[ad_1]
يؤمن الجميع بأن العالم اليوم يمر بمرحلة تاريخية جديدة يمكن أن يطلق عليها “ما بعد كورونا”. تأثر كثير من الأفكار والعلاقات والمفاهيم الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية بآثار هذه الجائحة، ولعل أهم تلك التغيرات تمس معنى القيمة نفسه، وذلك إذا تم ربطها بالتكلفة والعائد. لقد كشف لنا فيروس كورونا إلى أي مدى تهدر البشرية كثيرا من مواردها في قضايا غير ذات أهمية، كما أثبت أن كثيرا من القضايا التي لم تكن لها قيمة كبيرة، أصبحت بين عشية وضحاها تمثل الفرق بين الحياة والموت، بين النجاح والفشل.
فالحضارة الإنسانية اليوم لم تعد تحتمل التراجع إلى الوراء. لا يمكننا الوقوف أمام التهديدات البيئية والتغيرات التي تحدث دون دعم كامل من عالم تقني متكامل وإمدادات من الطاقة، فما فيروس كوفيد – 19 إلا أنموذج من التحديات التي تواجهها البشرية، ولولا أن مكن الله البشر من تطوير تقنيات إلكترونية وتواصل سريع، لكان حجم الكارثة أكبر مما يمكن تصوره.
ولعل أبسط تلك القضايا ما مكن الله به هذه البلاد من قدرات تقنية وبشرية كبيرة استطاعت من خلالها أن تقود العالم أجمع وتنجح في تنظيم اجتماعات قادة الدول العشرين عن بعد، وكذلك اجتماعات جميع اللجان والمجموعة ذات العلاقة، وهو ما سهل التوصل إلى قرارات تاريخية لمساعدة العالم وإنقاذه.
لكن الصورة أصبحت واضحة جدا، فالتحولات والتطورات البيئية من حولنا ستفرز لنا كثيرا من التحديات المجهولة الآن، لكن تجربة كورونا أثبتت أنه يمكننا التغلب عليها إذا توافرت لنا الطاقة وأتيحت لنا التقنية السهلة والكوادر البشرية المؤهلة. هنا بالذات، فإن التعليم يقف اليوم، كما هو الحال دائما، كفرس الرهان ورأس الحربة في هذه المعركة الشرسة.
لكن العرب قالت من قبل، إن فاقد الشيء لا يعطيه، لذا لم يعد أمام التعليم إلا قبول التحديات الجديدة والتحول بشكل استباقي نحو دعم الآلة والتقنية في التعليم، حتى يكون قادرا على منح القطاعات الأخرى كوادر مندمجة مع واقع الحياة الجديدة وتقنياتها. فالتعليم المتقدم أصبح يعتمد بشكل غير عادي على التكنولوجيا المتقدمة، والمدرسة الافتراضية، بل حتى من المتوقع أن يصبح المعلم نفسه افتراضيا، ولهذا فلا مفر من قبول التحدي ومجاراة الواقع، ولم يعد هناك مجال للعودة إلى الخلف، وإعادة إنتاج النظام التعليمي السابق، الذي يفرض قواعد صارمة في الحضور إلى المدرسة والانصراف منها، والواجبات المنزلية.
فقد فرضت تجربة كورونا تحولات قد يصعب على الطلاب والمعلمين، بل حتى الأسر، الاستغناء عنها اليوم، ولا أقل من فرصة إعادة بث الدرس في وقت لاحق، أو فرصة الاستماع إلى هذا الدرس من قبل مدرس آخر عبر قنوات أخرى. هذه الخيارات لم تكن متوافرة قبل اليوم بهذا الشكل، حتى المحاولات السابقة لم يكتب لها النجاح، نظرا إلى عدم استيعاب الأسر والطلاب الفوائد الضخمة الناتجة عنها.
نحن ما زلنا في بدايات الطريق، والعالم أجمع يتلمس السبيل الأمثل لتحقيق الاندماج بين التعليم الواقعي والتعليم الافتراضي، تلك الخطوة الجبارة التي يمكن من خلالها إعادة بناء منظومة تقنيات الاتصال وأجهزتها، الأمر الذي سيفتح عالما جديدا من القطاعات الاقتصادية والوظائف والاستثمارات، وأيضا عالما مختلفا من أساليب وطرق التعليم، بل المواد والمناهج والكتب الدراسية. ومن المتوقع في المستقبل أن تختفي المكتبة والدفاتر والأقلام، وتتحول إلى مكتبات سحابية ومنصات إلكترونية تفاعلية عن بعد، وأجهزة وتقنيات حديثة قد لا يمكن تصورها اليوم.
فمن المرجح أن يصبح الرسم على الأجهزة طريقا إلى عالم جديد من الفنون التي لم نعرفها بعد، وهذا كله سيعزز الطلب أكثر على منتجات مبتكرة. لذا، فلا بد من تغيرات هيكلية في شكل المدرسة وتنظيمها، وإدارات التعليم، بل حتى الوزارة، فالابتكار في التعليم الإلكتروني أصبح واقعا وليس اختيارات، ووجود فني تقنية في المدارس، وأيضا التدريب وتطوير المهارات، يجب أن يصبح كل ذلك تحولا استراتيجيا نحو التعليم الإلكتروني.
[ad_2]
Source link