▪︎ مجلس نيوز
سجلت أسعار النفط الخام تقلبات نسبية خلال تعاملات أمس، على أثر إعلان مجموعة المنتجين في “أوبك” وخارجها “أوبك+” الأربعاء، المضي قدما في زيادة الإنتاج شهريا بمعدل 400 ألف برميل يوميا بحسب الخطط التي تم التوافق عليها في تموز (يوليو) الماضي.
ويعكس القرار قناعة المنتجين بتماسك الطلب على الرغم من الإصابات المتسارعة بمتغير دلتا من فيروس كورونا وتعطل مصافي التكرير الأمريكية وتراجع طلبها على النفط الخام جراء التوقف بتأثير من إعصار إيدا القوي.
ويقول لـ”الاقتصادية”، مختصون ومحللون نفطيون “إن العقود الآجلة للنفط الخام استقرت منخفضة حيث تأثرت السوق بسحب أكبر من المتوقع من مخزونات النفط الخام الأمريكي مقابل زيادة إنتاج النفط الخام من جانب مجموعة “أوبك+” بمقدار 400 ألف برميل يوميا في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، في إطار إعادة الإنتاج المتوقف بسبب الجائحة تدريجيا”.
وذكر المختصون أن سحوبات مخزونات النفط الخام فاقت التوقعات، على الرغم من إغلاق مصافي ساحل الخليج نتيجة إعصار إيدا، لافتين إلى أن مخزونات النفط الخام كانت ستسجل انخفاضات أكبر لولا تعطل عمل المصافي.
وفي هذا الإطار، قال مفيد ماندرا نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة “إن قرار “أوبك+” جاء بعد فحص عميق لظروف السوق النفطية والتأكد من أن العرض ما زال ضيقا، وإن آفاق الطلب مبشرة”، موضحا أن الأزمات الراهنة سواء الجائحة أو الإعصار لن تستمر طويلا.
ولفت إلى قناعة مجموعة المنتجين في “أوبك+” بأنه لا يزال هناك كثير من عدم اليقين المتعلق بالجائحة، لكن أساسيات السوق ستستمر في التحسن، خاصة في ضوء بيانات تؤكد أن الطلب العالمي على النفط سيتجاوز العرض بكثير خلال بقية العام، وذلك بنحو مليون برميل يوميا في أيلول (سبتمبر) و1.1 مليون برميل يوميا في تشرين الأول (أكتوبر) و800 ألف برميل يوميا في تشرين الثاني (نوفمبر).
من جانبه، أفاد أندرو موريس مدير شركة “بويري” الدولية للاستشارات بأن وضع الطلب العالمي متماسك ويقاوم العوامل السلبية المضادة وهو ما ظهر بوضوح في بيانات أمريكية تؤكد انخفاض مخزونات النفط الخام بمقدار 7.2 مليون برميل إلى 425.4 مليون برميل في الأسبوع الماضي، وهو ما رفع مستويات المخزونات إلى ما يقرب من 6 في المائة، دون المتوسط الموسمي لخمسة أعوام.
وأشار إلى أن الطلب الأمريكي بدأ في التعافي من تأثير الإعصار الذي تسبب في تعطيل 95 في المائة من أنشطة التكرير، لكن تلاحظ عودة منتجي النفط والغاز في خليج المكسيك ومصافي التكرير البرية في لويزيانا ببطء إلى العمل بشكل طبيعي بعد انحسار مخاطر إعصار إيدا.
من جانبه، أوضح ديفيد لديسما المحلل في شركة ساوث كورت الدولية أن معنويات أفضل للغاية تسود السوق بعد قرار “أوبك+” بزيادة العرض، نتيجة الثقة بتعافي الطلب، كما أن مخزونات النفط الخام الأمريكية هبطت أكثر من المتوقع وارتفع الطلب على المنتجات البترولية إلى مستوى قياسي.
واشار إلى أن اتخاذ مجموعة المنتجين في “أوبك+” قرار زيادة الإنتاج في وقت قصير للغاية وقياسي مقارنة بالاجتماعات السابقة هو علامة على نجاح المجموعة في الحفاظ على الوحدة والتمسك بالتعاون والعمل المشترك والسيطرة على أى تباينات أو خلافات حول تقدير وضع السوق في المرحلة الراهنة.
بدورها، قالت ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة “أفريكان إنجنيرينج” الدولية “إن “أوبك+” لديها رؤية إيجابية وموضوعية لوضع السوق حاليا، كما أنها تمتلك قدرا كبيرا من التفاؤل والثقة بتعافي الطلب، حيث تتوقع المجموعة أن المخزونات النفطية العالمية ستستمر في الانخفاض هذا العام، حتى مع تخفيف القيود وعودة زيادة الإنتاج”، مشيرة إلى أن العقود الآجلة للنفط الخام أغلقت على ارتفاع طفيف بعد قرار “أوبك+” وتقرير مخزونات النفط الأمريكي الصعودي.
ولفتت إلى أن السوق وجهت انتباها أكثر إلى تراجع المخزونات الأمريكية، كما أن قرار “أوبك+” بزيادة الإنتاج كان متوقعا وخاليا من أي مفاجآت. مشيرة إلى أن المجموعة أرسلت رسالة مهمة إلى السوق مفادها أنها قوية وقادرة على إدارة العرض بشكل جيد، وأن التباينات السابقة في قراءة وتقييم وضع السوق تراجعت كثيرا.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، هبطت أسعار النفط بعد أن اتفقت “أوبك” على إبقاء سياستها الخاصة بالعودة التدريجية للإمدادات إلى السوق دون تغيير، في الوقت الذي ترتفع فيه الإصابات بفيروس كورونا في أنحاء العالم، ويظل فيه كثير من شركات التكرير الأمريكية – وهي مصدر رئيس للطلب على الخام – متوقفا عن العمل.
وهبط خام برنت 15 سنتا أو ما يعادل 0.2 في المائة إلى 71.44 دولار للبرميل بحلول الساعة 0650 بتوقيت جرينتش، بعد أن تراجع أربعة سنتات الأربعاء، بينما نزل الخام الأمريكي 20 سنتا أو ما يعادل 0.3 في المائة إلى 68.39 دولار للبرميل بعد أن زاد تسعة سنتات في الجلسة السابقة.
واتفقت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” ومنتجون آخرون بينهم روسيا، المجموعة المعروفة باسم “أوبك+” الأربعاء على مواصلة سياسة التخلص التدريجي من تخفيضات قياسية للإنتاج بإضافة 400 ألف برميل يوميا كل شهر إلى السوق.
وفي الولايات المتحدة، ربما تستغرق مصافي تكرير النفط أسابيع لاستئناف نشاطها بعد أن ضرب إعصار إيدا المنطقة، فيما تواجه العمليات انقطاعات للكهرباء والمياه، ما سيعرقل الطلب على النفط على الأرجح.
وقالت الهيئة المنظمة لأنشطة الطاقة البحرية في الولايات المتحدة “إن شركات الطاقة تسارع لإعادة تشغيل المنصات وخطوط الأنابيب في خليج المكسيك الأمريكي، فيما لا يزال إنتاج نحو 1.4 مليون برميل يوميا من النفط متوقفا”.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أمس الأول، “إن مخزونات الخام الأمريكية انخفضت 7.2 مليون برميل وإن إمدادات المنتجات النفطية التي تقدمها شركات التكرير زادت إلى مستوى قياسي على الرغم من ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا في أنحاء البلاد”.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 71.27 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 71.43 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 70.59 دولار للبرميل”.