▪︎ مجلس نيوز
هناك ثمانية من بلدان جماعة “إيكواس”، ومعظمها تتحدث اللغة الفرنسية، أعضاء في اتحاد عملة بالفعل – بنين وبوركينا فاسو وكوت ديفوار وغينيا بيساو ومالي والنيجر والسنغال وتوغو. وتطبق هذه البلدان الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا السياسة النقدية وعملة موحدة مربوطة باليورو، وهي الفرنك الإفريقي. وأحرز هذا الاتحاد نجاحا كبيرا، وهو ما يرجع جزئيا إلى تقارب الهيكل الاقتصادي للبلدان الأعضاء، كما أنها بلدان صغيرة وتستفيد بالتالي من وجود بنك مركزي موحد.
وتوجد اختلافات أكثر وضوحا بين بلدان “إيكواس”، ما يفرض مجموعة إضافية من المعوقات الفنية والتشغيلية والسياسية أمام إنشاء اتحاد نقدي فاعل ومستمر وقادر على تحقيق منافع اقتصادية لهذه البلدان. ودعت بعض البلدان إلى إقامة اتحاد نقدي أوسع نطاقا يضم جميع البلدان الإفريقية. ولكن مثل هذا الترتيب سينطوي على معوقات أكبر، نظرا إلى وجود مزيد من الاختلافات بين أعضائه.
وفي الوقت نفسه، ينبغي أن ندرك أن بلدان “إيكواس” بدأت بالتكامل بالفعل من خلال تدفقات البشر والسلع والخدمات. ومن الجوانب الأخرى المتعلقة بالقضايا المشار إليها آنفا، كيفية البناء على هذا التكامل ودعمه.
وتسهم منطقة التجارة الحرة لقارة إفريقيا – حتى شباط (فبراير) 2021، صدق عليها رسميا 36 بلدا من بين 54 بلدا وقعت على الاتفاقية – في الحد – بدرجة كبيرة – من الحواجز الجمركية وغير الجمركية التي تفرض معوقات على حرية حركة السلع الأولية وغيرها من السلع والخدمات عبر إفريقيا، كما توحد أصوات إفريقيا حول قضايا سياسات التجارة العالمية في المنتديات متعددة الأطراف. ومن شأن المنطقة الحرة تشجيع التكامل بين بلدان “إيكواس” وتعزيز الروابط التجارية بينها وبين البلدان الأخرى في قارة إفريقيا.
كذلك اتخذت جماعة “إيكواس” خطوات تجاه تعزيز التكامل التجاري بين أعضائها، بما في ذلك إطلاق برنامج تحرير التجارة بين أعضاء “إيكواس” والتعريفة الخارجية الموحدة في عام 2015. ولكن لا يزال يوجد عدد من الحواجز – حيث تطبق البلدان التعريفة الجمركية بشكل غير متوازن وتفرض قيودا على التجارة عبر حدودها. وتم إحراز تقدم بالفعل في هذا الشأن: فقد اتخذت السلطات الوطنية تدابير على مستوى البلدان – يكملها العمل الجاري على المستوى الإقليمي – لتذليل العقبات أمام التدفقات التجارية. ولكن يتعين القيام بالمزيد لإزالة الحواجز الصريحة والضمنية أمام التجارة داخل المنطقة.
وسيعود هذا التكامل بالنفع على المنطقة، من خلال الحد من المعوقات أمام تدفقات السلع ورأس المال والعمالة عبر الحدود، كما قد يساعد على إعداد المنطقة لإقامة اتحاد نقدي محتمل. وتنشأ عن تحرير التدفقات تكلفة بالطبع. ومن الممكن أن تحدث تعقيدا في عملية صنع السياسات المحلية.
فحركة التدفقات المالية دون قيود داخل المنطقة، يمكن أن تسهم في حدوث دورات انتعاش وركود في أسواق العقارات وغيرها من أسواق الأصول في بعض البلدان. علاوة على ذلك، فإن حركة العمالة بين بلدان “إيكواس” بحثا عن فرص أفضل، قد تنشأ عنها اضطرابات اجتماعية وسياسية.
يجب على قادة بلدان “إيكواس” تحديد مستوى الاتحاد الاقتصادي اللازم لتعزيز استقرار الاتحاد النقدي. ويمكن لبلدان “إيكواس” وباقي بلدان إفريقيا استخلاص دروس مهمة من تجربة منطقة اليورو. فقد نتجت عن التحويلات المالية الصافية الكبيرة إلى البلدان الضعيفة اقتصاديا، ولا سيما خلال أزمة الدين التي تعرضت لها منطقة اليورو وبعدها، ضغوط سياسية واقتصادية هائلة هددت بتفكيك الاتحاد النقدي. ونظرا إلى اختلاف النظم المصرفية عبر بلدان منطقة اليورو، أدت المشكلات المالية في بعض البلدان التي ترتفع فيها فروق أسعار الفائدة على الاقتراض إلى ضغوط إضافية على مستوى النظام كله.
ولا يشترط وجود اتحاد اقتصادي كامل لنجاح الاتحاد النقدي. ولكن أي اتحاد جزئي دون تقارب اقتصادي كلي وأطر مؤسسية قوية قد تنشأ عنه ضغوط هائلة. فاختلاف معدلات نمو الإنتاجية بين البلدان، على سبيل المثال، قد يتطلب تحويلات مالية قد تؤدي بدورها إلى اضطرابات سياسية في غياب الآليات التصحيحية التعويضية اللازمة، كوجود تدفقات موازنة من رأس المال والعمالة. وتعكس الاضطرابات داخل منطقة اليورو بين الاقتصادات الرئيسة والاقتصادات المعرضة لضغوط، هذه المشكلة… يتبع.