▪︎ مجلس نيوز
من الجوانب التي تمثل مشكلات إضافية لجائحة كورونا، هي تلك المتعلقة بارتداء كمامات الوجه الإلزامية في معظم الدول، وقد سن عديد من دول العالم قرارات، وعقوبات، لإلزام الناس بارتداء الكمامات في الأماكن العامة، في محاولة للسيطرة على تفشي الوباء.
المشكلة تكمن في أن الكمامات ساهمت في رفع حجم النفايات الطبية، وهذا يعد واحدا من أكثر العناصر خطرا على البيئة والصحة العامة، في الوقت الدي تنفق فيه الحكومات والجهات المعنية حول العالم، أموالا ضخمة للتخلص من النفايات الطبية بشكل عام.
ومع تزايد استخدام كمامات الوجه، ولا سيما التي تستخدم لمرة واحدة، ارتفعت حدة المخاطر على البيئة، لأسباب عديدة، في مقدمتها أن المواد التي تدخل في صناعة هذا النوع من الكمامات، غير قابلة للتحلل في وقت قصير، بل يؤكد المختصون، أنها من المحتويات التي تستمر لفترات طويلة قبل أن تصل إلى مرحلة التحلل، الأمر الذي يرفع من خطر نشر الجراثيم المسببة للأمراض، بما في ذلك فيروس كوفيد – 19.
لهذه المسألة جانب بيئي بالطبع، ولكن لها جانب مالي أيضا، ولذلك فإن كثيرا من الجهات المختصة، تدفع باتجاه تشجيع الناس على استخدام الكمامات التي تستعمل عدة مرات، وهذا الأمر لا يختص بأولئك الذين اضطروا لاستخدام الكمامات بشكل عام بسبب تفشي كورونا، ولكن يشمل أيضا العاملين في القطاع الطبي من أطباء ومساعدين وممرضات، فهؤلاء اعتادوا على استخدام الكمامات لمرة واحدة، الأمر الذي يضيف أعباء مالية على العيادات والمستشفيات. على الساحة الأمريكية، إذا استخدم كل شخص يعمل في المجال الصحي كمامة وجه جديدة عند فحص كل مريض، فإن إجمالي الكمامات سيصل إلى 7.4 مليار كمامة بتكلفة 6.4 مليار دولار، أو ما يوازي 84 مليون كيلو جرام من النفايات.
وجائحة كورونا تتسبب في نفايات طبية لا تقل عن 7300 طن يوميا، وهذه نسبة كبيرة بالفعل، وتسعى الجهات المختصة حول العالم إلى نشر الوعي، ليس فقط لتخفيف حجم هذا النوع من النفايات، ولكن لتوفير الحصانة الصحية اللازمة مما قد تنشره هنا وهناك. ولذلك، فإن الاعتماد على كمامات تستخدم عدة مرات، يعني تخفيف المخاطر الناجمة عن النفايات الطبية بشكل عام.
وعلى هذا الأساس، ينصح مختصون بأن يستخدم العاملون في القطاع الطبي حول العالم، كمامات من نوع جديد قابلة للتعقيم، وهذا الأمر سهل تحقيقه من خلال إدخال بعض المواد التي تساعد على تعقيم كمامات العاملين في هذا القطاع، وهذه المواد متوافرة ورخيصة، ما يجعل المهمة سهلة وأقل من حيث التكاليف.
وبدأت مصانع عديدة حول العالم بتجربة إنتاج هذا النوع المطلوب من الكمامات المخصصة للعاملين في المجال الصحي، منها ما هو مصنوع من مادة السيلكون، على أن تزود بمرشح للهواء، يمكن تغييره أو تعقيمه بعد الاستخدام.
وتعمل الحكومات في أوروبا حاليا على تسريع عملية إنتاج الكمامات التي لا توفر حماية فقط بل حماية للبيئة وتحمي من انتشار الأمراض والأوبئة، وتقلل أيضا من حجم الأموال المخصصة لها أيضا، وهناك الكثير من الاختيارات في هذا المجال، بما في ذلك استخدام الأشعة فوق البنفسجية، أو بيروكسيد الهيدروجين، في تعقيم الكمامات المستهدفة والمشار إليها. وبحسب معهد “ماساشوسيتس الأمريكي للتكنولوجيا، فإن اللجوء إلى هذا النوع من الكمامات، سواء في المجال الطبي أو خارجه، فإن التكلفة ستنخفض ما بين 1.4 و1.7 مليار دولار في ستة أشهر إذا أخذنا مثالا لذلك الولايات المتحدة وحدها.
لا شك في أن هذه الخطوات ستسهم في نشر الثقافة المطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى، فجائحة كورونا أتت بمعاييرها، كغيرها من الأوبئة والأمراض التي تنتشر على نطاق واسع، والمرحلة المقبلة تتطلب خطوات عملية ليس فقط من أجل التوعية الطبية وغرس ثقافتها، بل من أجل تحقيق المنافع البيئية، والاقتصادية أيضا.