▪︎ مجلس نيوز
رغم تراجع أسعار النفط الخام أمس بسبب مخاوف فرض قيود إضافية لمكافحة متغير دلتا من فيروس كورونا، قال لـ”الاقتصادية” مختصون ومحللون نفطيون إن الثقة ما زالت قوية باستمرار تعافي الطلب على الرغم من بقاء المستوى المرتفع من الإصابات الجديدة بمتغير دلتا على المستوى العالمي، مشيرين إلى أن الإجراءات الحاسمة في مواجهة الوباء أعادت إشعال التوقعات الإيجابية في أسواق النفط.
وأوضحوا أن المعنويات في السوق تبدلت أخيرا إلى الاتجاه الصعودي بعد أن منحت هيئة تنظيم الأدوية الأمريكية الموافقة الكاملة على لقاح “فايزر – بيونتك”، ما عزز آمال المستثمرين في أن ارتفاع الطلب على الوقود سيتبع زيادة محتملة في معدلات التطعيم ضد فيروس كورونا في الولايات المتحدة.
وذكر المختصون أنه رغم وصول الضغوط على أسعار النفط إلى مستوى قياسي بعد تسجيل الدولار أخيرا أعلى مستوى في تسعة أشهر نتيجة ما يسمى ارتفاع الطلب على الملاذ الآمن، أكدوا أنه لا داعي للقلق كثيرا بشأن قوة الدولار، وذلك في ضوء توقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي يعتزم الحفاظ على أسعار الفائدة بالقرب من الصفر لأعوام قادمة.
وفي هذا الإطار، قال أندريه جروس، مدير شركة “إم إم أيه سي” الألمانية للطاقة إن التقلبات ما زالت تهيمن على حركة الأسعار في سوق النفط، ولكن إجمالا يمكن التأكيد أن المعنويات تتجه نحو التحسن في ظل توقعات تسارع وتيرة تعافي الطلب، خاصة مع نجاح الصين الواضح في محاربة متغير دلتا، واستمرار تراجع الحالة الوبائية هناك في ضوء انخفاض الإصابات الجديدة.
وأوضح أن أسعار النفط الخام تتلقى دعما أيضا من بيانات إدارة معلومات الطاقة، التي تؤكد انخفاض مخزونات الخام الأمريكية بمقدار ثلاثة ملايين برميل إلى 432.6 مليون برميل للأسبوع الماضي، ما رفع مستويات المخزونات إلى ما نحو 6 في المائة، دون المتوسط الموسمي لخمسة أعوام، متوقعا أن ينحسر تأثير متغير “دلتا” على الطلب العالمي.
من جانبه، ذكر مفيد ماندرا، نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة، أن تراجعات مفاجئة حدثت في المعروض النفطي وزادت من فرص تعافي الأسعار وتحديدا بعد اندلاع حريق في منصة نفطية تديرها شركة النفط المكسيكية الحكومية “بيميكس”، ما أدى إلى خصم 421 ألف برميل يوميا من إمدادات النفط في المكسيك وتحتاج إلى عدة أيام للعودة إلى المستويات الطبيعية.
وأشار إلى ترقب السوق لقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن تقليص برنامج شراء الأصول، الذي سيؤثر بدوره في قوة الدولار، وبالتالي في حركة أسعار النفط، لافتا إلى دور الصين القوي في دعم مرحلة التعافي من الأزمة، حيث اتخذت نهجا لا هوادة فيه من خلال فرض قيود سفر واسعة النطاق وتنفيذ عمليات إغلاق جديدة حتى نجحت أخيرا في تسجيل تقدم سريع في احتواء الوباء.
ويرى، أندريه موريس، مدير شركة “بويري” الدولية للاستشارات أن الإجراءات الحاسمة في مواجهة الوباء من جانب الصين أعادت إشعال التوقعات بأن الطلب على النفط سيبدأ في الارتفاع مرة أخرى بخطوات قوية وثابتة.
وأشار إلى أن حريق المنصة النفطية المكسيكية، الذي أدى إلى القضاء على أكثر من 400 ألف برميل يوميا من إنتاج البلاد أدى إلى تهدئة حالة التوتر قبيل أيام من الاجتماع الوزاري لمجموعة “أوبك+”، الذي من المحتمل أن يمضي قدما في ضخ الكمية نفسها من الإمدادات النفطية الإضافية إلى السوق مع بداية سبتمبر المقبل.
وأكد أن تقلبات الأسعار تأتي في إطار التوقعات السابقة، ووفق المسار الطبيعي، خاصة عقب تسجيل مكاسب قياسية يليها تصحيح الأسعار وجني الأرباح، وأن الارتفاع الأخير في أسعار النفط جاء مصحوبا بمزيد من الإشارات على أن الطلب يتعزز، بينما زاد مؤشر خام برنت القياسي العالمي علاوته مقابل خام غرب تكساس الوسيط إلى أوسع نطاق منذ أبريل.
وتقول ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة “أفريكان إنجنيرينج” الدولية إن تحسن المعنويات صار هو السمة الغالبة على السوق نتيجة التبدل في الوضع الوبائي في الصين ووصوله إلى حالة تطور إيجابي لافت، إضافة إلى تعزيز محتمل لحملة التطعيم الأمريكية.
وأشارت إلى أن توقعات التعافي الاقتصادي والنمو العالمي تشهد تطورات إيجابية بفضل الأداء المتطور في الاقتصادات الكبرى، مشيرة إلى إعلان البنك المركزي الصيني زيادة حجم الأموال، التي تدعم الشركات الصغيرة، إضافة إلى توقعات بمزيد من التحفيز، الذي يستهدف قطاع البنية التحتية والتصنيع والعقارات بعد أن أدى تباطؤ تموز (يوليو) الماضي إلى جعل الوضع الاقتصادي يبدو قاتما، وأثر ذلك بالسلب في استقرار سوق النفط الخام.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، هبط خام برنت 45 سنتا أو 0.6 في المائة في التداولات الآسيوية المبكرة، إلى 71.80 دولار للبرميل، بعدما صعد 1.7 في المائة، الأربعاء.
وهبط الخام الأمريكي 55 سنتا أو 0.8 في المائة، ليصل إلى 67.81 دولار للبرميل بعدما صعد 1.2 في المائة، في جلسة التداول السابقة. ويثير تفشي الإصابات الجديدة بفيروس كورونا مدفوعة بالسلالة دلتا مخاوف بشأن قوة التعافي الاقتصادي على مستوى العالم، ما يضر بالطلب على النفط والسلع الأخرى.
يذكر أن مخزونات النفط الأمريكية هبطت ثلاثة ملايين برميل الأسبوع الماضي إلى 432.6 مليون برميل، وهو أدنى مستوى منذ يناير 2020، متجاوزة متوسط التوقعات في مسح أجرته “رويترز”، الذي أشار إلى انخفاض 2.7 مليون برميل.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 70.59 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 69.71 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” الخميس إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق رابع ارتفاع له على التوالي، وأن السلة كسبت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 69.32 دولار للبرميل.