▪︎ مجلس نيوز
المراجع الخارجي أو المحاسب القانوني أو مراجع الحسابات، كما يسميه نظام الشركات السعودي، يعد المصدر الرئيس لإضفاء الثقة وتأكيد التقارير المالية في المنظمات.
تتطور وتستجيب الحوكمة ومهنة المراجعة بشكل مستمر للأحداث الاقتصادية، خاصة حالات الفشل والإفلاس في الشركات الكبيرة، ولطالما ينظر المفكرون للحوكمة كحارس لنجاح الرأسمالية وحرية الأسواق وضامن للازدهار الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. في آذار (مارس) عام 2021 قدمت الحكومة البريطانية مقترحا بعنوان “استعادة الثقة بالمراجعة الخارجية وحوكمة الشركات” وبدأ العمل بهذا المقترح منذ عام 2018 بمشاركة عديد من المختصين والجهات ذات العلاقة بالمهنة والموعد المقترح لبدء تطبيقه عام 2023.
وبرر التقرير المطول الحاجة إلى هذا المقترح بالتالي: “اهتزاز ثقة أصحاب المصلحة والجمهور بمصداقية تقارير مجالس الإدارات والمحاسبين القانونيين بسبب سلسلة من الانهيارات المفاجئة والكبيرة للشركات التي تسببت في أضرار اقتصادية واجتماعية خطيرة، إلى جانب ذلك، وجدت الهيئات التنظيمية للمراجعة في الأعوام الأخيرة أن ما يصل إلى ثلث عمليات المراجعة التي أجرتها شركات المراجعة الكبرى يحتاج إلى تحسين كبير. هناك أيضا مزيد من المخاوف بشأن الافتقار إلى المنافسة والمرونة في سوق المراجعة، والفشل الملحوظ لتقرير المراجعة في تلبية التوقعات المتزايدة لمستخدميه”. لا تقتصر توصيات هذا المشروع على الشركات المدرجة فقط، بل تشمل الشركات الكبرى والمنظمات الأخرى الحكومية وغير الربحية التي تعد مؤثرة اقتصاديا.
يبدو أن هذا المقترح هو تنفيذ أسلوب مشابه لنظام ساربينز أوكسلي في الولايات المتحدة على الشركات البريطانية المستهدفة بهدف تعزيز الضوابط الداخلية والتقارير المالية بما في ذلك زيادة الإفصاح وإعادة تنظيم مهنة المراجعة وتقرير المراجع وإنشاء جهة تنظيمية أقوى مختصة بمهنة مراجعة الحسابات ومفصولة عن مهنة المحاسبة. وفي حال إقرار هذا المشروع سيعد نقلة نوعية في تحسين آليات حوكمة الشركات وسيؤثر حتما في تشريعات الحوكمة في بقية دول العالم، ومثل هذا المشروع – في حال إقراره ونجاحه – سيؤكد ضرورة وجود تدخل أكبر من الحكومات لتنظيم الأسواق وفرض بعض تشريعات الحوكمة في الشركات والمنظمات ذات التأثير الاقتصادي والاجتماعي الكبير، وسيتابع المهتمون بالمهنة بشغف آليات تنفيذ هذا التشريع وتأثيره قبل إعادة تقييمه عام 2025. شملت توصيات المقترح ما يلي:
مساءلة أعضاء مجلس الإدارة عن الرقابة الداخلية وتوزيعات الأرباح والمحافظة على رأس المال: يشمل ذلك تعزيز الإفصاح حول هذه المسائل، إضافة إلى منح المنظم الجديد صلاحيات جديدة فيما يتعلق بكيفية احتساب الشركات احتياطاتها القابلة للتوزيع.
الإفصاح في تقارير الشركات عن ممارسات المرونة والتأكيد والدفع: يشمل ذلك تكليف أعضاء مجلس الإدارة بإعداد تقرير سنوي يحدد توقعاتهم عن المخاطر المستقبلية وطرق معالجتها، إضافة إلى وضع سياسة للمراجعة، تصف النهج المستقبلي لأعضاء مجلس الإدارة للحصول على مراجعة وتأكيد داخلي وخارجي للمعلومات التي يقدمونها إلى المساهمين.
تعزيز الرقابة على تقارير الشركات: يشمل ذلك توفير الصلاحيات للجهات التنظيمية بتوجيه تغييرات إلى حسابات الشركة وتقريرها السنوي دون الحاجة إلى طلب أمر من المحكمة للقيام بذلك.
تعزيز صلاحيات الإنفاذ ضد أعضاء مجلس الإدارة: يشمل ذلك تزويد بعض الجهات التنظيمية بسلطات تحقيق وإنفاذ إضافية فيما يتعلق بانتهاكات الواجبات القانونية المتعلقة بتقارير الشركات والمراجعة وتعزيز ترتيبات لاسترداد مكافآت الرؤساء التنفيذيين حال فشلهم.
الغرض من المراجعة ونطاقها وسد فجوة توقعات المراجعة: يطلب من المراجعين أخذ مجموعة واسعة من المعلومات في الحسبان عند الوصول إلى رأي المراجعة، لا سيما إذا كان رأي المراجع في البيانات المالية “رأيا نظيفا أو غير معدل”. إضافة إلى فرض التزامات جديدة على كل من المراجعين الخارجيين وأعضاء مجلس الإدارة فيما يتعلق باكتشاف ومنع الاحتيال الجوهري.
إشراف لجنة المراجعة ومشاركة المساهمين: تزويد بعض الجهات التنظيمية بصلاحيات وضع وإنفاذ المتطلبات إضافية للجان المراجعة وتمكين مساهمي الشركة من اقتراح مسائل إضافية في نطاق عمل المراجع الخارجي للشركة، وطلب الإفصاح للمساهمين عن مسببات استقالة أو إنهاء التعاقد مع المراجع الخارجي.
تحسين المنافسة والاختيار والمرونة داخل سوق المراجعة: إنشاء “نظام تدقيق مشترك مدار”، لا يصل إلى مستوى تدقيق مشترك كامل، لزيادة فرص الاختيار والمنافسة خاصة لمكاتب المراجعة الأصغر حجما. إضافة إلى الإلزام بالفصل التشغيلي وليس الهيكلي لأقسام التأكيد عن أقسام الاستشارات في بعض مكاتب المراجعة. إضافة إلى إنشاء هيئة جديدة للمراجعة والإفصاح والحوكمة ARGA، وجعلها مسؤولة أمام البرلمان وتزويدها بسلطات إضافية كبيرة للرقابة التنظيمية، مع جعلها أيضا مسؤولة عن الموافقة على تعيين المحاسبين القانونيين للمؤسسات والشركات العامة.