إلى استمرار انتشار متغير “دلتا” الذي يبطئ وتيرة تعافي الطلب العالمي على النفط الخام والوقود.
وتفاقمت أعباء السوق وتوتراتها بسبب إعصار “إيدا” في الولايات المتحدة، الذي ضرب المنشآت النفطية على ساحل الخليج الأمريكي، وأدى إلى تعطل أغلبية إنتاجها، بينما تحاول المصافي التعافي والعودة إلى المستويات الطبيعية للإنتاج لكن بوتيرة محدودة، ما يؤكد حاجة الإنتاج الأمريكي إلى أسابيع إضافية للعودة إلى حالة ما قبل الإعصار.
وقال لـ”الاقتصادية” مختصون ومحللون نفطيون “إن تقلبات السوق هي السمة الأبرز حاليا نتيجة تشابك تأثير عدة عوامل، أبرزها انتشار إصابات الوباء الجديدة بفعل “دلتا” وتجدد المخاوف على الطلب العالمي، إلى جانب الشكوك المرتبطة بسرعة استئناف النشاط الإنتاجي في الولايات المتحدة بعد إعصار “إيدا”.
وذكر المختصون أنه من الصعب على الدوائر التحليلية الدولية تكوين صورة متماسكة عن توقعات الطلب العالمي بسبب استمرار انتشار الفيروس، ومع ذلك ارتفع استهلاك الوقود في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي بينما انخفضت أيضا مخزونات النفط الخام.
وسلط المختصون الضوء على قرار السعودية خفض أسعار جميع أنواع النفط الخام للعملاء الآسيويين في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل مقابل أسعار أيلول (سبتمبر) الجاري، مع بقاء أسعار بيع النفط الخام لشمال غرب أوروبا والولايات المتحدة دون تغيير.
وعدوا هذه التخفيضات في الأسعار تأتي في التوقيت المناسب، في الوقت الذي أدت فيه عمليات الإغلاق في جميع أنحاء آسيا لمكافحة متغير “دلتا” الأكثر انتشارا والأوسع في الخطورة، إلى الحد من الطلب على الوقود في القارة الآسيوية.
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية أن أسواق النفط تشهد حالة من التقلبات الإضافية على المدى القريب بسبب آثار إعصار إيدا المدمر حيث لا يزال نحو 80 في المائة من إنتاج النفط في خليج المكسيك مغلقا، وإيقاف 2.3 مليون برميل من طاقة التكرير قبل العاصفة.
وأشار إلى أن بعض الإحصائيات الدولية يكشف أن نسبة 13 في المائة من طاقة التكرير في الولايات المتحدة التي توقفت بسبب إعصار إيدا ستعود في وقت أقرب مما كان متوقعا خاصة في لويزيانا وربما تستغرق أسابيع قليلة.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة “إن السوق تترقب عودة مصافي النفط في لويزيانا إضافة إلى استمرار مراقبة بيانات الإصابات بمتغير “دلتا” التي نشرت حالة من معنويات السوق الهبوطية”.
وأشار إلى أن السعودية خفضت أسعار الخام للمشترين الآسيويين انطلاقا من سياسات بيعية مرنة تراعي الصعوبات التى يعانيها الطلب.
من ناحيته، ذكر ألكسندر بوجل المستشار في شركة “جي بي سي إنرجي” الدولية أن العقود الآجلة للنفط الخام تراجعت إلى ما دون 69 دولارا للبرميل، لافتا إلى أن السوق تشهد حالة من نمو العرض وتعثر الطلب وقد يدفع الأمر إلى زيادة المنافسة والرغبة في الاحتفاظ بالحصص السوقية لدى بعض المنتجين.
وأوضح أن حالة الطلب المتعثر والضعيفة حاليا بسبب الجائحة وصعوبات التعافي الاقتصادي وصعود الدولار الأمريكي تتطلب سعرا أقل للنفط من أجل التواؤم مع تحديات السوق وتعزيز جهود الاستقرار والتوازن بين العرض والطلب والحفاظ على المخزونات النفطية في مستويات ملائمة ومعززة للسوق.
بدورها، قالت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية “إن جزءا كبيرا من الإنتاج الأمريكي خارج نطاق الخدمة في خليج المكسيك بعد إعصار “إيدا”، وعلى الرغم من ذلك يبدو أن السوق ليست في حاجة إلى إمدادات جديدة، حيث إن وفرة المعروض تهيمن على السوق في ظل تباطؤ الطلب مجددا بعد عودة القيود في عديد من الدول للحد من انتشار متغير دلتا”.
وذكرت أن ارتفاع أسعار النفط الذي تحقق خلال النصف الأول من العام توقف مع انتشار أزمة متغير “دلتا”، وما زاد من المعنويات الهبوطية أخيرا استعداد الحكومات للإفراج عن احتياطيات استراتيجية من النفط الخام، لافتة إلى مراقبة التجار من كثب عودة إنتاج النفط ومصافي التكرير المتضررة من إعصار “إيدا”.
وفيما يخص الأسعار، نزلت العقود الآجلة لخام برنت 98 سنتا ما يعادل 1.4 في المائة إلى 71.63 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم تشرين الأول (أكتوبر) 68.34 دولار للبرميل منخفضا 95 سنتا ما يعادل 1.4 في المائة.
ويأتي تراجع أسعار العقود الآجلة للخام بعد هبوط الجمعة، إثر بيانات الوظائف الأمريكية التي جاءت دون المتوقع وتشير إلى تفاوت التعافي الاقتصادي، ما قد يعني تباطؤ الطلب على الوقود مع تصاعد الإصابات بكوفيد – 19.
وحدت من الخسائر مخاوف بشأن استمرار ضعف الإمدادات الأمريكية في أعقاب إعصار إيدا.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 72.58 دولار للبرميل الجمعة الماضي مقابل 71.64 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 70.75 دولار للبرميل.