▪︎ مجلس نيوز
هل أفلست هوليوود لتبدأ في اقتناص أفلام ناجحة، واللجوء إلى عمليات إعادة التدوير وإنتاجها من جديد وبرؤية جديدة، أم أن جائحة كورونا دفعت بها إلى التخبط يمينا وشمالا، لتحقيق بعض الأرباح التي من الممكن أن تعوض الخسارة التي لحقت بها؟! وأيأ يكن، إن إطلاق فيلم Jungle cruise جاء في وقت تحتاج فيه السينما العالمية إلى انتعاشه بسيطة، فهل جاء مواكبا لتطلعات الشركة المنتجة “ديزني”؟!
منذ نحو 20 عاما أطلقت ديزي فيلم “قراصنة الكاريبي” وهي سلسلة من أفلام الكوميديا والحركة والإثارة الناجحة مكونة من خمسة أجزاء، ومبنية على أساس لعبة شهيرة في مدينة “ديزني لاند” للألعاب الترفيهية، التي تحمل الاسم نفسه، ولقد حققت كثيرا من النجاحات في الأوساط الشعبية والعالمية، وكثيرا من الأرباح والإيرادات، لكنها اندثرت مع الوقت وأصبحت أرشيفية، إلى أن جاءت ديزني بفيلم jungle cruise الذي يشبه في عديد من لقطاته فيلم “قراصنة الكاريبي”.
شجرة دموع القمر
تدور أحداث الفيلم في 1916، حيث تظهر دكتورة ليلى هاتون العالمة في بحوث النباتات، تؤدي دورها إميلي بلانت، وشقيقها ماكجريجور، يؤدي دوره الممثل جاك وايت هول، وهي قد عاشت على حكايات والدها حول شجرة أسطورية تدعى “دموع القمر”، وتعتقد أن مفتاح الشجرة موجود في إحدى الأكاديميات البحثية العلمية في لندن، فتقضي حياتها في دراسة طريق الوصول إليها، ولهذا تقوم بسرقة أحد مفاتيح هذه الشجرة من المتحف.
لكنها تكتشف أن رئيس الأكاديمية قطع وعدا لأمير ألماني يدعى “يواكيم” الذي يريد أيضا الحصول على مفتاح الشجرة وهو “رأس السهم”، لكنه يفشل بعد أن قامت ليلي بسرقته.
مغامرة بمواقف صعبة
تتوجه ليلي برفقة شقيقها من لندن إلى أمريكا الجنوبية، وهنالك تتعرف على الربان فرانك وولف قائد الرحلات السياحية في غابات الأمازون، يؤدي دوره دواين جونسون، الذي يبدو كوميديا مع زبائنه لكنه فقير ومهدد من قبل صاحب المرفأ، بعد أن اقترض منه المال. تصل ليلي إلى المكان وتطلب أن ينقلها إلى مكان شجرة دموع القمر، لكن فرانك يحاول الاستهزاء بها، حتى يلاحظ أنها ترتدي في عنقها قلادة هي رأس السهم. تدفع ليلي مبلغا كبيرا له ويوافق، وخلال الرحلة يتعرض الثنائي بصحبة ماكريجور لكثير من المواقف الصعبة التي تزيد من تعقيدات المهمة وتجعلها مخاطرة كبيرة من أجل هدف نبيل.
ثنائي مرح
الفيلم الى حد ما جميل ومضحك، وبعيد عن الملل، إذ يفاجئنا جوميه كوليت سيرا مخرج الفيلم بكثير من المناظر الخلابة والحيوانات الأليفة وغيرها من المفترسة، مع إضافة عنصر الكوميديا والأكشن، كما أن شخصية الدكتورة ليلي مميزة، إذ إنها متمردة، ذكية ولا تخشى أحدا، بل لديها رغبة كبيرة في فرض قناعاتها على كل من حولها، حتى لو اضطرها الأمر إلى المغامرة كالرجال، ولقد قدمت هي وفرانك مشاهد كوميدية وأخرى إنسانية لكنها بطابع الكوميديا، وهي من أهم أسباب نجاح الفيلم، حيث يشعر المشاهد بأنه يجلس معهما في القارب، ويعيش تجربة الهرب من أتباع الأمير الألماني ومخاطر الشلال والقبائل المحلية، التي يتضح في النهاية أنهم زملاء فرانك، ويقومون بعمل خطة لتخويف الزوار، من أجل الحصول على المال.
مشاهد تصويرية رائعة
إن هذا النمط من الأفلام هدفه التسلية والترفيه، ولقد نجح الى حد كبير في نحو ساعة ونصف في فرض أجواء ترفيهية وسهلة، فقدم قصة الأسطورة في بداية الفيلم وجعلها أساسا لأحداث المغامرة، إضافة إلى أن البيئة العامة وهي بيئة الأمازون مثيرة للاهتمام جدا، إن من ناحية الأشجار أو الأنهار أو الغابات أو المخلوقات الموجودة فيها، لذلك من الناحية الإخراجية توجد اختيارات مثالية لأماكن التصوير الموجودة في دولة البرازيل، وبعض المشاهد البصرية الرائعة جدا، المونتاج جيد جدا من ناحية التنقل بين الحاضر والماضي، مع وجود توزيع ذكي جدا للقطات الحركة والعبارات الكوميدية، كل هذه الميزات موجودة في النصف الأول من الفيلم، أما النصف الثاني فكان مختلفا تماما، لأنه تم استخدام تقنية الصور المولدة بالحاسب CGI بطريقة خاطئة، فكثير من الأفلام يتم استخدام هذه التقنية فيه، لكن المشاهد لا يشعر بها، بل تظهر له كمشاهد واقعية، إنما في فيلم Jungle cruise لقد بدا واضحا، لدرجة أن المشاهد يشعر بأنه يحضر فيلمين في الوقت نفسه، الجزء الأول عبارة عن فيلم والثاني عبارة عن فيلم آخر، حتى إن النهاية النمطية حطمت كل ما بدأ به الفيلم.
أداء رفيع المستوى
لا يزال النجم دواين جونسون أو”ذا روك” الذي لا يزال عالقا في شخصية جواني، يثبت مقدرته على لعب دور البطولة بتجسيد جيد سواء في الكوميديا أو في الدراما، وكذلك بذل المجهود المضاعف في مشاهد الأكشن الصعبة، بات يلاحظ بوضوح التطور الكبير الذي وصل إليه داوين جونسون، في التعبيرات والارتجال الانفعالي، ما يعكس عدم استخدام عضلاته المفتولة في التمثيل، فيظهر للجميع محترفا في المهنة، وليس يمتهنها من أجل الأموال.
أما إيميلي بلانت التي تمتلك كاريزما كبيرة على الشاشة بتنوعها ما بين الفئات التمثيلية المفاجئة، فهي بالفعل خير معونة لدواين جونسون، واستطاعت مجاراته بنجاح في المواقف التي جمعت بينهما، بخلاف بعض اللحظات الدرامية التي تظهر فيها بالشكل الذي يعرفه جمهورها عنها.
مبني على أسطورة
إن فكرة الفيلم ليست فقط مشابهة لفيلم “قراصنة الكاريبي”، بل هي مبنية على أسطورة راجت في القرن الـ16، عندما سافر الغزاة الإسبان بقيادة “دون أجيري” إلى أمريكا الجنوبية بحثا عن نبتة دموع القمر، من أجل شفاء ابنته الصغيرة طريحة الفراش، وهذه النبتة الأسطورية يمكنها أن تشفي كل الأمراض وتزيل أي لعنة مرضية.
في رحلتهم يتعرض جنود أجيري للموت بسبب المرض، ومن تبقى منهم تقوم قبيلة محلية بمساعدتهم وعلاجهم من بتلات شجرة دموع القمر. لكن عندما يرفض سكان القبيلة الكشف عن مكان هذه الشجرة للقاء دون أجيري يقوم بمهاجمتهم ومحاولة قتلهم. لكنهم يلقون عليه لعنة تجعله يتحول إلى جماد أمام النهر، وكعقاب عليهم ألا يموتوا أبدا، ولن يكونوا قادرين على ترك مشهد النهر.
تجدر الإشارة إلى أن الفيلم استطاع تحقيق إيرادات وصلت إلى 121 مليون دولار حول العالم خلال عرضه في 4310 صالات عرض، وكان قد تم تأجيل طرحه لعام كامل، حيث كان من المقرر أن يطرح في 24 يوليو من 2020.