▪︎ مجلس نيوز
توقع محللون نفطيون، استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد خسائر واسعة الأسبوع الماضي بلغت أكثر من 6 في المائة لخام برنت و7 في المائة للخام الأمريكي، لتسجل الأسعار أدنى المستويات في تسعة أشهر.
ورجح المختصون استمرار الضغوط السلبية على الأسعار وبخاصة انتشار متغير دلتا من فيروس كورونا وعودة قيود التنقل والسفر في عدة اقتصادات آسيوية رئيسة، إضافة إلى ارتفاع الدولار الأمريكي والشكوك حول تعافي الطلب العالمي على النفط الخام والوقود.
وأكدوا لـ”الاقتصادية”، أن تزامن تباطؤ الطلب مع نمو المعروض النفطي من مجموعة “أوبك +” أدى إلى زيادة الضغوط على الأسعار، رغم التزام التحالف بإجراء زيادة حذرة ومحدودة لا تتجاوز 400 ألف برميل يوميا، بينما يستعد وزراء الطاقة في المجموعة إلى عقد اجتماع شهري جديد مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل لتدارس مستجدات أساسيات السوق ومراجعة وتقييم تطورات الطلب بصفة خاصة.
وأشاروا إلى أن استمرار زيادة حالات متغير دلتا عمق القلق لدى المستثمرين من احتمال العودة إلى عمليات الإغلاق والحجر الصحي الذي تسبب في شلل الطلب على النفط في العام الماضي خاصة بعد بدء مناطق في الولايات المتحدة في العودة إلى ارتداء الأقنعة بشكل إلزامي بينما بدأ البعض الآخر في طلب إثبات التطعيم لدخول الأماكن العامة وترافق ذلك مع انخفاض نشاط التصنيع الصيني ومع زيادة إمدادات النفط العالمية، كما ساعد تقرير المخزونات الأمريكية الهبوطي بشكل غير متوقع على تراجع النفط الخام خلال الأسبوع الماضي.
وقال روس كيندي العضو المنتدب لشركة “كيو إتش آي” لخدمات الطاقة، إن حالة تقلبات الأسعار ما زالت مستمرة بشكل ممتد في السوق النفطية وقد تشهد الأسعار بعض التحسن هذا الأسبوع لتعويض الانخفاضات الإجمالية الحادة في الأسبوع الماضي.
وأضاف، “إجمالا يمكن القول إن المعنويات السائدة في أسواق النفط لا تزال حذرة خاصة في ضوء أن الصين والولايات المتحدة تواجهان بشكل مستمر ارتفاعات في حالات الإصابة بمتغير دلتا من فيروس كورونا إلى جانب عودة المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط ما قد يؤدى إلى استمرار تنامي المخزونات النفطية”.
من جانبه، أوضح دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة “تكنيك جروب” الدولية، أن السوق النفطية لديها قناعة بأن تعثر الطلب الحالي قد يكون مؤقتا خاصة أن الجهود الدولية لاحتواء الوباء مستمرة بشكل مكثف وهناك توسع في توزيع اللقاحات وإضافة جرعة ثالثة في بعض الدول للسيطرة على متغير دلتا، مبينا أن الهند تتجه إلى التوسع في إنشاء المصافي وزيادة قدرتها الإنتاجية بنحو 350 ألف برميل يوميا على مدى الأعوام الأربعة المقبلة.
وتوقع زيادات في الطلب بقوة، حيث تشير البيانات النفطية الرسمية في الهند إلى أنه من المرجح نمو طاقة التكرير الإجمالية في الهند بمقدار مليون برميل يوميا بحلول عام 2025 لتصل إلى ستة ملايين برميل يوميا وهو ما يعكس قوة ورسوخ الثقة في عودة تعافي الطلب في ثالث أكبر دولة مستهلكة للطاقة وأسرع اقتصاد دولي في النمو.
من ناحيته، قال بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة إن التقلبات مستمرة في أسعار النفط جراء العوامل المتضادة واسعة التأثير في السوق، ولكن المخاوف السابقة من تجدد وفرة المعروض وخروجها عن سيطرة “أوبك +” صارت مستبعدة خاصة بعد تأكيد كبير المفاوضين الأمريكيين أن الصفقة النووية الإيرانية قد تكون مستحيلة ما يعني غياب أفق عودة الصادرات النفطية الإيرانية إلى السوق في ظل معطيات المرحلة الراهنة وشبه التجمد في مفاوضات فيينا.
وأشار إلى أن التفاؤل محدود أيضا بشأن عودة الصادرات النفطية الفنزويلية بالرغم من بدء محادثات بين الأطراف المتنازعة الأسبوع المقبل وحث كثير من الأطراف الدولية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي تركز على الدبلوماسية على تخفيف عقوبات شركة النفط الوطنية الفنزويلية، مرجحا – نتيجة ذلك – استمرار قيادة مجموعة “أوبك +” لإدارة المعروض النفطي العالمي من خلال برنامج الزيادات الحذر والمحدود على مدار الشهور المقبلة خاصة في ضوء انتهاج السياسات الحذرة نفسها من شركات النفط الصخري الأمريكي.
بدورها، ذكرت أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة “أفريكان ليدرشيب” الدولية، أن حالة عدم اليقين وهشاشة الوضع تسيطران على السوق وهو ما يترجم إلى تقلبات متلاحقة، مبينة أن الثابت الوحيد الذي ظهر هو الرياح المعاكسة المستمرة لأسعار النفط الخام نتيجة تداعيات متغير دلتا من جائحة كورونا.
وأضافت أن الانتشار المستمر لمتغير دلتا أدى إلى ظهور مشاعر هبوطية ساحقة ويبدو أن التجار استيقظوا على حقيقة أن مجموعة “أوبك +” كانت قد اتخذت قرار زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا اعتبارا من أول الشهر الجاري وهو ما أسهم في انخفاض أسعار الخام الأمريكي إلى ما دون 70 دولارا حيث يكافح حاليا من أجل العودة إلى هذا المستوى بينما بقى خام برنت فوق 70 دولارا ويبقى حول هذا السعر الحرج.
وفيما يخص أسعار النفط في ختام الأسبوع الماضي، تراجعت أسعار النفط بنحو 1 في المائة الجمعة الماضي مسجلة أكبر خسائرها الأسبوعية منذ شهور، وسط مخاوف من أن قيود السفر للحد من انتشار سلالة دلتا المتحورة من كوفيد – 19 ستقوض التعافي العالمي في الطلب على الطاقة.
كما تعرضت العقود الآجلة للنفط للضغط مع ارتفاع الدولار بعد أن جاء النمو الشهري للوظائف الأمريكية أعلى من المتوقع. ويجعل ارتفاع الدولار النفط المقوم به أكثر تكلفة بالنسبة إلى المشترين من حائزي العملات الأخرى.
وأغلقت العقود الآجلة لخام برنت على انخفاض 59 سنتا يما يعادل 0.8 في المائة إلى 70.70 دولار، في حين تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 81 سنتا أو 1.2 في المائة لتبلغ عند التسوية 68.28 دولار للبرميل.
وعلى أساس أسبوعي، تخلى خام القياس العالمي برنت عن أكثر من 6 في المائة، وهو أكبر نزول أسبوعي في أربعة أشهر، وهوى غرب تكساس الوسيط بنحو 7 في المائة في أكبر انخفاض أسبوعي له في تسعة أشهر.
وتستعد اليابان لتوسيع قيود الطوارئ لتشمل المزيد من المناطق في البلاد، بينما فرضت الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، قيودا في بعض المدن وألغت الرحلات الجوية.
وقال جيم ريتربوش رئيس ريتربوش آند أسوسيتس في جالينا بولاية إلينوي “أصبحت قيود السفر المتزايدة في الصين محط أنظار المتعاملين ويمكن أن تصبح محركا رئيسا لأسعار النفط مع المضي في هذا الشهر”.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة إن حفارات النفط الأمريكية ارتفعت اثنين إلى 387 الأسبوع الماضي. وتباطأ النمو في عدد الحفارات في الأشهر الأخيرة، إذ تواصل شركات الطاقة التركيز على ضبط رأس المال.