▪︎ مجلس نيوز
إنها ذروة فصل الصيف في قمة أوروبا، على ارتفاع 3640 مترا فوق مستوى البحر. ومع ذلك فإن مطعم بوليوود مغلق.
في الصيف العادي، 70 في المائة من الزوار لهذا المجمع السياحي عند ممر سلسلة جبال الألب في جانجفراو يكونون من الآسيويين. قبل عامين أتى 126 ألف سائح من الهند وحدها. كان البوفيه الهندي في مطعم بوليوود أكثر شهرة من الفوندو (جبنة مسيحة وزبدة وبيض).
ضربت جائحة فيروس كورونا قطاع السياحة بشكل سيئ. لكن لأن سويسرا روجت لنفسها بقوة كوجهة للسياحة الآسيوية، فقد أثر فيروس كوفيد – 19 بشكل أكبر على السياحة السويسرية.
على مدار العقد الماضي، عندما أدى ارتفاع الفرنك إلى تراجع أعداد الوافدين من أسواق شمال أوروبا التقليدية إلى سويسرا، جاءت أعداد أكبر من آسيا بدلا من ذلك. لكن مع تفشي الجائحة الآن في آسيا، وحظر السفر الدولي في الصين حيث اتبعت بكين نهجا لا هوادة فيه تجاه انتشار المتحور دلتا، فإن السياحة السويسرية تستعد للعام الثاني من الأزمة.
قال أورس كيسلر، المدير التنفيذي لشركة يونجفراوبان، الشركة التي تشرف على الجندول، والسكك الحديدية، والمحطات الجبلية حول جانجفراو، “لقد كان وقتا مليئا بالتحديات. انتقلنا من أفضل عام لنا على الإطلاق في 2019 إلى أشد الأزمات”.
نجت سويسرا الغنية من التداعيات الاقتصادية للجائحة بشكل أفضل من كثير من الدول، من المتوقع أن يتوسع الناتج المحلي الإجمالي 3.5 في المائة هذا العام وفقا للبنك الوطني السويسري، بعد أن تقلص 3 في المائة فقط العام الماضي. لكن قطاع السياحة هو الاستثناء.
يمثل القطاع ما يقارب 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لسويسرا و4.4 في المائة من الوظائف، ما يجعله أحد أهم القطاعات الاقتصادية في الدولة، أي ما يقارب ضعفي حجم صناعة الساعات.
قال مارتن نيدجر، الرئيس التنفيذي لهيئة السياحة السويسرية، “سيذكر العام الأول للجائحة بحسبانه عاما مروعا لصناعة السياحة السويسرية، حيث تراجعت معدلات الإقامة في الفنادق إلى مستوى لم يشهد إلا خلال الحرب العالمية الثانية”.
هذا العام، كما قال نيدجر، لم يكن أفضل حالا. عاد زوار الأماكن الأخرى في أوروبا، تشجعهم معدلات تلقي اللقاح العالية وبطاقة الاتحاد الأوروبي الرقمية لفيروس كوفيد، إلى شواطئ القارة ومدنها، مقدمين بذلك دفعة للسياحة في دول مثل إيطاليا وإسبانيا التي كانت في أمس الحاجة لها.
لكن مع إغلاق السوق الآسيوية، ما زالت سويسرا تعاني. ويتوقع نيدجر أن تنخفض معدلات الإقامة في سويسرا 5 في المائة أخرى بعد انخفاضها 40 في المائة في عام 2020. قال، “قد يأخذ الأمر عامين قبل أن نصل إلى مستويات الإقامة ما قبل الجائحة من الزوار الآسيويين في سويسرا”.
وصلت الزيارات الآسيوية إلى ذروتها في صيف عام 2019. في ذلك العام أمضى الزوار الصينيون مجتمعين 1.8 مليون ليلة في سويسرا، بزيادة تقارب 400 في المائة عن العقد السابق وأكثر من عدد الأشخاص القادمين من فرنسا. وأمضى الهنود 793 ألف ليلة في البلد، ارتفاعا من 392 ألف ليلة في عام 2010.
حتى إن بعض السويسريين شعروا بالقلق من وجود كثير من السياح الآسيويين. في أيار (مايو)، جلبت شركة واحدة، “جونيس جلوبال”، 12 ألف شخص من الصين. وأظهرت الصور في الصحافة السويسرية مجموعات ضخمة من السائحين الصينيين وهم يتجولون في شوارع لوزان المرصوفة وفي نهر تيتليس الجليدي.
قال كيسلر إن سويسرا متقدمة بفارق كبير عن الدول الأوروبية الأخرى في إدراك ضخامة السوق المحتملة للسياح الآسيويين. وقد بدأ بزيارة آسيا في عام 1987، وقبل الجائحة كان يسافر إلى الصين والهند عدة مرات في العام للقاء وكالات السياحة. قال، “العولمة بالنسبة لي تعني شيئا واحدا فقط – المشاركة في النمو في آسيا”.
السياح من الهند جذابون بشكل خاص لأن ذروة موسم السفر لديهم – عادة في الربيع – تتزامن مع انخفاض موسم جبال الألب. في الماضي كانت الأشهر بين إغلاق ممرات التزلج وفتح مسارات المشي لمسافات طويلة ميتة لأصحاب الفنادق السويسرية.
وما يقارب 90 في المائة من المقيمين في فندق كيمبنسكي بالاس إنجلبيرج، الذي افتتح في حزيران (يونيو)، هم من السويسريين. ويتوقع مدير الفندق، أندرياس ماجنوس، استمرار هذه النسبة العالية، حتى مع انحسار الجائحة.
قال ماجنوس إن الفندق الذي تم تجديده باستخدام الأخشاب الصلبة ذات الألوان الفاتحة واللمسات العصرية، يهدف إلى جذب “عقلية سويسرية”، حيث يكون التقليل من الأهمية أمرا مهما. على هذا النحو، فإنه يقف بعيدا عن بعض الفنادق السويسرية الفخمة الأخرى التي تم افتتاحها أخيرا، مثل فندق شيدي إن أندرمات، التي تعكس بوعي الأذواق الآسيوية والميزانيات الضخمة.
أضاف ماجنوس، “في أوج ازدهارها في القرن الـ19، كان في إنجيلبرج 12 فندقا فخما أو نحو ذلك. لقد تغيرت السياحة في سويسرا كثيرا منذ ذلك الحين، لكننا نريد أن نقدم شيئا هنا مشابها للتجربة التي حصل عليها الأشخاص الذين اعتادوا زيارة إنجيلبرج “.
مع ذلك، فإنه يتوقع عودة أعداد كبيرة من السياح الآسيويين قريبا لزيارة نهر تيتليس الجليدي القريب. قال، “أعتقد أن 2022 – 2024 ستكون أعواما كبيرة”.
في قمة جانجفراو يعتمدون على ذلك. لقد أدى الإقبال الضئيل على المنطقة على مدى الأشهر الستة الماضية إلى قيام سكة حديد جانجفراو بوضع خطط سريعة لتطوير الخط الحديدي. وسيبدأ الآن زوار قمة أوروبا بالصعود إليها من محطة مترامية الأطراف مع كل الإحساس والبوتيكات بمطار صغير.
قال كيسلر، “كما رأينا في أوروبا، بمجرد السماح للناس بالسفر، فعلوا ذلك. سيكون الأمر كذلك في آسيا أيضا. أنا متفائل”.