▪︎ مجلس نيوز
في مقال مؤثر نشر قبل نحو ثلاثة عقود، أشارت أمارتيا سين إلى فقدان أكثر من 100 مليون امرأة. ورغم تمتع المرأة بزيادة معدل العمر المتوقع مقارنة بالرجل في كل فئة عمرية، فإن النسبة بين النساء والرجال في أجزاء كثيرة من العالم تكون لمصلحة الرجل بصورة كبيرة للغاية. وقد زادت أخيرا أهمية هذا الموضوع. وأدت جائحة فيروس كورونا كوفيد – 19 إلى زيادة العنف المنزلي مع بقاء النساء في المنزل، وزاد عدد المكالمات للخطوط الساخنة، وفي الوقت نفسه أصبح من الأصعب الوصول إلى الموارد القانونية بسبب عوامل التأخير الكبيرة للغاية في الأنظمة القانونية المثقلة بالأعباء. ووسط كل هذا، أردنا طرح سؤال أكبر ألا وهو هل للقوانين أثر في الحد من العنف المنزلي؟.
من غير الممكن قياس التكلفة الحقيقية للعنف المنزلي، وينطوي العنف المنزلي على آثار بدنية وعقلية يمكن أن تستمر لفترة طويلة للغاية. وقد بذلت محاولات لتحديد هذه الآثار بصورة كمية. وأشار أندرسون وراي إلى أن زيادة حالات الوفيات بين الإناث بسبب الإصابات الناجمة جزئيا عن العنف المنزلي كانت مرتفعة للغاية في الهند عام 2000، بواقع 225 ألف حالة. ويرى بيليتشي أن التشريعات التي تجرم العنف المنزلي ترتبط بانخفاض كبير في معدلات الانتحار بين النساء في جميع أنحاء المقاطعات في المكسيك. وقدرت التكلفة الاقتصادية للعنف المنزلي بنحو 4.4 تريليون دولار، أو 5.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وهو مبلغ ضخم بأي مقياس.
هل يمكن لتشريعات مناهضة العنف المنزلي أن تحمي المرأة؟ نحن نتناول هذه المسألة في دراستنا الأخيرة التي تكشف العلاقة بين وجود تشريعات تناهض العنف المنزلي ونسبة الوفيات بين الإناث والذكور في 159 بلدا على مدى ما يقرب من 25 عاما تقريبا في الفترة بين 1990 و2014. ونستخدم بيانات عن تشريعات العنف المنزلي من برنامج البنك الدولي المعني بالمرأة وأنشطة الأعمال والقانون. ووفقا لتعريف الأمم المتحدة، يعرف هذا البرنامج المعني بالمرأة وأنشطة الأعمال والقانون العنف المنزلي على نحو يشمل العنف الجسدي أو العنف الوجداني أو النفسي أو العنف المالي أو الاقتصادي. ولا يعد التشريع الذي لا ينص على فرض عقوبات أو أوامر بالحماية من العنف المنزلي يستوفي معايير تشريعات مناهضة العنف المنزلي. ويتم كشف البيانات بطريقتين مهمتين. أولا، عام 1990، لم يكن هناك سوى أربع دول في العينة التي تم تحليلها، وقد أصدرت هذه الدول شكلا من أشكال التشريع الذي يحمي المرأة من العنف المنزلي. وهذه حقيقة واقعية بالنظر إلى أن البرلمانات في عديد من الدول كانت تشن تشريعات في هذا الشأن منذ أكثر من قرن من الزمان، لكن من الواضح أن حماية المرأة لم ينظر إليها على أنها أولوية تشريعية قصوى. وثانيا، وعلى نحو مشجع للغاية، ازداد عدد الدول التي اعتمدت مثل هذه التشريعات بسرعة وبلغ عددها 89 بلدا عام 2014. وربما يرجع ذلك جزئيا إلى ضغوط الدول المناظرة واعتماد عدد متزايد من الدول لاتفاقيات الأمم المتحدة المختلفة. والعلاقة التصورية بين تشريعات مناهضة العنف المنزلي والعنف المنزلي علاقة بديهية، لكن هناك تحديات على أرض الواقع. وتتجه النساء صاحبات الموارد الأكثر وفرة إلى الحصول على خيارات أفضل خارج إطار العلاقات التي تنطوي على تجاوزات، وبالتالي من الأرجح أن يتركن شركاءهن الذين يتسمون بالعنف. وبناء على هذه النظرة المتفحصة، يدلل نموذج التفاوض على مستوى الأسر المعيشية أن النساء اللاتي يتمتعن بخيارات خارجية أفضل مقارنة بالرجال يتمتعن بنقاط قوة أكبر تمثل نقاط تهديد تمكنهن من التهديد بمصداقية بترك الشركاء وبالتالي يكون الحديث أساسا على تقليل العنف المنزلي… يتبع.